أبرزها جودة التعليم والتصنيع الزراعى.. ملفات على طاولة مجلس الشيوخ    مستشفيات جامعة الأزهر تستقبل مصابي غزة ومرافقيهم وتقدم لهم الرعاية الطبية الكاملة    السيسي للمصريين: «علموا أبناءكم البرمجة وعلوم البيانات»    الدولار اليوم.. أسعار العملات في البنك الأهلي وموقف السوق السوداء الأحد 28-4-2024    معيط: آخر فرصة للاستفادة من مبادرة استيراد سيارات المصريين بالخارج "غدا"    نيابة عن رئيس الجمهورية.. «مدبولي» يُشارك في الجلسة الافتتاحية للاجتماع الخاص للمنتدى الاقتصادي العالمي بالرياض    وزير خارجية فرنسا يعلن تقديم مقترحات لمسؤولين لبنانيين لمنع التصعيد بين «حزب الله» وإسرائيل    مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى في سادس أيام عيد الفصح اليهودي    موعد مباراة آرسنال وتوتنهام اليوم في الدوري الإنجليزي    بوكايو ساكا يطارد رقمًا قياسيًا في الدوري الإنجليزي.. شباك توتنهام الطريق    «هيوافق».. شوبير يكشف كواليس صادمة بشأن انتقال محمد صلاح للدوري السعودي    التفاصيل الكاملة ل جريمة طفل شبرا.. كيف راح ضحية «الدارك ويب»؟    «الداخلية»: شرطة المرور تضبط 21866 مخالفة متنوعة خلال 24 ساعة    ضبط 2.25 طن دقيق مدعم قبل تهريبه وبيعه في السوق السوداء بالشرقية    الرئيس السيسي للشباب: حاجة تشتغلها وأنت في بيتك ممكن تدخلك 100 ألف دولار في الشهر    «الوثائقية» تُعلن عرض ندوة نادرة ل نور الشريف في ذكرى ميلاده    الرئيس السيسى: إنشاء رقمنة فى مصر تحقق التقدم المطلوب    خلال افتتاح مؤتمر كلية الشريعة والقانون بالقاهرة.. نائب رئيس جامعة الأزهر: الإسلام حرم قتل الأطفال والنساء والشيوخ    بدء التشغيل التجريبي لوحدة كلى الأطفال الجديدة بمستشفى أبوكبير المركزي    تقييم صلاح أمام وست هام من الصحف الإنجليزية    شكوك حول مشاركة ثنائي بايرن أمام ريال مدريد    أقباط الأقصر يحتفلون بأحد الشعانين في كاتدرائية الأنبا متاؤس الفاخوري.. صور    محافظة القاهرة تستمر في أعمال إزالة الإشغالات والتعديات عن الأرصفة    نقيب الأطباء: مصر الدولة الوحيدة في المنطقة لا تتعامل بقانون المسؤولية الطبية    مصرع شخص وإصابة 23 آخرين في حادث تصادم بصحراوي أسوان    مطروح تستعد لامتحانات الترم الثاني.. غرف عمليات ومراعاة مواصفات الأسئلة    إدخال 183 شاحنة مساعدات إلى غزة عبر معبر كرم أبوسالم    إصابة جندي إسرائيلي في هجوم صاروخي على منطقة ميرون    محافظة القليوبية: توريد 25565 طن قمح للشون والصوامع بالمحافظة    خالد محمود يكتب: مهرجان مالمو للسينما العربية.. حضرت المدارس وتميزت الأفلام الوثائقية    اليوم.. «المركزي للتنظيم والإدارة» يعلن تفاصيل مسابقة المعلمين الأحد 28 أبريل 2024 (تفاصيل)    جولة تفقدية لمسؤولي المدن الجديدة لمتابعة مشروعات رفع الكفاءة والتطوير    الصحة: تقديم الخدمات الطبية لأكثر من مليون مواطن فوق سن 65 عاما ضمن برنامج رعاية كبار السن    العودة في نفس اليوم.. تفاصيل قيام رحلة اليوم الواحد للاحتفال بشم النسيم    إعلان اسم الرواية الفائزة بجائزة البوكر العربية 2024 اليوم    بعد اتهامها بالزنا.. عبير الشرقاوى تدافع عن ميار الببلاوى وتهاجم محمد أبو بكر    غدا.. «بلينكن» يزور السعودية لمناقشة وقف إطلاق النار في غزة وإطلاق سراح الرهائن    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : شكرا سيدى على الدعوة00!؟    أنا وقلمى .. القادم أسوأ    42 عاما على تحريرها تنمية سيناء رد الجميل لشهداء الوطن    التصريح بدفن جثة شاب لقى مصرعه أسفل عجلات القطار بالقليوبية    بطلوا تريندات وهمية.. مها الصغير ترد على شائعات انفصالها عن أحمد السقا    سعر الدولار الأحد 28 أبريل 2024 في البنوك    تصفح هذه المواقع آثم.. أول تعليق من الأزهر على جريمة الDark Web    السكك الحديد تعلن عن رحلة اليوم الواحد لقضاء شم النسيم بالإسكندرية    رفض الاعتذار.. حسام غالي يكشف كواليس خلافه مع كوبر    مصرع 5 أشخاص وإصابة 33 آخرين في إعصار بالصين    آمال ماهر ل فيتو: مدرسة السهل الممتنع موهبة ربانية ومتمرسة عليها منذ الطفولة    اشتباكات بين الفلسطينيين والاحتلال الإسرائيلي غرب رام الله    فضل الصلاة على النبي.. أفضل الصيغ لها    بالأسماء.. مصرع 5 أشخاص وإصابة 8 في حادث تصادم بالدقهلية    هل مرض الكبد وراثي؟.. اتخذ الاحتياطات اللازمة    ما حكم سجود التلاوة في أوقات النهي؟.. دار الإفتاء تجيب    نصف تتويج.. عودة باريس بالتعادل لا تكفي لحسم اللقب ولكن    اليوم، أولى جلسات دعوى إلغاء ترخيص مدرسة ران الألمانية بسبب تدريس المثلية الجنسية    أمير هشام يفجر مفاجأة بشأن احتفال محمد عبدالمنعم المثير للجدل    هل يمكن لجسمك أن يقول «لا مزيد من الحديد»؟    ما هي أبرز علامات وأعراض ضربة الشمس؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التيار الإسلامي والثورة المضادة وجهان لعملة واحدة
نشر في الواقع يوم 12 - 09 - 2011


بقلم أحمد إبراهيم المصري
من نافلة القول أن نُذكِّر بالموقف المتخاذل من الثورة للتيار الإسلامي بجناحيه «السلفي» الذي كان رافضًا للثورة بحجة عدم جواز الخروج على الحاكم المسلم حتى ولو كان ظالمًا، و«الإخواني» الذي تردد في تأييد الثورة لكن بسبب خبرته السياسية التي تفوق سابقه بمراحل قرر أن يشارك في الثورة؛ مخالفًا بذلك الرؤية الدينية للجناح «السلفي» الذي لم يخجل بعض رموزه من التمسك بحرمة الثورة حتى بعد نجاحها. ولقد تناولنا موقفهما من الثورة المصرية في مقال مستقل.
لكن الذي نود التنبيه عليه في هذا المقال والذي أصبح واضحًا للجميع أن هذا الموقف بجوانبه المختلفة كان له الأثر البالغ في مساعدة ظهور ما يسمي ب«الثورة المضادة» لثورة الشعب المصري وإجهاضها بعدم اكتمال أهدافها، وذلك من خلال ممارسته لشق صف الثورة الذي تبناه هذا التيار الإسلامي كرؤية سياسية، قصدًا منه حماية «أيديولوجيته ومرجعيته الفكرية» التي تصوَّر (أو صوَّر البعض له) أنها في خطر. بالإضافة لرغبته في الحصول على مكاسب سياسية جديدة خاصة بهذا التيار الديني.
فالشعب المصري الذي خرج بمطالب ثورية يمكن أن نجملها في مطلبين:
الأول: إسقاط النظام القائم وتطهير الدولة من كل أثر لهذا النظام الفاسد.
الثاني: البدء في بناء دولة حديثة عصرية يكون عمادها الديمقراطية والحرية وبما يكفل العدالة الاجتماعية ويحفظ حقوق الإنسان المصري بالمفهوم العالمي لتلك الحقوق.
ثم أضيف لها مطلب أخر رئيسي نتج عن وحشية النظام في قمع الثورة، وهو المطالبة بالقصاص لدماء الشباب الطاهرة، بمعاقبة أفراد أجهزة الأمن ممن تلوثت يديه بتلك الدماء البريئة وعلى رأسهم المخلوع مبارك ووزير داخليته حبيب العادلي.
لكن فوجئ هذا الشعب الثائر بدخول التيار الإسلامي بالثورة في نفق مظلم من الخلاف بدءًا من (الوجوب الشرعي) لقبول الاستفتاء على التعديلات الدستورية بدلاً من كتابة دستور جديد؛ ثم رفض المبادئ فوق الدستورية، ثم تأكيده (الغير مبرر) على الهوية الإسلامية للدولة التي لم تمس أصلاً، ولم تقم الثورة لمخالفتها أو تثبيتها.
وقبل كل هذا وبعده كارثة تأييد المجلس العسكري في إدارته السيئة للدولة في كل كبيرة وصغيرة عدا ما يعارض أهدافهم الخاصة، فمن المعلوم للجميع أن المجلس أحد أركان النظام البائد فرئيس المجلس المشير حسين طنطاوي هو وزير دفاع النظام لمدة 20 عامًا ورئيسًا للحرس الجمهوري لمبارك لمدة 3 أعوام تقريبًا، ولكن المجلس العسكري اختار – بعد غموض في موقفه – الانحياز للثورة المصرية والإطاحة بالمخلوع غير مأسوف عليه حسني مبارك؛ ففرح به الشعب وأيده متناسيًا غموض موقفه في بداية الثورة.
لكن سرعان ما ظهر جليًا ما أفسد على الشعب الثائر فرحته بقيادته الجديدة، وهو أن تأييد المجلس للثورة اقتصر فقط على إزاحة مبارك عن سدة الحكم وإنهاء ملف التوريث، ويبدو أن عقيدة العسكريين اختزلت الثورة في هذه الخطوة فقط، دون طموح العسكر لباقي مطالب الثورة أو الاهتمام بها.
بل على العكس مما توقعه منه الشعب، فقد جامل المجلس العسكري ماضيه على حساب حاضر مصر ومستقبلها، فرفض أن يقدْم على تنفيذ أي مطلب – وخاصة مما يتعلق بتطهير أجهزة الدولة - إلا بعد ضغطٍ شعبي بمليونية عادةً ما تكون مصحوبة بدماءٍ (وأحيانًا أرواح) مصرية بريئة.
وأخرها مليونية الأمس 9/9 والتي كانت حصيلتها 1076 مصاب و5 حالات وفاة مضافا لها مصابي اليوم السبت 10/9، وخاصة بسبب أحداث السفارة الإسرائيلية، ولسنا هنا بصدد تقرير أن سياسة مصر الخارجية لم تتأثر كثيرا بالثورة في عهد المجلس.
لكن هذا التصور الخاطئ من المجلس العسكري للثورة والموقف المتخاذل تجاهها شجع بقايا النظام سواء ممن هو في المؤسسة الرسمية للدولة – وهم كثر وأصحاب نفوذ - أو خارجها على القيام بثورة مضادة تمثلت أهم مظاهرها في التشبث بالمكاسب التي اغتصبوها في عهد النظام ، ومحاولة إعادة إنتاج النظام في صور جديدة سواء في الأحزاب أو المؤسسات الحكومية؛ فضلاً عن محاولة رسم صورة سلبية عن ثورة الشعب المصري في ذهن المواطن، وساعدهم على ذلك وسائل الإعلام الرسمية التي تتديَّن بالولاء لصاحب السلطة، وأخيرًا بالاعتداء المادي والمعنوي – بدون أدني خجل - على أهالي الشهداء، ورفع صورة المخلوع دون أدنى مراعاة لشعور الأمهات الثكلى والأطفال اليتامى خارج أبواب محاكمته؛ بل ووصفهم ب«الغوغاء» في صورة تنبي عن فظاعة زواج «السادية» ب«الفاشية» في شخصيات بقايا النظام حتى سموا أنفسهم ب «أبناء مبارك» تحديًا وجرحًا للشعور العام المصري، رغم أن المخلوع أبدى استعداده لحرق أبناء المصريين وقام بقتل ما طالته يمينه منهم وقت الثورة، من أجل أن يضمن رفاهية (زائدة) لابنه جمال بتوريثه عرش مصر.
وقد قوبلت سوء إدارة العسكر للدولة وما نتج عنها من ثورة مضادة، برد فعلٍ واعٍ في أغلب الأوقات – ومتهورٍ أحيانًا -من «ضمير الوطن»، هؤلاء الثوار الأحرار الذين لا زالت ذاكرتهم تجمع بين قبح تاريخ النظام وبين بشاعة أساليبه في قتل شهداء الثورة، ولاقوا ما لم يتوقعوه من «فلول النظام» وسوء معاملة المجلس لهم بدايةً من استخدام القوة والمحاكمات العسكرية وانتهاءً بالاتهام بخيانة الوطن؛ إنكارًا من المجلس لجميل هؤلاء الشباب الذي كانوا السبب الرئيسي لوصوله لسدة الحكم بعد أن كان أعضاءه مجرد قطع شطرنج يحركها مبارك كيف يشاء.
هذا التخدير والاختزال للثورة ، ودماء شبابها الذي لا زال يسيل، لم يشفع لها ولا لشعب مصر عند التيار الإسلامي صاحب الشعبية الكبيرة في الشارع المصري في أن ينحاز لجانبها ضد المجلس الحاكم؛ مستخدمًا تلك القاعدة الشعبية في الضغط على العسكر للعمل على تحقيق أهداف الثورة، ولو كان هذا التيار نحىَّ مؤقتًا رؤيته «الإيديولوجية» التي كساها ثوب السياسة، أو «السياسية» التي كساها ثوب الدين؛ لاستطاعت الثورة أن تجبر المجلس رغمًا عنه أن يحقق أهدافها وألا يحيد على مبادئها السامية، ولكانت مصر احتفظت بكل هذه الدماء الطاهرة التي أُسيلت والأرواح البريئة التي أُزهقت في فترة حكم المجلس التي نافت على الثمانية شهور، ولتجب هذا البلد العريق هذا التصدع والانقسام حول رؤية المستقبل.
فالتيار الإسلامي قد تعجَّل جني ثمار الثورة من مقاعد برلمانية وغيرها من كراسي السلطة ، زاعمًا الحفاظ على الهوية الإسلامية للدولة؛ غافلا عن أن الهوية ليست مادة تدون في دستور أو بندًا يفرض على الناس بقانون؛ بل هي: «حقيقة إنسانية تتمثل في مجموعة مكتسبة من الخصائص والصفات تحدد للإنسان نوعًا متميزًا من السلوك يقوم على مجموعة من القيم والمفاهيم يتمسك بها ويحرص عليها، وهذه الخصائص والصفات توفرت لدى الإنسان على مر العصور والأجيال نتيجة لتطورٍ عقلي ووجداني واجتماعي»؛ فالأمر بعيد كل البعد عن الجانب السياسي وإن كان هذا الأخير لا ينعدم التأثير فيها.
لكن أبى هذا التيار إلا الخلط بين الديني والدنيوي ، الثابت والمتغير، المطلق والنسبي، متناسين أن الدولة بمفهومها الحالي (دستور وقوانين، مؤسسات ووزارات، سلطات: تنفيذية وتشريعية وقضائية، وما ينظمها من انتخابات وطرق شغل وظائف ...الخ) لم ينزلها لنا الله في كتابه ولا عرفتها لنا سنة نبيه (ص) بل هي شيء دنيوي محض من ابتكار الإنسان، عليهم ألا يقحموا الدين فيه، ولهم مندوحة في فعل نبي الإسلام (ص) حيث نهى صحابته عن تأبير النخل بدعوى أنها ستنتج بدونه، ولكنها لم تنتج؛ فراجعوه فقال مجيبًا : (أنتم أعلم بشؤون دنياكم). فلماذا يصر هذا التيار الديني على الخلط؟ ولماذا هذا التعدي على حق العقل الإنساني ؟!
وبهذا الخلط والقصور الفكري وما نتج عنه من موقف سياسي سلبي قصم التيار الإسلامي ظهر الثورة المصرية، وأعطى فرصة للمشير أن يخرج ليزعم أن 99% من الشعب المصري يؤيد الإدارة السيئة والمترهلة للمجلس، وضيع على مصر فرصة تاريخية في تحقيق مطالب ثورته كاملة، ورسم ثورة لم يشهد لها العالم مثيلاً لتكون مثالاً حضاريًا تتبناه الإنسانية فيما بعد في مواجهة أي استبداد وظلم. فلك الله يا مصر من قوم أنهكوا قوتك باسمه.
وأخيرًا نقرر أن مكاسب الثورة المصرية التي تحققت كثير منها بالفعل- حتى ولم لم تكتمل كما أرادها الشعب الذي بدأها، ووقفت عند هذا الحد -هي أعظم بكثير من أي سلبية صاحبت الثورات عامة والمصرية خاصة، بل إن المقارنة لا تجوز في هذا الموضع، وأننا متفائلون بمستقبل واعدٍ لمصر وشعبها بعد تلك الثورة العظيمة؛ لكن لابد من اعتبار أن المجلس العسكري والتيار الإسلامي يتحملان قدرًا كبيرًا من مسؤولية كل سلبية تحدث الآن على أرض مصر وخاصة فيما يتعلق بالدماء والأرواح؛ فالواقع أن ما يحدث ليس إلا مجرد رد فعل من شعب جريح لسوء إدارة المجلس للدولة ومحاولته اختزال الثورة مدعومًا في كل مواقفه من التيار الإسلامي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.