قالت السفيرة ميرفت تلاوى، رئيس المجلس القومى للمرأة، خلال المؤتمر الموسع للإعلان عن الاستراتيجية الوطنية لمناهضة العنف ضد المرأة، إن الاهتمام بقضايا المرأة إحدى الأولويات المحورية على الأصعدة كافة، ويمثل العنف ضد النساء واحداً من أبرز هذه الأولويات، كونه قضية مجتمعية تنعكس آثارها على المجتمع ككل. أكدت رئيس المجلس القومى للمرأة، على أن الشرائع السماوية بصفة عامة، والشريعة الإسلامية بصفة خاصة، وضعت مكانة مميزة للمرأة من حيث وجوب حمايتها ورفع مكانتها وتنظيم شأنها. وأشارت تلاوي إلى أن الممارسات العملية شهدت إهداراً لتلك الحماية، بسبب سوء فهم النصوص، أو بناء على الأفكار الاجتماعية الموروثة الخاطئة، مما أدى إلى فقدان السياسة التشريعية أو الإجرائية لفاعليتها في المجال، سواء في قانون العقوبات، أو قانون الأحوال الشخصية، مما استلزم وضع وثيقة واستراتيجية واضحة لحفظ حقوق المرأة ومناهضة العنف الموجه ضدها. وأوضحت رئيس المجلس القومي للمرأة، أنه تم وضع تعريف لمصطلح العنف، وتضمنت الاستراتيجية إصدار تشريع متكامل لمعاقبة جرائم العنف ضد النساء، فضلاً عن وضع تعريف محدد حول ظاهرة التحرش الجنسى يُجرم بموجبه مرتكب الواقعة، وجاء التعريف كالآتى: "العنف هو أى فعل قائم على جنس الإنسان، سواء بدنىاً أو جنسياً أو نفسياً أو ما يتسبب فى معاناة للمرأة أو الفتاة، أو التهديد بالقيام بهذه الأفعال، وذلك سواء فى الحياة العامة أو الخاصة". وتابعت تلاوي، نصت الوثيقة على تخصيص دوائر قضائية للنظر فى جرائم التحرش بالنساء، لافتة إلى أن الاستراتيجية صنفت العنف الموجه ضد النساء إلى نوعين؛ العنف الأسرى، الذى يختص بالنظر فى العنف بين الزوجين والحرمان من العمل والإجبار على الزواج أو عمليات الختان، والنوع الثانى يقع تحت تصنيف "العنف المجتمعى"، ويتناول إخلال فرص النساء فى العمل والتميز ضدهن ووقائع التحرش والاغتصاب وهتك العرض فى الشارع، مشيرة إلى أن الاستراتيجية استخرجت نتائج عدة للقضاء على هذه الظاهرة، أبرزها المطالبة بتخصيص دوائر قضائية للفصل فى قضايا العنف والتحرش فى مدة زمنية قصيرة، وتطبيق العقوبات على المتحرش بآلية قانونية ناجزة. أكدت السفيرة على أن الاستراتيجية الوطنية لمناهضة العنف ضد المرأة، اعتمدت على عدد من المؤشرات لقياس أثر تنفيذها، وتمثلت في العمل على خفض نسبة الإناث اللاتي تعرضن للعنف بنسبة 50% وخفض نسبة من تتعرض لعملية الختان والمخاطر المترتبة عليها بنسبة 50%، وخفض نسبة الفتيات المتزوجات دون سن 18 سنة إلى النصف مقارنة بالنسبة عند بداية تنفيذ الاستراتيجية، وتعديل القوانين، والتشريعات، والسياسات المتعلقة بجرائم العنف ضد المرأة، وإصدار قانون شامل يجرم أشكال العنف كافة ضد المرأة. وأوضحت تلاوي أن ذلك يأتي من خلال قياس نسبة النساء اللاتي وقعن ضحايا للعنف، بحسب نوع العنف، ونسبة النساء اللاتي يبلغن عن تعرضهن للعنف داخل المنزل، ومن يبلغن عن تعرضهن للعنف في الحياه العامة، ومن تعرضن لعنف جنسي "اغتصاب أو تعدٍ"، ومن تعرضن لعنف جسدي، أو تشويه الأعضاء التناسلية، بحسب العمر، وعدد التعديلات التشريعية أو القوانين التي تم إقرارها بهدف مكافحة كافة أشكال العنف ضد المرأة. أعلنت رئيس المجلس القومي للمرأة أن الاستراتيجية تتضمن 4 محاور رئيسية هي الوقاية، والحماية، والتدخلات، والملاحقة القانونية. وأوضحت تلاوي، أن المحور الأول للاستراتيجية يتركز على "الوقاية"، أي تنمية الوعي العام، وتصحيح الخطاب الديني وتغيير الثقافة الشعبية من خلال برامج التوعية والتعليم والتدريب، وتحليل الظاهرة من الجانبين الاجتماعي والاقتصادي، لوضع برامج وخطط لتعامل مع أصل وجذور المشكلة، وتمكين المرأة من تجنب العنف. وأضافت أما المحور الثاني فهو "الحماية"، ويستند على العمل على تفعيل وتطوير التشريعات والقوانين المناهضة للعنف ضد المرأة في ضوء الدستور، وإصدار تشريع متكامل يتناول كل صور العنف الموجهة ضد النساء والفتيات لضمان القضاء عليها. وتابعت رئيس المجلس القومي للمرأة، أما المحور الثالث فيتضمن "التدخلات"، ويعني العمل على توفير خدمات الدعمين الصحي والنفسي والمشورة للمعنفات، وتطوير برامج العلاج والتأهيل لمرتكبي العنف، وتوفير مراكز استضافة كافية للمعنفات، إضافة إلى توفير الدعم الاقتصادى للمرأة المعنفة. وأشارت إلى أن المحور الرابع وهو "الملاحقة القانونية"، ويشمل وضع آلية تدابير وقائية لحماية النساء ضحايا العنف، ومدى ملاءمة ذلك للاتفاقيات الدولية بهدف التعرف على الموقف التنفيذي الفعلي، وتخصيص دوائر خاصة للنظر في قضايا العنف ضد المرأة لسرعة الفصل فيها على أن تتولى نيابة الأسرة التحقيق في جرائم العنف ضد المرأة. وأوضحت السفيرة، أن الخطوات التى تم اتخاذها فى مجال القضاء على العنف ضد المراة تعد نموذجاً لمواجهة المشاكل الاجتماعية المعقدة التى تواجه الوطن فى الوقت الراهن، ويأتى ذلك من خلال توافر الإرادة السياسية الداعمة لحقوق المرأة التي تخلق مناخاً مواتياً لتحقيق مبدأ المساواة وكذلك اهتمام كبار المسئولين بالدولة، إضافة إلى التعاون الوثيق بين الوزارات والهيئات المعنية ومشاركة المجتمع المدنى. وأكدت تلاوي على أن المناخ العام في مصر الآن يتيح فرصة لتكاتف الجهود الوطنية لوضع إطار عقد اجتماعي تتفق عليه جميع الأطراف، ويعمل على احترام قيمة الفرد ويوفر العدالة الاجتماعية وأسس التسامح ومبادئ حقوق الإنسان، لافتة إلى أن السياسة الاجتماعية السليمة تبقى الآلية الأقوى بالدولة وأنجحها. يذكر أنه شارك في إعداد الاستراتيجية اثنتا عشرة وزارة، أبرزها السياحة والعدل والتربية والتعليم والثقافة، وعدد من الهيئات والمنظمات النسائية، وعدد من مؤسسات المجتمع المدني.