في الوقت الذي انشغل فيه زملاؤها بتحصيل ما فاتهم من محاضرات والاجتهاد في فهم ما سبق واستعصي عليهم فهمه كانت تخضع لعلاج مكثف يحافظ علي ما تبقي من نبض في قلبها العليل شاء القدر أن تولد بإعاقة مزدوجة في ساقها ويدها قال الأطباء إن القضية لا تتعلق بضمور في المخ أو شيء من هذا القبيل ولكنه مجرد عيب خلقي جعل إحدي ساقيها أقصر من الأخري بسنتيمترات ضئيلة لكنها علي أية حال جعلتها فتاة من ضمن آلاف مثلها يبحثن عن مكان في هذه الدنيا التي تضيق أمامهم علي اتساعها. مع مرور السنين كبرت «حياة» لم تكن متفوقة في دراستها لكنها كانت متميزة بطريقة مشيها المختلفة وبذراعها التي تنبه الأطفال في المدرسة أنها مختلفة. تسبب هذا في معاناة نفسية للتلميذة الصغيرة وقتها أمها لم تجد حلا سوي أن تمنعها من الذهاب علي أن تستذكر دروسها في البيت وتؤدي الامتحان آخر العام وهكذا كان الاختباء عن عيون الناس أول حل لمشكلة حياة مع الإعاقة. ذلك الحل الذي تمردت عليه فيما بعد لتصر علي الذهاب الي المدرسة وتتحمل نظرات أقرانها التي تحمل الخوف منها مرة والاندهاش مرة والشفقة والعطف عليها مرات. عندما فتحت ابواب الجامعة ابوابها لتحتضن الفتاة لم تكن علي موعد مع السعادة بل فاجأتها الأيام بمحنة تضاف الي عذاباتها. كانت تلهث وتكاد تسقط مغشيا عليها من شدة الإعياء اعتقدت في البداية أن الأمر لا يعدو أن يكون جهدا زائدا أو أن قلبها لم يتحمل فرحة النجاح والوصول الي مدرجات كلية الآداب لكن كان من الواضح أن الأمر أكبر مما تصورت واعتقدت إجراء التحاليل والفحوصات الطبية تحت مظلة الجامعة باعتبارها طالبة مؤما عليها تبين احتياجها لجراحة في القلب الذي لم يتحمل معاناتها في الحياة رحلة علاج طويلة علي مدي السنوات الأربع ومازال الطريق امامها مفروشا بالالم والأمل, قالت حياة: انا لست حزينة علي ما أصابني فأنا راضية بقضاء الله وقدره والمرض اختبار سأجتازه ان شاء الله المشكلة الآن أنني أعالج علي حساب الجامعة لأن والدي موظف بسيط «علي المعاش» ولي أربعة إخوة غيري في مراحل التعليم المختلفة وهم أولي بالنفقة مني وأصبحت بذلك أمام اختبار أقوي وأصعب فنجاحي في الكلية يعني حرماني من العلاج. بكت الفتاة فأبكتني وهي تقول: كل زملائي في حالة طوارئ الآن لينجحوا ويتخرجوا في الجامعة أما أنا فسأواجه الموت إذا نجحت. لم أكن أتخيل أن الفشل سيكون بالنسبة لي «فرصة حياة».