ختمت الجزء الأول من اجراءات الاصلاح بنداء للدولة المصرية وعلى رأسها الرئيس المناضل البطل عبدالفتاح السيسي أن يتبني سيادته مع وزير الخارجية ووزير الدفاع الدعوة الى مؤتمر دولي لمكافحة الارهاب. وقلت في مقالي المنشور بالوفد يوم السبت 9 مايو 2015 إن قناة مكافحة الارهاب الدولية تعد من أهم القنوات في نطاق الاصلاح الاقتصادي والمالي، وقلت انه سيعقب هذا حديث يتناول قناة أخري لها وظيفتان: الوظيفة الأولى تأكيد الوحدة العربية والوظيفة الثانية استكمال مكافحة الارهاب. وهذه القناة أي قناة الوحدة العربية وتأكيد قيام القوة العسكرية المشتركة المنبثقة من هذه الوحدة العربية أو مشروع اتفاقية القوة العسكرية المشتركة لابد أن نعود في لمحات خاطفة الى تاريخ فكر الوحدة العربية وميثاق الجامعة العربية وما أتاحه هذا الميثاق من مكنات الوحدة والقوة العسكرية. وقد يدعونا هذا الحديث الى أن نتذكر الوحدة المصرية السورية في عهد الرئيس جمال عبد الناصر، وأيضاً أن نتذكر في عجالة الوحدة الرباعية بين مصر والعراق والاردن واليمن في عهد الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك. ومن أجل هذا لابد أن نتحدث قليلاً عن بداية ولادة جامعة الدول العربية التي نشأت من أجل تحقيق آمال العرب القومية. وقد أبرمت اتفاقية الدفاع المشترك والتعاون الاقتصادي، لتحقيق أهداف الجامعة حيث نصت المادة الأولى منها: «تؤكد الدول المتعاقدة حرصاً منها على دوام الأمن والسلام، واستقرارها عزمها على فض جميع منازعاتها الدولية بالطرق السلمية سواء في علاقاتها المتبادلة فيما بينها أو علاقاتها مع الدول الأخرى». وقد تضمنت هذه الاتفاقية أحكاما تتعلق بمواجهة العدوان المسلح الذي يقع على احدى أو بعض الدول المتعاقدة سواء من جانب أحد الاطراف الاخرى في المعاهدة او كان من جانب دولة خارجية، فمن ناحية اعتبر اطراف المعاهدة ان العدوان الواقع علي احدى الدول الأطرف عدوانا عليها جميعاً، وفي ذلك تنص المادة الثانية في فقرتها الأولى، ثم قررت الفقرة الثانية من نفس المادة الزاما على الدول الاطراف بالمبادرة الى معونة الدولة او الدول المعتدى عليها واتخاذ التدابير اللازمة لمواجهة ذلك عن طريق التشاور بينها، وتعبئة طاقاتها الدفاعية وتوحد خططها ومساعيها لاتخاذ التدابير والوقائية والدفاعية التي يقتضيها الموقف «المواد 3، 4». وحيث إنه ورغم أن هذه المعاهدة قد تضمنت نصاً يقرر انشاء قيادة عسكرية موحدة دائمة تضم ممثلي هيئة أركان حرب جيوش الدول المتعاقدة لتنظيم خطط الدفاع المشترك تهيئة وسائله وأساليبه «م/5» إلا أن هذه الهيئة لم تظهر الى حيز الوجود الا في سنة 1964 في أعقاب مؤتمر القمة العربي الأول «حيث وافق ملوك ورؤساء الدول العربية على انشاء قيادة عربية واحدة تحمي المشروعات العربية، على أن تشترك الدول العربية في نفقات هذه القيادة وما تضمنت اعمالها من تعزيزات عسكرية للدول المتاخمة لاسرائيل وهى سوريا ولبنان والأردن. وقد انضمت الدول العربية الباقية في مؤتمر القمة الثاني الى القيادة المشتركة اظهاراً للتضامن العربي في صورة اكثر اكتمالاً. وقد انبثق عن ذلك مجلس الدفاع المشترك واللجنة العسكرية الدائمة التي تؤلف من: ممثلي هيئة أركان حرب جيوش الدول المتعاقدة لتنظيم خط الدفاع المشترك وتهيئة وسائله وأساليبه. وفيما يختص باختصاصات هذه اللجنة فقد اقتصرت علي اعداد الخطط العسكرية لمواجهة العدوان كما أنها تقدم الاقتراحات في شأن تنظيم وحجم قوات الدول المتعاقدة والتدابير الكفيلة برفع الكفاءة العسكرية لقواتها المسلحة، وتقدم المقترحات في شأن أفضل وسائل تعبئة موارد الدول المتعاقدة لصالح المجهود الحربي، كما انها تقوم بتنظيم تبادل البعثات التدريبية وإجراء المناورات المشتركة بين قوات الدول المتعاقدة وتقدم المعلومات والاحصائيات اللازمة عن موارد الدول المتعاقدة وامكانياتها الحربية، كما تحدد لكل دولة متعاقدة ما يطلب منها لتنفيذ المعاهدة المذكورة. وبذلك تكون كل هذه الاتفاقيات لم تصل بعد الى درجة فكر الرئيس عبد الفتاح السيسي من أن تكون قوة عسكرية جاهزة لدرء العدوان علي أي دولة من الدول العربية، وانما يقتصر اختصاصها فقط على مقترحات وبعثات ومناورات ومعلومات. وعلى ذلك فإن الفكر المتقدم الدفاعي الرائد لرئيس الدولة بانشاء قوة عربية موحدة مسلحة ضاربة مدافعة عن الوطن والاوطان العربية يكون - تطوراً عظيماً - ينبغي أن يتم اقراره والاعداد له اعداداً جيداً بحيث تكون هذه القوة العسكرية هي الدرع والسيف للأمة العربية كلها ضد أي عدوان يقع على أي دولة من الدول العربية. ومن حيث القانون الدولي فإن السند القانوني لانشاء هذه القوة العسكرية يكون قائما ومأخوذاً من ميثاق الجامعة العربية ويكون إعماله كافياً لردع أي عدوان يحاول أن يشق الوطن العربي أو الصف العربي أو يحتل أي أرض عربية. وبذلك باعتباري من المشتغلين بالقانون أحيي هذا الفكر وأسانده كما يسانده كل رجال القانون والعسكريين والسياسيين في الوطن العربي الكبير. ولعل انشاء هذه القوة العسكرية بعد ممارسة جامعة الدول العربية لاختصاصاتها لعله يكون بداية لوحدة عربية شاملة بين العرب أجمعين. المحامي