العنف والتخريب وتعديل قانون الطوارئ بقلم -المستشار محمد حامد الجمل منذ 8 ساعة 20 دقيقة تداعت الأحداث يوم الجمعة الماضي، الذي أطلق عليه «جمعة تحديد مسار الثورة»، فقد بدأ اليوم، وحتي ما بعد منتصف النهار «سلمياً»، ومقصوراً علي المطالبة بتحقيق، بقية أهداف ثورة 25 يناير!! إلا أن مئات من الأفراد، ومعظمهم من الشباب المنتسبين «زوراً» إلي الثوار، قد تجمعوا هاتفين أمام السفارة الإسرائيلية، ثم أمام مديرية أمن الجيزة، والسفارة السعودية، وقد شاهدت الفضائيات عدداً من هؤلاء الفوضويين والبلطجية يحملون «شواكيش» ضخمة من النوع الذي يستخدم في هدم المباني، وهم يضربون بشدة في السور المحيط بالسفارة الصهيونية، وقد أسقطوا أجزاءه ثم اقتحموا العمارة الكائن بها مقر السفارة، كما خرج بعضهم أمام كاميرات الفضائيات يعرض بعض الأوراق الإسرائيلية الرسمية، التي طيروا المئات منها في الهواء واقتحم بعضهم العمارات المجاورة ونهبوها، وقد توجه المئات من هؤلاء المتظاهرين إلي مبني مقر مديرية أمن الجيزة القريب من السفارة وحاولوا اقتحامه، وأحرقوا عدداً من سيارات الشرطة والسيارات الخاصة كما أحرقوا جانباً من المبني!! كما تظاهر المئات منهم أمام «السفارة السعودية» دون أن يقوموا بحرق أو إتلاف لمقر السفارة أو ممتلكاتها!! ولقد أثارت هذه الأحداث الخطيرة العديد من التعليقات بوسائل الإعلام المختلفة وعلي رأسها الفضائيات، حيث قالت الأغلبية بوجود مؤامرات صهيوأمريكية، وذكر البعض أن الدفع للهجوم علي السفارة الإسرائيلية هو قتل الصهاينة في الأسبوع السابق ضابطاً وعدداً من الجنود علي الحدود، مع عدم وجود رد فعل رادع ومناسب من المجلس العسكري الحاكم أو من وزارة د. شرف، بينما قامت تركيا بخفض التمثيل الدبلوماسي مع إسرائيل، وإلغاء التعاون العسكري، ووقف التعامل الاقتصادي معها، وذلك رداً علي الهجوم الصهيوني علي السفينة التركية «مرمرة» وقتل 9 من الأتراك!! ويعد الهجوم علي سفارة إسرائيل التي يكرهها غالبية المصريين، جريمة دولية تحقق مسئولية الدولة المصرية، حيث تنص المادة (22) من اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية سنة 1961، علي تمتع مباني البعثة الدبلوماسية بالحرمة، وليس لممثلي الحكومة المعتمد لديها السفارة الحق في دخول مبانيها إلا إذا وافق رئيس البعثة علي ذلك، وعلي هذه الحكومة التزام حتمي باتخاذ كل الوسائل اللازمة لمنع الاقتحام، أو الإضرار بمباني السفارة مع حماية أمن البعثة من الاضطراب أو الحط من كرامتها، ولا يجوز أن يكون مبني السفارة، أو مفروشاتها، أو مكاتبها وكل ما يوجد بها من أشياء، مع جميع وسائل النقل عرضة للاستيلاء، أو التفتيش أو الحجز بأي إجراء تنفيذي!! ومن التصرفات غير المسئولة في هذا الخصوص أنه قد شجع أحد المحافظين «أحمد الشحات» الذي أزاح من قبل العلم الإسرائيلي ورفع العلم المصري علي مقر السفارة، حيث قرر المحافظ معاملته كبطل وخصص له شقة وفرصة عمل، وكذلك كان قد قابل د. شرف هذا الشاب لتكريمه ولا شك أن هذه التصرفات الانفعالية والعاطفية الخارجة عن احترام سيادة القانون الدولي والداخلي من رجال دولة مسئولين من ضمن أسباب التشجيع علي الهجوم علي السفارتين الإسرائيلية والسعودية يوم الجمعة الماضي، للأسف الشديد!! ولم ألحظ أية تعليقات مهمة علي اقتحام وحرق مديرية الأمن أو حرق مبني الأدلة بالداخلية!! إلخ، كما لم يبين المعلقون الدوافع للهجوم علي السفارة السعودية!!، والمعروف أنه حدث منذ عدة أيام سابقة علي الجمعة الماضي، اشتباك بين «ألتراس الأهلي» وقوات الأمن مع إحراق وإتلاف عدد من السيارات، فضلاً عن مقاعد الاستاد، وهذا الاشتباك الحاد غير مفهوم الدوافع، وقد سبقه استفزاز عمدي من الألتراس لقوات الأمن بالإهانة بالشعارات وبإلقاء الطوب وغيره عليها مع إشعال «الشماريخ»، وذلك رغم أنه قد أحرز الأهلي أربعة أهداف!! وتعبر هذه الأحداث حتماً عن الثورة المضادة Cammter Revaluition والانفلات والعجز الأمني مثل العديد من أعمال العنف المماثلة في الشهور الماضية منذ 25 يناير، وبينها أحداث ماسبيرو والعباسية والبالون وقد سبق كل ذلك قتل المتظاهرين بميدان التحرير وباقي الميادين بالمدن الأخري، والتي أسقطت 850 قتيلاً وحوالي 8000 جريح، والغريب أنه قد وقعت كل هذه الجرائم العنيفة في ظل سريان أحكام قانون الطوارئ المستدامة منذ 1981، والذي لم يتوقف العمل بها بعد الثورة في 25 يناير الماضي، والتي ينظمها القانون رقم 162 لسنة 1958 وذلك رغم ما تتضمنه أحكامه من سلطات واسعة للسلطة التنفيذية، والنيابة العامة، وعقوبات شديدة علي مخالفة أوامر الحاكم العسكري ومحاكم استثنائية يشترك فيها ضباط عظام.. إلخ، وقد يصدر مرسوم بقانون من المجلس الأعلي العسكري خلال أيام بقصر سريان هذا القانون علي جرائم الإرهاب والمخدرات والعنف والتخريب وترويج الشائعات وبذلك فقد يحدد قانوناً ليس سياسياً فقط مجال إعمال قانون الطوارئ في هذا النطاق من الجرائم الخطيرة علي الأمن العام والأمن القومي، والمهم التفعيل بمنع وقوع الجرائم المذكورة حسب الواجب الأساسي للشرطة، وهو ما لم يتم بالفعل في أحداث الجمعة الماضية، حيث لم تمنع تلك الشرطة وقوع ما حدث وهو ما يستلزم البحث والتحري لتلافي الأسباب، ومنع تكرار هذه الأحداث.. وللحديث بقية رئيس مجلس الدولة الأسبق