ماكان حديثا يرتجى..ولكنه حديث ترك بابى صدفة حين رفعتُ وجهى وأنا أتوضأ لصلاة العشاء فصدمتنى المرآةُ بلون شعرى الأبيض..هبط قلبى إلى قدمى التى تركت الحوض ونزلتْ فى حركة فجائية لم أعهدها بحكم السن طبعا ...وشعرت بأنى أريدُ أن أبتسمَ ابتسامةً صفراء ، ولكنى تراجعتُ وابتسمتُ ابتسامةً رمادية بحكم الانتماء فقط لاسمى وعشيرتى وحياتى... أرجوك لا تبتسم...فليس الأمر يحتملُ هذه الابتسامةُ من حضرتك.. فقد سُرق العمر منى ..ولست أدرى متى حدثتْ السرقة ، فكل ما أذكره هو استخراجى لبطاقة هويتى بأمر القانون كما تعرف للا لتحاق بالخدمة العسكرية دفاعا عن الوطن..ولم استخرج بطاقة الإنتخاب الخاصة بى فليس هناك قانونا يجبرنى على ذلك فجأة وأنا منهمك فى حديثِ الشجن هذا ، ومع ترانيم أغنية بحب الناس الرايقة جاء صوت زوجتى تستعجلنى للخروج مع سؤالها.. (أنتَ بتعمل إيه جوه ..دا أنت لو بتغسل كرشة كنت خلصت) أقول لك الحق ، لقد هممتُ بالخروج ولكنى ترددتُ كثيرا بين الخروج وبقائى بالحمام ، ذلك لأن بداخله الشيطان وبخارجه زوجتى أى أن البحر من أمامكم والعدو من ورائكم ولكَ أنتَ أن تختار مَنْ البحر هنا ومن العدو... فكرت قليلا وسريعا جدا ، ولم أدر إلا وأنا أقص ما بقى من شعرى الأبيض وأرميه فى الحمام وأطلق فوقه الماء ثم وقفت على عتبه الحمام فلا أنا بداخله ولا أنا بخارجه وضحكت ضحكة مدوية وكأنى انتصرتُ فى أم المعارك..