صدر عن الدار المصرية اللبنانية في القاهرة مؤخرا كتاب حديد للناقد الدكتور صلاح فضل بعنوان "سرديات القرن الجديد"، ضمن سلسلة "رؤى نقدية"، التي صدر عنها من قبل كتابان هما "الرواية وتحرير المجتمع" للدكتورة أماني فؤاد، و"النص والتلقي" للدكتور أحمد درويش. ويقع كتاب "سرديات القرن الجديد"، في 340 صفحة من القطع المتوسط، وهو الحلقة الأحدث في مشروع صلاح فضل النقدي والذي يقوم على مواكبة الإبداع الروائي والقصصي، المصري والعربي، من مختلف الأجيال. ويفصح د. صلاح فضل في مقدمة كتابه عن انتمائه إلى دائرة "النقد التطبيقي"؛ المعني بالممارسة أكثر من القول في التنظير، وإرساء الأصول والقواعد التي تحدد تلك الممارسة. ويقول فضل في مقدمة الكتاب: "بين يدي القارئ الكريم عدد ضخم من المقالات النقدية التي تنتمي كلها إلى مجال الخطاب النقدي التطبيقي الموجه لكافة القراء ممن اطلعوا على الأعمال الأدبية أو لم يقرأوا نصوصها، ومن ثم فهي مقاربات مركزة تسعى لاكتشاف تقنياتها الفنية وقياس درجة شعريتها وحساسية لغتها وبؤرة اهتمامها". ويقع الكتاب في قسمين كبيرين؛ الأول خصصه المؤلف ل "سرد المصريين الكبار"، خيري شلبي وسليمان فياض ورضوى عاشور وصنع الله إبراهيم ومحمد البساطي ومحمد ناجي ونوال السعداوي ومحمد جبريل وفؤاد قنديل وأحمد الشيخ ومحمود الورداني ويوسف القعيد وإبراهيم عبد المجيد وإبراهيم عيسى.. وآخرين. أما القسم الثاني ، المعنون ب "مشهد السرد العربي"، فخصصه فضل لمتابعة النتاج الروائي للكتاب العرب؛ من خلال محورين؛ رأسي يتناول فيه نتاج أسماء بارزة مثل إبراهيم الكوني وحنا مينا وإبراهيم نصر الله، مرورا بأسماء الأجيال الأحدث مثل خالد خليفة وسحر خليفة ولينا هويان الحسن وسنان أنطون وعلي المقري وربيع جابر وعلوية صبح، وصولا إلى أسماء أحدث أفرزتها حركة الجوائز النشطة؛ ومنها أحمد سعداوي وسعود السنعوسي وجنى فواز الحسن وآخرين. فيما يغطي المحور الثاني في هذا القسم؛ الأفقي، النتاج الروائي العربي وفق الامتداد الجغرافي، فنكاد لا نجد بلدا عربيا غير ممثل بكاتب أو أكثر، تناول صلاح فضل نصا روائيا له. وبرر صلاح فضل هذا التقسيم بقوله في مقدمة الكتاب "وقد كان بوسعي أن ألتمس محاور محددة أعيد من خلالها توزيع المقالات على أساسها في أبواب معينة، لكني أوثر أن أترك لها طابعها الأصلي في الفورية والعفوية والتنظيم المكاني في النطاق المصري والعربي والزمني في تحديد جيل الكبار المكرمين في جانب والمبدعين العرب في جانب آخر". ويكشف فضل أنه خصص كتابا آخر، سيصدر قريبا في إطار السلسة ذاتها؛ لمتابعة النتاج الروائي لجيل الشباب من المصريين والعرب، وكذلك لسرديات السير الذاتية. وتتبدى خلف مقالات هذا الكتاب طموح كبير لمؤلفه؛ الناقد القدير، الذي أثرى الحياة الأدبية والنقدية بعشرات الكتب والدراسات والترجمات التي باتت تحتل مكانها الرفيع في مكتبتنا الأدبية والنقدية، طموحٌ يتجلى في تحديد ورسم خارطة كلية وشاملة لأهم محطات وتيارات ومسارات الكتابة الإبداعية السردية في مصر والعالم العربي. وكان فضل قد استهل مشروعه النقدي بكتابه المرجعي "أساليب السرد في الرواية العربية" 1993، مرورا ب "عين النقد على الرواية المعاصرة" 1997، و"شعرية السرد" 2002، و"الإبداع شراكة حضارية" 2003، و"لذة التجريب الروائي" 2000، وصولا إلى "التمثيل الجمالي للحياة" 2008. فضلا عن التأسيس النظري وتأطير التصورات المحددة للممارسة النقدية التطبيقية، من خلال عدد كبير من الكتب التي عرض فيها لأبرز وأهم التيارات النقدية المعاصرة مثل كتبه "منهج الواقعية في الإبداع الأدبي"، و"نظرية البنائية في النقد الأدبي"، و"علم الأسلوب مبادؤه وإجراءاته"، و"بلاغة الخطاب وعلم النص".