تعرف على شروط التقديم على وظائف العمل المتاحة في محافظة القاهرة    الوضع الكارثى بكليات الحقوق    بعد إعادة انتخابها ل4 سنوات مقبلة.. المشاط تهنئ رئيسة البنك الأوروبي: حافلة بالتحديات    عيار 21 يسجل زيادة جديدة الآن.. سعر الذهب اليوم الجمعة 17-5- 2024 بالتعاملات المسائية للصاغة    رئيس COP28: العالم أمام فرصة استثنائية هى الأهم منذ الثورة الصناعية الأولى    25 ألف فلسطيني يؤدون صلاة الجمعة في الأقصى.. واستشهاد شاب بالضفة    رئيس وزراء سلوفاكيا مازال يرقد بالعناية المركزة بالمستشفى عقب محاولة اغتياله    الأونروا: أكثر من 630 ألف شخص نزحوا من رفح منذ السادس من مايو الحالي    بوتين: العملية العسكرية في خاركيف هدفها إنشاء منطقة عازلة    بعد 8 سنوات.. النني يعلن رحيله عن آرسنال (فيديو)    مباشر مباراة الهلال والنصر (0-0) في الدوري السعودي    جوارديولا عن التتويج بالدوري الإنجليزي: آرسنال لن يمنحنا فرصة جديدة    رئيس الاتحاد الفلسطيني يكشف تحركاته نحو تعليق مشاركة الكيان الصهيوني دوليًا    متابعة جاهزية اللجان بتعليم الجيزة استعدادا للشهادة الإعدادية    أبرزهم يسرا وسعيد صالح.. نجوم برزت عادل إمام وحولته للزعيم بعد نجاحهم فنياً    ليلى علوي في موقف مُحرج بسبب احتفالها بعيد ميلاد عادل إمام.. ما القصة؟    متحف البريد المصري يستقبل الزائرين غدًا بالمجان    محافظ أسيوط ومساعد وزير الصحة يتفقدان موقع إنشاء مستشفى القوصية المركزي    بعجينة هشة.. طريقة تحضير كرواسون الشوكولاتة    الإنتهاء من المستوى الأول من وعاء الاحتواء الداخلى لمبنى المفاعل بمحطة الضبعة النووية    مؤتمر أرتيتا عن – حقيقة رسالته إلى مويس لإيقاف سيتي.. وهل يؤمن بفرصة الفوز بالدوري؟    وزارة العمل تعلن عن 2772 فُرصة عمل جديدة فى 45 شركة خاصة فى 9 مُحافظات    موعد عيد الأضحى المبارك 2024.. بدأ العد التنازلي ل وقفة عرفات    «جمارك القاهرة» تحبط محاولة تهريب 4 آلاف قرص مخدر    تحديث جديد لأسعار الذهب اليوم في منتصف التعاملات.. عيار 21 بكام    إعلام فلسطيني: شهيدان ومصاب في قصف إسرائيلي استهدف مواطنين بحي الزهور    أوقاف البحيرة تفتتح 3 مساجد جديدة    جوري بكر تعلن انفصالها بعد عام من الزواج: استحملت اللي مفيش جبل يستحمله    أحمد السقا: يوم ما أموت هموت قدام الكاميرا    هشام ماجد ينشر فيديو من كواليس "فاصل من اللحظات اللذيذة".. والجمهور: انت بتتحول؟    الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم: قد نتوجه لكونجرس الكاف بشأن مشاركة إسرائيل في المباريات الدولية    دعاء يوم الجمعة وساعة الاستجابة.. اغتنم تلك الفترة    «تقدر في 10 أيام».. موعد مراجعات الثانوية العامة في مطروح    مساندة الخطيب تمنح الثقة    تناولها أثناء الامتحانات.. 4 مشروبات تساعدك على الحفظ والتركيز    اندلاع حريق هائل داخل مخزن مراتب بالبدرشين    "واشنطن بوست": الحرب من أجل الحرب تلبي هدف نتنياهو بالبقاء في السلطة لكنها لا تلبي أهداف أمريكا    ما هو الدين الذي تعهد طارق الشناوي بسداده عندما شعر بقرب نهايته؟    ضبط سائق بالدقهلية استولى على 3 ملايين جنيه من مواطنين بدعوى توظيفها    المفتي: "حياة كريمة" من خصوصيات مصر.. ويجوز التبرع لكل مؤسسة معتمدة من الدولة    محافظ المنيا: توريد 226 ألف طن قمح منذ بدء الموسم    «المرض» يكتب النهاية في حياة المراسل أحمد نوير.. حزن رياضي وإعلامي    بالصور- التحفظ على 337 أسطوانة بوتاجاز لاستخدامها في غير أغراضها    كوريا الشمالية ترد على تدريبات جارتها الجنوبية بصاروخ بالستي.. تجاه البحر الشرقي    في اليوم العالمي ل«القاتل الصامت».. من هم الأشخاص الأكثر عُرضة للإصابة به ونصائح للتعامل معه؟    كيف يمكنك حفظ اللحوم بشكل صحي مع اقتراب عيد الأضحى 2024؟    أوقاف دمياط تنظم 41 ندوة علمية فقهية لشرح مناسك الحج    الاتحاد العالمي للمواطن المصري: نحن على مسافة واحدة من الكيانات المصرية بالخارج    تفاصيل حادث الفنان جلال الزكي وسبب انقلاب سيارته    وفد «اليونسكو» يزور المتحف المصري الكبير    «واجبنا تجاه المنافع المشتركة والأماكن والمرافق العامة» موضوع خطبة الجمعة اليوم    سعر جرام الذهب في مصر صباح الجمعة 17 مايو 2024    «الإفتاء» تنصح بقراءة 4 سور في يوم الجمعة.. رددها 7 مرات لتحفظك    "حزب الله" يشن هجوما جويا على خيم مبيت جنود الجيش الإسرائيلي في جعتون    أحمد سليمان: "أشعر أن مصر كلها زملكاوية.. وهذا موقف التذاكر"    محمد عبد الجليل: مباراة الأهلي والترجي ستكون مثل لعبة الشطرنج    «الأرصاد»: ارتفاع درجات الحرارة اليوم.. والعظمى في القاهرة 35 مئوية    لا عملتها ولا بحبها.. يوسف زيدان يعلق على "مناظرة بحيري ورشدي"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حتمية التغيير في عالم متغير ..
نشر في الواقع يوم 23 - 03 - 2012


بقلم نبيل عودة
يشتد الانتقاد في المجتمعات العربية والإسلامية، لما يعرف ب "الحداثة الإمبريالية الصليبية الصهيونية "، حسب تعابير دارجة ، أضحت صيغة ثابتة تستعمل تلقائيا للتغطية على كل حدث يثير الشك في مضمونه، دون أي اجتهاد لفهم الحالة التي قادتنا الى الحدث المعين، وكأننا مجرد نماذج مختبرات تجري علينا التجارب دون ان يكون لنا راي او رد فعل او تحرك مضاد، وكأن الصيغة اعلاه هي كل ما نملك للتوظيف المضاد.
السؤال الذي يفرض نفسه هنا، هل كون الحداثة (أو رديفها: التنوير) التي جاءت ضمن انجازات المجتمعات الرأسمالية المتطورة، وهي نفسها مجتمعات النظام الإمبريالي ، كاف لكي نرفضها ونتعامل معها بعدائية ورفض بدون تمييز ما هو ضروري وملح ومن المستحيل رفضه، وبين ما هو مرفوض لأسباب مختلفة ويمكن ايجاد بدائل اكثر تماثلا مع ثقافتنا؟
حسب مفاهيم التيار الماركسي- اللينيني الامبريالية هي أعلى مراحل الراسمالية، ولكن بات واضحا قطعيا ان الامبريالية هي مرحلة اخرى في التطور وليست الأخيرة ،ولا يمكن قبول الطرح المتسرع الذي طرح رؤية مبكرة بنيت على ميول عقائدية، وعلى ظواهر مبكرة من تطور المجتمعات الرأسمالية، بان كل تطور راسمالي هو من حيث الجوهر مرحلة في الطريق للإضمحلال. او الحكم سلفا ، في مرحلة شهدت انتشارا هائلا للفكر الإشتراكي، أحدث تحديات كبيرة للأنظمة الرأسمالية، خاصة بعد نجاح البلاشفة في روسيا، في انجاز ثورة اشتراكية (اوكتوبر 1917) التي اسقطت الثورة البرجوازية ونظامها (شباط 1917) ،أي بعد بضع أشهر فقط.. مما قد يكون اضاف للرؤية المتسرعة حول وصول الرأسمالية الى مرحلتها الأخيرة – الإمبريالية؟
ان التطور في النظام البرجوازي – الرأسمالي لم يتوقف بعد مرحلة الامبريالية الكلاسيكية. وحتى ما يعرف برأسمالية الدولة الاحتكارية هو تحرك ( تطور جديد) نحو ما يمكن تسميته اليوم برأسمالية مجموعة دول احتكارية متحدة (السوق الأوروبية المشتركة مثلا) ونحن نعيش اليوم مرحلة العولمة التي يصفها البعض بالعولمة الرأسمالية، وهي حقا عولمة رأسمالية في جذورها رغم طابعها الذي استحوذ على معظم سكان كوكبنا الأرضي، وأعطاها طابعا اجتماعيا عاما..
هل هي نهاية المطاف؟
لا أقبل الفكر الذي يقرر سلفا الطابع اللاحق للتطور. الراسمالية أثبتت انها قادرة على التجديد ، وعلى معرفة نقاط ضعفها والمخاطر في طريقها ، والمشاكل الاقتصادية والإجتماعية التي يتعرض لها نظامها. وهي دائما تطور الحلول ، او اطفاء الحرائق قبل ان تضطر الى التراجع واقرار المزيد من الحقوق الاجتماعية لمواطنيها. من هنا مثلا نرى ان كل مفهوم الصراع الطبقي ، لم يعد له (ولم يكن له) ذلك الدور الحاسم الذي طرح في الأدبيات الماركسية الكلاسيكية وما زال بعض منظري وقادة الأحزاب الشيوعية يبنون استراتيجياتهم السياسية والإجتماعية والفكرية على هذه المقولات التي لم تظهر فاعليتها منذ ثورة أكتوبر 1917، وايضا تلك الثورة لم تكن في مضونها الحاسم نتيجة الصراع الطبقي. الراسمالية أفرغت الصراع الطبقي من أهم تناقضاته الجوهرية. وهذا لم يحدث في فراغ، بل نتيجة ابحاث ودراسات شاملة، ونتيجة خطط عمل جديدة حلت مكان اساليب استنفذت ، وأضحت تشكل بؤر للتصادم اذا تواصل التمسك بها. وأيضا بتطوير مفاهيم الادارة من مستوى الدولة الى مستوى المصنع والمؤسسة. ولا يمكن اغفال ان احتياجات الصناعات الحديثة الى تكنولوجيات بالغة الدقة، حول أجزاء متزايدة من الطبقة العاملة، الى تكنوقراطيين ، ومدراء عمل وانتاج، والى اختلاط اندماجي الغى الكثير من الفروقات في مستوى تعليمهم ومستوى حياتهم ورفاهيتهم بالمقارنة مع الطبقات البرجوازية برمتها..
ربما لا نبالغ بالقول ان العولمة مرحلة ارقى من مرحلة الإمبريالية . بل هي قفزة رأسمالية الى الأمام. ولا خطأ في تقييمها بمرحلة رأسمالية أرقى، لأن العولمة نتيجة تطور التقنيات والعلوم والانتاج المادي الذي يساهم في تقريب العالم بوسائل تكنولوجية اصبحت في متناول كل انسان حتى المتدني الثقافة، ولا ارى تبريرات عقلانية لرفضها والتخلي عنها، او الوهم ان بدائلنا أفضل، حين نعتمد بشكل كامل على منتجات العولمة، والمضحك حين نسخرها لرفض العولمة التي اوجدتها وأغرقت اسواقنا بها.
الفكر الاشتراكي بجمود عقائدي لتياره المركزي بدأ منذ فجر صعوده على الساحة الدولية ، لم يستطع ان يطرح البدائل ، او يجعل مفاهيمه الأممية ذات مضامين مادية ملموسة ، وليس مجرد شعارات تحلق في الهواء الطلق ولا تجد ارضا تبذر فيها ثمارها.
لا نبرر الإمبريالية كسياسة ونهج حمل معه العنف الدموي والقهر للشعوب،وهل من فتوحات في التاريخ خلت من العنف والدم ، من القمع والاستبداد ، وهل من فتوحات بيضاء وانسانية ؟ ومن يقرر انسانية المحتل؟ فرضه لنفسه وجعل عقليته القانون السائد، ام ابناء البلاد التي اجتاحتها جحافل الفاتحين ؟
هل من احتلال اخضع الآخرين بالعناق والورود ؟ بالأحضان والقبل؟ هل كان احتلالنا للآخرين يختلف عن احتلال الآخرين لنا...؟
تعالوا نطرح سؤالاً من زاوية أخرى ترتبط بواقع المجتمعات التي عانت من سياسات الاستعمار وعنفه وقهره ودمويته: هل كون الحداثة، والتنوير والعقل العلمي والرقي التكنولوجي، نتاج المجتمعات الغربية المتطورة اقتصاديًا وعلميًا كاف لتبرير رفضنا للحداثة مثلاً، أو لما أنجزته من تنوير وعلوم وتكنولوجيا، والتمسك بواقع اجتماعي مغرق بالماضوية والفقر في كل مرافقه؟!
الم تكن حضارتنا ، رغم عنفنا كمحتلين ، مرغوبة ومطلوبة في كافة انحاء المعمورة؟ بل وتحول ابن رشد وقافلة كبيرة من علماء العرب الى مصدر الهام غير عادي للتنوير الاوروبي؟
من المذهل ان المجتمعات العربية تكاد تكون خارج التاريخ فيما يحدث في عالمنا من حركة دفع هائلة لا تتوقف.أحد رموز الإصلاح الفكري في التاريخ العربي الحديث، عبد الرحمن الكواكبي يقول في كتابه "طبائع الاستبداد": "الحركة سنة عاملة في الخليقة دائبة بين شخوص (بروز) وهبوط، فالترقي هو الحركة الحيوية، أي حركة الشخوص، ويقابله الهبوط وهو الحركة إلى الموت". ما يجري في مجتمعاتنا بكل الم اقرب الى الحركة نحو الموت...
إذا لم نفهم ان التنوير والعلوم، والتحديث والتكنولوجيا هي حركة نحو الحياة، وإن وصف الحداثة والتنوير بالإمبريالية والصليبية والصهيونية هو نوع من سقوط العقلانية، وهذا الأمر يشكل جريمة بحق تجديد انطلاقة المجتمعات العربية نحو آفاق حضارية وثقافية، وكل محاولات أسلمة الحداثة، تفرغها من مضمونها ، وهو يقع في باب ضيق الافق والعبثية. إن طرح شعار "الإسلام هو الحل" في المجتمعات العربية والإسلامية، يعطي بلا شك هوية وقيم في دول لم تقدم للمواطن أي من الخدمات الاجتماعية والصحية والتعليمية التي تتلاءم مع عصرنا. كل ما قدمته تلك الدول، أنظمة استبدادية بلا مؤسسات دولة قادرة على العمل والرقابة. قد يكون "الإسلام هو الحل" جاء ليعطي البديل لسقوط التيارات القومية واليسارية التي وعدت بالحرية وسلبتها، وبالديمقراطية وقمعت الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني، وعاقبت المفكرين وبالرفاه الاجتماعي، ولم تقدم إلا الفقر والإملاق، وبالاشتراكية، وخدمت القطط السمان... بالمقابل نجد أن ما قامت به مؤسسات اجتماعية وصحية وتعليمية إسلامية، حلت مكان مؤسسات الدولة في رعاية الاحتياجات الأساسية للمواطنين... وفي واقع تدفق ملايين سكان الأرياف، للعمل في المدن، لم يجدوا غير المؤسسات الإسلامية، للتوجه إليها ومدهم بالرعاية، وبهوية هامة افتقدوها في إطار أنظمتهم (القومية) الفاسدة والغائبة عن القضايا الملحة لملايين المواطنين... ولكن السؤال الكبير، طرحه أيضًا العديد من الباحثين العرب والغربيين، وهو سؤال هام للغاية، هل شعار "الإسلام هو الحل" قادر على حل مشكلات الظلم الاجتماعي والقمع السياسي، والتخلف الاقتصادي، وتطوير العلوم والتعليم والتقنيات الحديثة، وحل مشكلة الضعف العسكري في مواجهة إسرائيل مثلاً.... وربما إيران مستقبلاً؟ الأجوبة هنا تكاد تكون واضحة. لا توجد حلول دينية (إسلامية، مسيحية أو يهودية أو بوذية أو كونفوشية، لا فرق) لمشاكل التطوير والبناء والتقدم. توجد حلول علمية، خطط مبنية على معطيات بدون شعارات، مهما صيغت بديباجة لغوية... لن تكون قادرة على حل معضلات المجتمعات فقط باستبدال الهوية الوطنية مثلاً بهوية دينية، ومشاكل ذلك في مجتمعات متعددة الانتماءات، ولا ننكر أهمية الهوية الأساسية للإنسان، وهنا سقطت "الأنظمة القومية" ( لم تكن اكثر من عصابات منتفعين وانظمة عائلية وقبلية) نتيجة ممارستها القمعية وفسادها. للأسف هذا الواقع بات واضحًا أنه يتجه نحو المزيد من التأزيم في المجتمعات العربية والإسلامية. إلى جانب التضخم السكاني الكبير، هناك عجز كبير في إيجاد عمل للشباب الذين هم في أوائل العشرينات من أعمارهم. بالمقارنة مع التسعينات من القرن الماضي سيزداد في الدول العربية عدد الباحثين عن العمل بنسب كبيرة جدًا، أبرزها سوريا، قبل الانتفاضة قدرت ان الزيادة ستكون في السنوات القريبة بمعدل 100% (وهذا يجب ان يكون ضمن فهمنا لدوافع الانتفاضة)، في مصر(قبل الانتفاصة) والجزائر والمغرب الزيادة المتوقعة هي 50%، في تونس(قبل الإنتفاضة) 30%. هذه أرقام رهيبة إذا فهمنا أبعادها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية. تكفي الإشارة أن اقتصاديات هذه الدول تتطور ببطء شديد لا يتلاءم مع الزيادة في عدد طالبي العمل. حسب دراسة اعدتها لجنة اممية (تقارير التنمية العربية) ،يعاني 25 مليون مواطن عربي من البطالة والعالم العربي يحتاج الى انتاج 5 ملايين فرصة عمل جديدة كل سنة ، ولا دلائل تشير الى تخطيط مناسب ، ازمة البطالة تتفاقم ، ويبدو أن الأرقام لا تشمل ملايين كثيرة من النساء والرجال اليائسين من ايجاد فرص عمل، ولا تشمل ملايين المهاجرين، ومنهم العقول العلمية العربية، التي تشكل هجرتها خسائر بمئات مليارات الدولارات للعالم العربي. معنى ذلك ان العالم العربي مقبل على أزمة اقتصادية واجتماعية مدمرة، وهذا الحال ساد قبل الربيع العربي وبدون أي شك ضمن الواقع البائس الذي قاد الى الانتفاضات العربية.ان وصف ما يجري بمؤامرات استعمارية صهيونية صليبية ، هو الغباء بعينه. وهو تغطية للأنظمة الفاسدة والعاجزة عن اقرار خطط اقتصادية اجتماعية للنهوض بالمجتمعات العربية. اولوياتهم تعزيز سلطتهم وحمايتها، ونهب الثروة الوطنية. الربيع العربي رغم اشكالياته كشف حقائق مذهلة عن النهب الرسمي للثروة الوطنية.
إن قوى التنوير وانطلاق الفكر الحداثي في أوروبا، شكلت انتصارًا للعقلانية. ومن الخطأ الظن أن المثقفين الأوروبيين، من رجال العلم والأبحاث والاقتصاد والإبداع الأدبي والفني يحملون وزر إمبريالية دولهم. إن استعراض أسماء فلاسفة عصر التنوير والنهضة الأوروبية، ونشاطهم الفكري والاجتماعي والسياسي، وعلى رأسهم جان جاك روسو وفولتير وجون لوك وسبينوزا وكانط وغيرهم ، تثبت أنهم كانوا ألد أعداء استبداد الدولة واستبداد الدين في نفس الوقت، وهي المعادلة التي انطلقت منها دول أوروبا الإمبريالية إلى استبداد الشعوب.
إن رفضنا للحداثة، هو رفض للعقل العلمي والعقل التكنولوجي، ومبادئ التعليم وحقوق المرأة ومساواتها، ومبادئ الديمقراطية، ولكننا نستهلك بدون وعي مستحضرات هذه الحضارة، مثل الإنترنت والتلفزيون ووسائل الاتصالات والنقل الحديثة والتجهيزات المنزلية وغيرها من المواد الاستهلاكية، دون أن نعي حقيقة تحولنا إلى مجتمع استهلاكي ينفي العقل ويحل محله النقل، يرفض الإبداع ويستبدله بالإتباع، يرفض الديمقراطية ليحل مكانها استبداد سياسي وديني والكواكبي يقول: "الاستبداد السياسي ناتج عن الاستبداد الديني" للأسف هذا هو واقع المجتمعات العربية. في مواجهة هذا الواقع نجد مثقفين تبريريين، جبناء يبررون تخلف مجتمعاتهم بخزعبلات علمية وإيمان عجائز وتأويلات تفتقد للمنطق العقلي. المثقفون المتنورون يهجرون على الأغلب أوطانهم، أو يضمن صمتهم في السجون والقبور!! هذا الواقع يولد الاغتراب، والمغترب في مجتمعه يفتقد لدوافع التقدم وإحداث التغيير في واقعه وحياته فهل نشهد انتفاضة للعقل العربي ونحن نحث الخطى في القرن الحادي والعشرين؟!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.