تصاعد الحديث في الشارع السياسي التركي خلال الآونة الأخيرة عن تشكيل حكومة ائتلافية ، للمرة الأولى بعد 13 عاما على تشكيل حكومة بحزب منفرد وهي حكومة العدالة والتنمية. وظهر هذا النوع من الحديث حول احتمالات تشكيل حكومة ائتلافية بعد أن أكدت أغلبية نتائج استطلاع الرأي التي أعدتها مؤسسات الأبحاث الاجتماعية والسياسية أن هناك احتمالات على اجتياز حزب الشعوب الديمقراطية الكردي الحد النسبي 10% المفروض على الأحزاب السياسية التي تخوض الانتخابات العامة بتركيا. وانزعجت حكومة العدالة والتنمية من هذا الحديث وهو ما ظهر في تصريحات رئيس الجمهورية التركية رجب طيب أردوغان، للمرة الأولى، خلال كلمته بإسطنبول مؤخرا حيث حذر مما أسماه ب "خطورة" تشكيل حكومة ائتلافية، وقال إن هذا الأمر "سيتسبب في أزمة وحالة من عدم الاستقرار بالبلاد، وأن تركيا قد تعود إلى فترة الفوضى والاضطرابات التي عاشتها خلال الأعوام الماضية". وأوضح مراقبون أن حزب العدالة والتنمية قد يضطر إلي تشكيل ائتلاف سياسي كبير مع حزب الشعب الجمهوري المعارض إذا ما تم وضع نتائج استطلاعات الرأي التي أعدتها عدة مؤسسات بحثية بعين الاعتبار. وأكدت آخر استطلاعات الرأي أنه في حال توجه تركيا للانتخابات التشريعية يوم الأحد القادم، سيحصل حزب العدالة والتنمية على 42.5%، أي 264 مقعدا برلمانيا، فيما سيحصل حزب الشعب الجمهوري على 27.1% (134 مقعدا)، والحركة القومية على 17.6% (90 مقعدا)، وحزب الشعوب الديمقراطية الكردي على 10.1% (52 مقعدا)، وهذه الأرقام بكل تأكيد لن تؤهل حزب العدالة والتنمية لتشكيل حكومة بحزب منفرد لأن النصاب القانوني لتشكيل حكومة حزب أوحد يتطلب على الأقل 367 مقعدا برلمانيا، أي ثلثي مقاعد البرلمان التركي البالغ 550 مقعدا. من ناحية أخرى، وفي ضوء هذه الأرقام، لن يتمكن أيضا حزب العدالة والتنمية من تحقيق مشروع تحويل نظام البلاد من البرلماني إلى الرئاسي إلا بموافقة شريكه في الائتلاف الحاكم في حال تشكيل حكومة ائتلافية، وفي نفس الوقت فإن عدد 264 مقعدا برلمانيا لن يساعد الحزب الحاكم على التوجه لاستفتاء عام في البلاد حول تعديلات دستورية لتغيير نظام الحكم من البرلماني إلى الرئاسي لأن هذا الأمر لن يتحقق إلا بعد حصول الحزب على 330 مقعدا برلمانيا على الأقل. وما يمكن قوله هو أن كافة حسابات حزب العدالة والتنمية تقوم بالأساس على عدم اجتياز حزب الشعوب الديمقراطية الحد النسبي 10% وبالتالي إمكانية تشكيل حكومة بحزب منفرد، وبمعنى آخر فإن مستقبل الحزب الحاكم السياسي بتركيا يتوقف على ما سيحققه الحزب الكردي في الانتخابات التشريعية المقرر لها 7 يونيو القادم. ويتردد في الأوساط السياسية التركية أن هناك توجه من الشعب التركي لممارسة ما يعرف ب "التصويت العقابي" لحزب العدالة والتنمية، حيث أوضح تورهان آردم رئيس الهيئة الإدارية لشركة "كوندا" للبحوث الاجتماعية والسياسية، أن الشعب سيعاقب رئيس الجمهورية أردوغان في الاقتراع القادم مع اجتياز حزب الشعوب الديمقراطية الحد النسبي 10%.