في اللحظة التي أطلق التليفزيون المصري و لأول مرة منذ ما يقرب من أسبوعين خبرًا صحيحًا، دبت الحياة في شوارعنا و انطلقت الزغاريد و التهاني و علت أصوات المهنئين بالنصر على سنوات الذل و المهانة و الخوف من المجهول. انتصرت عزيمة الشباب و إرادة الشعب على تيبس العقول و حكم العصا و العسكر و العسس الذي استمر لثلاثين عامًا يقتل همم الشباب و يغرس فيهم الإحباط و يزرع الجهل و المرض و يحصد من كد الشعب الصبور المكافح مليارات المليارات. انتهت حقبة التزوير في الإرادة لتبدأ سنواتٌ جديدة من الأمل نبنيها بسواعد الشباب التي طالما عطلتها بيروقراطية النظام الغاشم. منذ أشهر قليلة أعلنوا سيادتهم الكاملة تحت قبة المجلس بزور عقيدتهم التي كذبوا فيها و صدقوا أكاذيبهم. تلك القبة التي جلس تحتها الشرفاء ينادون مليًّا بمحاربة الفساد و لا تجد لهم أيَّ مجيب، هي نفس القبة التي جلس تحتها مَن نزعت شهواتُ نفوسهم و جمعُ المال الرحمةَ من قلوبهم على هذا الشعب الذي أطلق صرخته ضد الظلم و وحد الله كلمته على الحق المبين.افرحوا و استبشروا اليوم فما عاد لنا إلا أن نتهلل بالفرحة لزوال الغمة عنا. لكن لا تأخذنا الفرحة و ننسى أن نبني غدنا. علينا جميعًا ألا نترك الميدان و لا نغادره قبل أن تُجرى انتخابات يصوتُ فيها و لأول مرة كلُّ جموع الشعب التي خرجت منذ الخامس و العشرين من الشهر الماضي و ظلت في العراء تقتسم الفتات لتحصد نتيجة صبرٍ نفذ حتى سمع الجميع هذا القرار. و في مخيلتي أنها الانتخابات الأولى من نوعها التي سيُجريها الشعب بإشرافه و باختياره فما عاد هناك من يزور له إرادته بعد اليوم. و بهذا تكتملُ فرحتنا و نضمدُ جراحنا و نثأر بعدها لدماءٍ طاهرة خضبت أرض الميدان و ميادين مصر الحرة.