"عندما يتحول الإعلامي لمحلل سياسي فهذا خطأ كبير وحينما يتحول لخبير سياسي ويستخدم مصطلحات سياسية في غير معناها فهي جريمة وتضليل للناس".. هكذا رأى بعض الخبراء السياسيين، معتبرين أن الإعلاميين كان لهم الدور الأبرز في تغييب عقول طائفة كبيرة من الناس وإقناعهم بأشياء غير حقيقية. فيقول الدكتور محمد سيد أحمد أستاذ علم الاجتماع السياسي بأكاديمية الشروق والحاصل على الدكتوراه في تحليل الخطاب السياسي إن الإعلاميين نصبوا أنفسهم خبراء ومحللين سياسيين وبدأوا يستخدموا مصطلحات تخالف معانيها في العلوم السياسية فغيبوا الكثير من المواطنين.
النظام وضرب مثلًا بكلمة النظام موضحًا أن الإعلاميين يستخدمونها لتهدئة الناس وربطها بالإطاحة بمجموعة من الأشخاص عن سدة الحكم بينما معنى كلمة النظام هو جملة السياسات الاقتصادية والاجتماعية التي تنتهجها الإدارة السياسية فإذا تغير الأشخاص وتغيرت السياسات الاجتماعية والاقتصادية وانحازت للفقراء يصبح النظام سقط. وأضاف ل"مصر العربية" أن سقوط حسني مبارك ومن معه وأيضًا محمد مرسي وجماعته لا يعني سقوط النظام فهؤلاء يسمون السلطة السياسية أو التنفيذية ولكن بدون تغيير في السياسات الفاسدة لا يصبح النظام قد سقط.
الثورة – الربيع العربي وأوضح سيد أن الإعلام أيضًا يردد مصطلح الثورة في غير محلها فيطلق على 30 يونيه أنها ثورة مع إن 25 يناير ثورة لم تكتمل منوهًا إلى أن مصطلح الثورة يطلق على أحداث معينة تؤدي إلى تغيير جذري في النظام الإداري والمؤسسي والفكري في الدولة بجانب وهو مالم يحدث للآن فليس كل تظاهرات يقال عنها ثورة. واستطرد: "أيضًا مصطلح الربيع العربي خاطئ فهناك دول ساءت الأوضاع فيها فلا يمكن وصف الثورات بالربيع إلا بعدما تجني ثمارها ". ودلل:" تونس اختارت فلول الرئيس الهارب زين العابدين بن علي في الانتخابات البرلمانية وفي مصر فلول الحزب الوطني عائدون بقوة وسوف يكون لهم الغلبة في البرلمان".
المستثمرون ورأى سيد أن الإعلام يردد كلمة المستثمرين في غير محلها من أجل بعض الأهداف السياسية غير السوية منوهًا إلى المستثمر هو من يؤسس مشروعا ضخما منتجا يوفر فرص عمل للمصريين ويكون له أثر على الناس. وأشار إلى أن الإعلام يطلق على أحمد عز ونجيب ساويرس مستثمرين وهذا خاطئ لأنهم سماسرة أخذوا شركات ملك الدولة وانتفعوا بها وربحوا المليارات من ورائها ثم باعوها وهذا يتنافى مع فكرة الاستثمار– على حد وصفه. وبين أن العاملين في القطاع الخدمي لا يطلق عليهم مستثمرين فالمستثمر هو من يعمل فقط في المشاريع الإنتاجية.
الفلول وأردف: " الإعلام يتلاعب أيضًا بمصطلح الفلول ليطلقه على ناس ليس لهم علاقة به أو يحاول أن يبرئ البعض من صفة الفلولية". وأوضح أن مصطلح الفل تعني في اللغة الرمح المكسور سنه وفي العلوم السياسية هم المستفيدون من نظام سياسي معين أطاحت به ثورة ويحاولون مقاومة هذا التغير مثل قيادات الحزب الوطني وبعض قيادات الإخوان التي كانت منتفعة من النظام القديم.
الطابور الخامس وألمح سيد أن الإعلاميين وخاصة توفيق عكاشة يكثرون من ترديد مصطلح الطابور الخامس لوصف بعض النخب والمثقفين وهذا مصطلح استخدم في الحرب العالمية وقصد به الجواسيس حينها وهم الذين يمدون مخابرات الدول المعادية بالمعلومات وانتهى هذا المصطلح منذ الحرب العالمية ولا يمكن وصف المعارضين به حتى إن أريد القول أنهم خونة أو يضرون الأمن الوطني.
الأمن القومي وأضاف على حديثه الدكتور محمد حسين أستاذ العلاقات الدولية بجامعة القاهرة بأن المذيعين يستخدمون كلمة الأمن القومي في غير موقعها ليخيفوا بها الناس مبينًا أنهم يستخدمونها في الإشارة إلى حدود الدولة. وكشف أن كلمة الأمن القومي مصطلح عام يشمل أمورا كثيرة ومنها التماسك القومي والاقتصادي وصلابة القيادة ورضا الناس عن النظام وعدم التناحر الداخلي ولكن الإعلام يختزلها في المسائل الأمنية رغم أنها تتجاوزه بمراحل.
البروتوكول وأشار إلى أن مصطلح البروتوكول يستخدم أصلًا في غير محله فبعض الإعلاميين يستخدمونه في تبرير بعض المواقف السياسية على أنها من باب البروتوكول مفيدًا بأن البروتوكول يعني الإتيكيت أي يحدد من يجلس على يمين رئيس الجمهورية ومن على يساره ولمن أولوية الجلوس. وتابع: "البروتوكول هو فن تنظيم المراسم فقط ولا يتدخل في السياسات الدولية بأي شكل من الأشكال".
الاتفاقات – المعاهدات ورأى حسين أن الإعلام لا يفرق بين الاتفاقات والمعاهدات مبينًا أن المعاهدة هي أشمل بكثير من الاتفاقية فالمعاهدة تكون بين دولتين أو ثلاثة وتظل مفتوحة أمام انضمام آخرين وأما الاتفاقية فهي جزئية وتكون بين دولتين أو وزارتين من دولتين مختلفتين وحسب. وحذر حسين من تقمص بعض الإعلاميين دور محللي العلاقات الدولية مشيرًا إلى أن هذا يفسد بعض العلاقات بالدول ويترك أثرا نفسيا سلبيا في الدول حتى إن عادت العلاقات جيدة بين الدول.