بقلم الكاتب و السينارست والمُعد المصري وائل مصباح المقال الخامس والثلاثون المدى الزمني للفوضى الثورية!! نجحت ثورة 25 يناير أو هكذا اعتقدنا،وتنحى مبارك عن الحكم مسلما إدارة مصر إلى الجيش ممثل في المجلس العسكري الأعلى،وكما يعلمنا التاريخ نعيش الآن الثورة مرحلة فوضى ما بعد الثورة،ولكن هل لهذه الفوضى مدى زمني محدد؟!! لقد قامت الثورة من أجل إحداث تغيير ما بعد أن أصبحت الحياة في ظل عهد المخلوع لا تطاق لا من ناحية الحريات والكرامة ولا من الناحية الاقتصادية ولا حتى من الناحية الأخلاقية، لكن المشكلة الرئيسية أن هذا التغيير المنشود كان حلما أقصاه محاولة اقتباس تجارب الديمقراطية في بلدان العالم الغربي على أمل تكرار نموذجي ماليزيا وتركيا ، أما في أدناه فقد كان الحلم إحداث مجرد تغيير في بنية النظام الحاكم لفسح المجال لتطوير وتحسين الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والسياسية للخروج بالبلد من عنق الزجاجة،لكن حلم الثوار لم يصل أبداً إلى النقطة الحرجة التي تؤدي إلى انفجار الروح الثورية في جميع أركان المجتمع بحيث يأخذ خطاً ذي اتجاه واحد يجعل التساؤل عن موعد انتهاء الثورة مجرد جملة لا محل لها من الإعراب،لسنا متفردون ولن نكون،فالغرب ورغم تقدمه إلا أن تاريخه مليء بالتخبط، فتارة يهيمون في الواقعية،وتارة يهيمون في الرومانسية،وتارة يؤيدون العقلانية...الخ،واعتقد أن احدد أسباب هذا التخبط في المذاهب هو الثورة الفرنسية. "إنها الفوضى"كما أرادها لنا و تنبأ بها المخلوع،فهل لازلتم تتذكروا مقولته:"أنا أو الفوضى"..هل كان حقا يعرف شعبه تمام المعرفة...و عرف أن الفوضى هي البديل الطبيعي للقبضة الأمنية الحديدية التي كان يحكم مصر بها على مدار ثلاثة عقود...؟!!أم انه سعى و عصابته إلى حدوثها و نجح في مسعاه بالفعل؟!!". "من الأخر،اللعب بقى على الكيف و كل واحد في البلد دي بيعمل اللي هو عايزه بأريحية تامة،و هي دي الفوضى بعينها،جمع كل هذه المشاهد السابقة سيتشكل لك فورا لوحة لحالة فوضى عارمة..استطيع أن أجزم إنها تحدث بفعل فاعل و ليست بصورة عفوية،فمن المؤكد أن أعداء هذه الثورة كثر،يعملون بكل همة و إخلاص على تعميق مظاهر الفوضى القذرة التي يعيشها المجتمع المصري حاليا،يساعدهم في ذلك -عن غير قصد- في اغلب الأحيان قطاعات عديدة من الشعب يحركها جهلها،أو غبائها أو حتى أطماعها في رسم أسوأ صورة يمكن أن تراها لوطن،وما أدراك ما هذا الوطن،ورغم كل ذلك يبقى لدي بصيص من أمل!! رغم إننا ومنذ عامين لم نفعل شئ سوى الوقوف في الشارع تحت دعوة"الثورة مستمرة"مستمرة لمتى؟إلى أن تتحقق المطالب – هكذا يقول من يتحدث بحديث "الثورة مستمرة"،وجملة "الثورة مستمرة" معناها أنها لم تنجح وأن الفشل يلاحقها، وإلا- لم يكن هناك أي دعوى لاستمرارها، ونلاحظ أن "استمرار الثورة" هذا في عرف الناس معناه استمرار النزول والخروج إلى الميدان،استمرار المسيرات كل أسبوع،بعد أن أصبح النزول إلى ميدان التحرير"شهوة" و "عادة" و "رغبة في الظهور" لدى بعض الناس،والبعض الآخر لديه حنين لأيام يناير وإعادة مغامرات الكر والفر مع جهاز الشرطة داخل الميدان،ولهذا فأينما وجدت دعوه للنزول إلى الميدان ستجد الكثير ممن كانوا في الميدان يلبون هذه الدعوة دون أي تفكير،أنا شخصياً أؤمن بأن الثورة بمفهومها الشامل والصحيح لا تتوقف أبداً،فهي علامة على صحة المجتمع ومتى توقفت بدء المجتمع في التهاوي إلى الأسفل مع مرور الوقت،فكيف تنتهي الثورة ولم تصبح جامعاتنا بعد تتنافس وتتبادل فيما بينها المراكز الأولى على مستوى العالم،ويبقى السؤال الأهم متى تنتهي تلك الحالة الفوضوية؟!! إن الإجابة الحاسمة تحتاج منا أولاً وقفة لإعادة صياغة مفهوم الثورة ضمن الإطار الصحيح حتى نتمكن من الإجابة بشكل سليم، إننا بحاجة لأن نعيد تعريف مفهوم الثورة من جديد من جهة، ومظاهرها وآلياتها من جهة أخرى قبل أن نقرر ما إذا كانت قد انتهت أم لا، أو هل ستنتهي قريباً مظاهرها الفوضوية أم لا؟ إلى اللقاء في المقال السادس والثلاثون مع تحيات فيلسوف الثورة وائل مصباح عبد المحسن