كان ولا زال نجما يشع بما لا طاقة لعيون العقول باستيعابه .. ولا يمكننى حين أتناول شخصيته أو شخصية من سبقه من عمالقة الفكر المصريين أن أدعى أننى بصدد تأريخ حياتهم .. بل هى مجرد خواطر ونظرات الى هؤلاء الكوكبة التى شغلت الدنيا ولم تنشغل بالدنيا .. وعلى رأس هؤلاء .. يقبع العقاد متربعا نسيج وحده .. عالم من الفكر .. وجامعة من العلوم لا يتطرق الى مدرجاتها الا من كان قادرا على استيعاب شرف الجلوس تلميذا الى الأستاذ. حياته اتولد عباس العقاد فى اسوان فى جنوب مصر و بعد ما خلص المدرسه الابتدائى اشتغل فى وظيفه كتابيه و بعدين سابها و اهتم بتثقيف نفسه بنفسه بالقرايه و اشتغل فى الصحافه. فى سنة 1916 نشر ديوان شعرى و بعد كده اتوالت مجموعاته الشعريه " وحى الأربعين " ، و " هدية الكروان " ، و " عابر سبيل " ، و " أعاصير مغرب ". و فى سنة 1921 اصدر مع ابراهيم المازنى كتاب نقدى عنوانه " الديوان انتاجه النثرى انتاج العقاد النثرى الأولانى غلب عليه طابع المقاله زى " الفصول " ، و " مطالعات فى الكتب و الحياه " ، و " مراجعات فى الأداب و الفنون " ، و بعدين اتجه لكتابة سير أعلام الإسلام بطريقة رسم الشخصيات فكتب " عبقرية محمد " ، و " عبقرية عمر " ، و " عبقرية خالد " و غيرها ، و كتب روايه واحده اسمها " سارة " ، و بعدين اتجه للدين و الفلسفه فكتب " الله " ، و " الفلسفة القرآنية " ، و دخل فى مجادلات مع المستشرقين و خصوم الإسلام فى " حقائق الاسلام و أباطيل خصومه " ، و " ما يقال عن الإسلام ". العقاد كان غزير الانتاج و كتب اكتر من تمانين مؤلف زائد مقالات كتيره. فى سنة 1936 كتب سيرة الزعيم سعد زغلول. ظهرت عنه بحوث كتيره أهمها كتاب ألفوه تلامذته و كتاب للدكتور شوقى ضيف اسمه " مع العقاد ". رأيه فى الادب و الفن العربى العقاد اعتبر الادب العربى متواضع و مش متحضر و فى رأيه إن السبب فى كده هى البصمه الابديه اللى فى الادب العربى من ايام العصر الجاهلى. و لاحظ العقاد و انتقد غياب التراث الفنى فى مجال الفنون البصريه فى الثقافه العربيه ، فالعرب قدمو زخارف هندسيه لكن ما قدموش حاجه تقريباً فى فنون العماره و البنا، ففى رأيه إن الفن البصرى العربى بيتسم بالزخرفه لمجرد الزخرفه اللى مالهاش صله بالحياه معاركه اشتهر العقاد بإسلوبه الجاف فى الكتابه و فى معاملة الكتاب و المفكرين فى وقته، و دخل فى مناوشات فكريه مع عميد الأدب طه حسين اللى قال عن العقاد انه هو شخصياً ما بيفهمش اللى بيكتبه ، و مع المفكر سلامه موسى اللى هاجمه العقاد بسبب دعوته للتطور و التمدين • عبقرية المسيح • عبقرية محمد • عبقرية عمر • عبقرية خالد • عبقرية علي • الله جل جلاله • روح عظيم (المهاتما غاندي) • جحا الضاحك المضحك • "الله" • عبقرية الصديق. • عبقرية عثمان • عبقرية خالد • داعي السماء بلال • الصديقة بنت الصديق • أبو الشهداء • عمرو بن العاص • معاوية بن أبي سفيان • فاطمة الزهراء • الفاطميون • حقائق الإسلام وأباطيل خصومه • الفلسفة القرآنية • التفكير فريضة إسلامية • مطلع النور • الديمقراطية في الإسلام • الإنسان في القرآن الكريم • الإسلام في القرن العشرين • ما يقال عن الإسلام • أنا • أفيون الشعوب • هذه الشجرة • غراميات العقاد • حياة قلم • سارة رسالة العقاد وأثره الفكرى من الصعوبة بمكان .. ادراك مدى الأثر الذى تركه العقاد للحضارة العربية .. فهذا المفكر الأسطورة ترك ميراثا يستعصي ادراكه على كل ذى قدرة وفكر .. عشرات بل مئات الكتب والدراسات والمقالات والأشعار .. تمثل الحجة لدى كل ساع للحقيقة حريص عليها ..وهناك خط فاصل بين كتابات العقاد قبل الثورة المصرية فى يوليو 1953م .. وبعدها .. فقبل الثورة كان العقاد طارقا شتى مجالات الكتابة لا سيما الكتابة السياسية الت تستعصي مؤلفاته فيها على الادراك لصعوبة تواجدها .. والحادث أن العقاد مع غياب حرية الفكر والكتابة والتعبير فى عصر القهر الذى تلى الحكم العسكرى بعد قيام الثورة .. استشعر العقاد أن الحكام الجدد ليس لديهم أدنى تقديرلأحد من روافد الفكر وعمالقته ولن يستعصي عليهم أن يكون العقاد مهما كانت قيمته الفكرية نزيلا بأحد المعتقلات مغيبا فيها .. ولما كان العقاد يدرك أن المعارك لابد أن تكون بين خصوم عقلاء وليس بين من يدركه العقل وخصمه يصاحبه الجنون .. لذا آثر الابتعاد لعدم قدرته على مسايرة النظم الجديدة التى تتطلب النفاق للوصول ... أو الدخول الى سراديب المجهول اذا حاول التصدى منفردا لما هو حادث ., وقد أحس العقاد مبكرا جدا بفداحة ما ينتظر مصر بعصر التغيب .. منذ كانت حادثة جمال عبد الناصر بالمنشية والتى وقف فيها عبد الناصر بعد فشل محاولة اغتياله هاتفا بأنه علم مصر الشرف وعلمها الكرامة وأنه اذا مات عبد الناصر فلن يموت ما علمه للشعب .. يومها كان العقاد ببيته وسط صالونه سمع الكلمات عبر المذياع .. فاحمر وجهه بغضب مكتوم وعلق ” علمنا الشرف والكرامة !! ألم نكن نعرفها قبل أن يجيئ هذا القائلالى الدنيا .. ” ثم فاحت مرارته من كلماته وهو يقول ” ان شعبا يستمع الى تلك الكلمات .. ولا يقوم على قائلها .. فيقتله فى مكانه .. لحرى به أن يضربه ذلك الفتى وأمثاله بالنعال ” واعتزل العقاد .. وتفرغ لرسالته فى الكتابة فأخرج درر الفكر الاسلامى من جعبته .. ومن عينه كتاباته السياسية التى توقفت بعد الثورة يبرز كتابه ” لا شيوعية ولا استعمار ” كعلامة حقيقية فى هذا المضمار .. وتعد العبقريات أشهر ما أخرج العقاد لفكر الاسلامى وهو لم يكن يكتب تاريخا للأشخاص أو الوقائع فحسب .. بل كان يصب الفكر فى قوالب كتبه محللا للأحداث ومواقف الشخصيات التى يتناولها عن طريق معالجته ومناقشته لأمهات الكتب التاريخية ومراجعها الكبري .. وهناك سير لشخصيات لم تضمها العبقريات والتى قصرها على علامات الصحابة وفى البداية كانت عبقرية محمد صلى الله عليه وسلم .. وكتاب ” مطلع النور أو طوالع البعثة المحمدية ” وكان كتاب ” عبقرية محمد ” هو ذلك الكتاب الذى اعترض فيه الامام محمد متولى الشعراوى على عنوانه لأنه رأى فيه نسبة العبقرية الى شخص الرسول عليه لصلاة والسلام .. فى حين أن الواجب رد تلك العبقرية نقاء الرسالة الى فلسفة اختيار الله عز وجل لمحمد عليه أفضل الصلاة والسلام لأداء الرسالة .. ثم كانت ” عبقرية الصديق ” ثم ” عبقرية عمر ” ثم ” عبقرية عثمان ” ثم ” عبقرية الامام” ثم عبقرية خالد ” رضي الله عنهم جميعا ثم كتب السيرة الشخصية المتمثلة فى العديد من الصحابة مثل كتاب ” عمرو بن العاص ” وكتاب ” معاوية بن أبي سفيان ” وكتابه عن السيدة عائشة رضي الله عنها ” الصديقة بنت الصديق ” وكتابه عن السيدة فاطمة الزهراء ” فاطمة الزهراء والفاطميون ” رضي الله عنها ثم تناوله لشخصيات قديمة وحديثة مثل كتابه ” جحا الضاحك المضحك ” وكتابه ” الأستاذ الامام ” عن الامام محمد عبده .. وكتابه عن بن الرومى ” بن الرومى .. حياته وشعره ” وكتابه عن السياسي المصري سعد زغلول ” سعد زغلول ” وهذه كلها مجرد أمثلة .. فاسهاماته عن الشخصيات التاريخية لا تؤذن بحصر .. اضافة الى كونه المؤسس الرئيسي لمدرسة الديوان فى الشعر العربي التابعة للمدارس الرومانسية التى أسس حركتها الأولى شاعر القطرين خليل مطران ومن بين كتبه يبرز كتابه النقدى المشع ” أشتات مجتمعات فى اللغة والأدب ” اضافة الى دواوينه الشعرية وان كانت قليلة .. ورواية واحدة هى ” سارة ” اضافة الى كتبه النقدية عن الفكر الغربي مثال ذلك كتابه عن شكسبير ” التعريف بشكسبير ” مع الكتب التى تمثل السيرة الذاتية مثل كتابه ” أسوان ” وكما سبق القول ان هذه الأمثلة .. تضم تحت كل مجال منها عشرات البحوث والكتب والدراسات .. مما أعطى للعقاد أثرا لم سبقه اليه غيره فى عالمنا المعاصر .. فرحمه الله من مفكر ساطع .. مات وميراثه المحابر والأقلام .. فنأمل من الله تعالى أن يكون ممن قال فيهم الرسول عليه الصلاة والسلام ” من مات وميراثه المابر والأقلام .. دخل الجنة .. ” وقد توفي العقاد رحمه الله ومصر تحت تأثير هزيمة النكسة القاسية والتى أحس العقاد بمقدمها يوما ما قبل أن تطويه عزلته عن السياسة مع شعب من حوله كان بين مطرقة الخوف .. وسندان النفاق .. انطوى معتزلا عندما وجد دعوته السياسية وهو بها جدير .. لن تصل ولن يفوح عطرها الى أحد مع جو الكتم والحرية .. فآثر السكوت عن السياسة .. لأنه حتى لو تكلم بها ..لم يكن ليسمحوا لصوته بأن يكون مسموعا مهما علا . ليس لأن كلامه ورؤاه ستكون غير ذات حقيقة .. بل على العكس لأنها ستكون صدمة الحقيقة مع عقول آثرت الزيف . وكم من مفكر .. وكم من مبدع .. دعا الناس الى صلاحها فأبت .. فحق عليهم الجهل حيث هم