تحقيق / د.هند بدارى من المسئول عن حوادث "فلذات أكبادنا " وكيف نضمن إيقاف مسلسل الإهمال بالمدارس والى أى مدى تهتم وزارة التعليم بتكثيف الرقابة على سلامة وأمن التلاميذ ؟.. تساؤلات تؤرق أولياء الأمور الآن بعد تكرار حوادث المدارس حيث تجاوزت 8 وفيات غير الإصابات بمدارس حكومية وخاصة خلال أقل من شهرين منذ بدء الدراسة حتى أوائل نوفمبرالحالى . ورغم اختلاف الأسباب إلا أن هناك حالات متشابهة ترتبط بسقوط لوح زجاجى أو نافورة مياه أو مروحة سقف أو جزء من سور المدرسة مما يكشف أن غياب الصيانة وتهالك المرافق عامل مشترك فى كثير من الحوادث فضلا عن ضعف الرقابة والمتابعة المدرسية لإجراءات السلامة . والأخطر أن الإهمال قد لا يقتصر على إصابة الضحية وانما يمتد لحالة من التراخى فى إنقاذها لينتهى الأمر بمصرعها و تحويل المسئولين للتحقيق وربما يتم وقف مدير المدرسة، و مدير الإدارة التعليمية،ومشرف الصيانة عن العمل لفترة،مع صرف تعويض مادى لأسرة الضحية ،فمتى يتم تدارك الكارثة قبل فوات الأوان ؟. سوء .. الصيانة وردا على التساؤلات التى طرحها موقع أخبار مصر ، قالت أسماء عبدالفتاح إحدى قيادات ديوان مديرية التعليم بالقاهرة ومديرإدارة النزهة التعليمية سابقا للموقع إنها فى اجتماعات مستمرة لضمان سلامة التلاميذ وتلافى تكرار ما وقع من حوادث ،بعضها يعتبر قضاء وقدر، فعلى سبيل المثال الطالب يوسف محمد بمدرسة عمار بن ياسر بإدارة المطرية التعليمية لقى مصرعه إثر تأثره بجروح نافذة في الرقبة والقلب نتيجة إغلاقه نافذة فصله بعنف وتساقط الزجاج عليه ،وبالتالى لم يكن خطأ المدير ولا المدرسة وانما يعزى الى سوء الصيانة ومن هنا تمت مخاطبة هيئة الأبنية التعليمية والتى تعانى من ضعف المخصصات المالية لكنها وضعت خططا للصيانة وفق أولوية الحالة لمنع تكرار هذه الحوادث . وأكدت أسماء عبد الفتاح أنه تم تكثيف المرور الدورى وفق تعليمات الوزارة التى ستقوم بالزيارات الميدانية للإدارات والمدارس وتم توظيف "مخصصات اللامركزية" لأعمال الصيانة والترميم وفق احتياج كل مدرسة حسب عدد تلاميذها وذلك بعد إلغاء التبرعات التى كانت تفعل دور الأنشطة الأهلية فى رعاية وحماية التلاميذ . وأشارت الى انه جارى العمل على قدم وساق لحماية الطلاب من اى خطر محتمل مشيرة الى التنبيه على تهالك سور مدرسة قبل وقوعه لافتة الى ان هذه الحوادث نتجت عن فترة من الانفلات غاب فيها الاهتمام والحضور عن كثير من المدارس على مدى نحو 3 سنوات مضت . وأكد أحمد عبد العاطى مدير إدارة مصر القديمة التعليمية تشكيل لجان للمرور الدورى على المدارس للتحقق من إتخاذ كل التدابير والاجراءات الكفيلة بتأمين التلاميذ فى مختلف المدارس منذ دخول المدرسة حتى مغادرتها . واشار الى أن الإدارة لم تشهد وقوع حوادث جسيمة بالمدارس التابعة لها لإهتمامها بالمتابعة والإشراف اليومى . كثافة طلابية وعنف وقالت زينب السيد وكيل احدى المدارس الاعدادية بالجيزة إن كثافة الطلاب كبيرة جدا بفصول المدارس خاصة الحكومية وبالتالى من الصعب أن تراقبهم عين المدرس أو المشرف طوال اليوم خاصة أن هذا الجيل يتسم بالعنف والتمرد وقد ينهر الأخصائى اذا حاصره وقت الفسحة مثلا . واستدركت ، قائلة " نحن أيضا أولياء أمور ونعيش فى قلق وحزن ولاننكر حقهم فى أن يتعلموا فى بيئة آمنة ومستقرة حتى لا يكونوا مهددين فى اى لحظة بهذه الحوادث ،فلابد مثلا من عدم وجود أسلاك كهربائية مكشوفة أو زجاج مكسور أو جدا متهدم ،مع ضرورة فحص المبانى من فترة لأخرى وكتابة تقرير عن توافر شروط الأمان فى المبانى وإلا يتم نقلهم فورا . وطالبت بتخصيص طبيب لكل مدرسة أو على الأقل لكل خمس مدارس وصيدلية وسيارة للإسعاف السريع بالمحيط السكنى نفسه لإنقاذ الطلاب عند تعرضهم لأى أذى من خلال تحسين الرعاية الصحية المدرسية . صيحة .. تحذير بينما قال المهندس محمد حسين عضو بمجلس آباء مدرسة لغات ابتدائى "لا أتصور أن يذهب ابنى ليتعلم ثم يعود معاقا أو جثة هامدة ومن هنا أطلق انذارا بحاجة المدارس الى تطوير الخدمات وليس الواجهات بحيث تشمل تجهيز العيادات الطبية، وترميم الأبنية المتهالكة، و تأهيل المدرسين للتعامل مع الحالات الطارئة، متسائلا :أين تذهب الآلاف التى تحصلها منا المدارس الخاصة واللغات اذا كانت لاتوفر الحماية لأبنائنا ؟. واستنكر الأب مبررات بعض المديرين بأن الأطفال "أشقياء " أوأصيبوا عند محاولة الهرب قفزا من فوق الأسوار مثل الطالب بيتر مجدى الذى لقى مصرعه إثر سقوطه على سيخ حديد أثناء محاولته الهرب من مدرسة أحمد بهجت الثانوية التابعة لإدارة الهرم، قائلا بأسى "فهل المطلوب أن نحاسب الصغاربدلا من التساؤل عن أسباب هروبهم من المدارس ؟ ..والإجابة ببساطة هى أنهم لو كانوا يتلقون تعليما جيدا ويحظون بالرعاية داخل المدرسة ما فكروا فى الهرب الى البيوت ومراكز الدروس الخصوصية أو مقاهى الانترنت . واستطرد ، قائلا" أما عنف الصغار فيمكن احتواؤه لو كان الإشراف المدرسي موجودا بالفعل وليس حبرا على ورق فعندما حاول الطالب "بيتر مجدي" الهروب أثناء حصة التربية الرياضية في فناء مدرسته ..أين كانت متابعة المشرفين ومسئولى الكوارث والمديرين ؟". لجنة ثلاثية للأزمات وأوضحت فاتن حنفى مدير الشئون المالية والادارية بإدارة منشأة ناصر التعليمية سابقا للموقع إن كل مدرسة وكل إدارة تعليمية وكل مديرية بها مسئول كوارث مهمته متابعة حالة الفصول والفناء ودورات المياه والمبانى والاسوار بحيث اذا وجد مثلا "بالوعة بلا غطاء أو غطاءها مرتفع′′ يبلغ ويحيطها بسياج واذا وجد زجاجا مكسورا أو أسياخا بالاسوار يرفعها او يحمى الطلبة منها بالتنبيه واذا لاحظ تهالك مبنى يبلغ مسئول المبانى بالمديرية . واقترحت فاتن حنفى تشكيل لجنة ثلاثية للازمات داخل كل مدرسة من "مسئول الكوارث ومسئول المبانى ومسئول الامن" يرأسها المدير شخصيا بحيث ترفع له تقريرا يوميا عن المخالفات على ان يبادر بحلها فورا ويمكن إشراك مجالس الاباء فى المتابعة والدعم . وفيما يتعلق بسرعة إنقاذ المصابين بالمدرسة ، أكدت أنه على طبيب المدرسة إن وجد أو المشرف اليومى الإسراع بنقل المصاب الى أقرب مستشفى ثم يتم نقله بعد ذلك للمستشفى التابعة للتأمين الصحى لو سمحت حالته أو يظل بالمستشفى على أن يتحمل التأمين الصحى نفقات علاجه مشيرة الى وجود كارنيه تأمين إجبارى لكل تلميذ وأنه يتم تسجيل بياناته بما فيها الرقم القومى والتأمينى على سجل المدارس بالحكومة الالكترونية . ووفق احصائية أعدتها الإدارة العامة للمعلومات والحاسب الآلي بديوان عام وزارة التربية والتعليم منتصف العام الدراسي 2013/2014 يصل عدد الطلاب بالمدارس 18555232 طالبا وطالبة ، ويحتل الطلاب بالمرحلة الابتدائية النصيب الأكبر ليصل عددهم 9906249 طالبا وطالبة ، مقابل 4337705 بالإعدادى و 1455472 طالبا وطالبة بالثانوى العام . الإهمال واللامبالاة أما د. جمال شفيق رئيس قسم الدراسات النفسية بمعهد الدراسات العليا للطفولة بجامعة عين شمس ومقرر لجنة قطاع الطفولة بالمجلس الأعلى للجامعات، فيرى أن تحليل أسباب الحوادث يكشف أنها ناتجة بالدرجة الأولى عن الإهمال واللامبالاة وانعدام الضمير والتفريط فى الأمانة وعدم تحمل المسئولية . واقترح د. شفيق عذدا من الحلول التى يمكن أن تقلل من الحوادث المتكررة بالمدارس ومنها ضرورة وجود وحدة لإدارة الأزمات والكوارث بكل مدرسة ،يشرف عليها مباشرة مدير المرحلة التعليمية ومسئول الأمن بالإدارة ومدير المدرسة، مع قيام مجالس الامناء والأباء والمعلمين بالمدارس بدورها الأساسى الآباء حتى يتجنبوا الصدمات . وشدد د.شفيق على أهمية تفعيل نص المادة 97 من قانون الطفل المصرى على إنشاء لجنة لحماية الطفولة برئاسة المحافظ وعضوية مديرى مديريات الأمن والمختصين بالشئون الإجتماعية والتعليم والصحة وممثل عن مؤسسات المجتمع المدنى المعنية بشئون الطفولة ومن يرى المحافظ الاستعانة به. المسئولية .. سياسية ومن جانبه ، أكد هانى كمال، المتحدث الإعلامى باسم وزارة التربية والتعليم،أن الوزارة مسئوليتها سياسية وليست جنائية وأنه سيتم معاقبة جميع المقصرين دون تهاون مع تكثيف الزيارات الميدانية المفاجئة لمراقبة المدارس موضحا أن اختصاصات الوزير تتمثل في وضع الخطط والإستراتيجيات ولكن نظرا لوجود لامركزية في تطبيقها بالمدارس، فمسئولية الحوادث يتحملها أولا المحافظون ومديروالمدارس المسئولون عن إتخاذ القرارات المباشرة. وأوضح كمال انه من الصعب الآن تجهيز كل المدارس بأطباء لأن هناك نحو 50 ألف مدرسة ، ولكن ما تستطع الوزارة القيام به أن توفر طبيبا لكل 6 أو 7 مدارس، وأضاف المتحدث الإعلامى أن الدكتور محمود أبو النصر، وزير التربية والتعليم طالب مديرى العموم بالتشديد على مراجعة كل أعمال الصيانة وأن تتابع هيئة الأبنية التعليمية جميع أعمالها بالمدارس وتفعبل دور الاشراف المدرسى بما لايسمح بتكرار هذه الحوادث . وقبل أن نتلقى صدمة جديدة بمدرسة هنا أو هناك ، مطلوب من الجميع مسئولين ومديرين ومشرفين وآباء ومدرسين رعاية التلاميذ تعليميا وصحيا وإنسانيا داخل أسرة مدرسية أمينة وآمنة .