صدر حديثًا عن الدار المصرية اللبنانية، كتاب جديد بعنوان «سرديات القرن الجديد»، للناقد الكبير الدكتور صلاح فضل. «سرديات القرن الجديد»، يقع في 340 صفحة من القطع المتوسط، وهو الحلقة الأحدث من مشروع نقدي ضخم سعى به «فضل»، إلى مواكبة الإبداع السردي المتدفق من المحيط إلى الخليج، وفي القلب منه إبداع الكُتاب المصريين من جيل الكبار (كُتاب الستينيات)، والجيل الذي يليه، وذلك من خلال المتابعة الدورية الدؤوبة للنتاج الروائي والقصصي، المصري والعربي، من مختلف الأجيال. ويفصح «فضل» في مقدمة كتابه عن انتمائه لدائرة النقد التطبيقي المعني بالممارسة أكثر من القول في التنظير وإرساء الأصول والقواعد التي تحدد تلك الممارسة، يقول فضل: "بين يدي القارئ الكريم عدد ضخم من المقالات النقدية التي تنتمي كلها لمجال الخطاب النقدي التطبيقي الموجه لكل القراء ممن اطلعوا على الأعمال الأدبية أو لم يقرأوا نصوصها، ومن ثم فهي مقاربات مركزة تسعى لاكتشاف تقنياتها الفنية وقياس درجة شعريتها وحساسية لغتها وبؤرة اهتمامها». ويبرز «فضل» أن مقالات الكتاب "تهدف إلى إضاءة النصوص السردية التي عالجتها من داخلها وتشجع التذوق الملتقي لها مع إشارات وجيزة في مدخل كل مقال إلى شخص المبدع ومجمل خبرته الفنية والجمالية لمن لا يعرفه أو لمن لم يسبق للقراء مقاربة وقراءة عمل من أعماله». يقع الكتاب في قسمين كبيرين؛ الأول خصصه المؤلف ل"سرد المصريين الكبار"، متابعًا فيه بالنقد والقراءة التحليلية الكشف عن جماليات الإبداع الروائي لأكبر وأهم الأسماء الروائية التي عرفها المشهد المصري خلال العقود الخمس الأخيرة، يكاد "فضل" لا يغادر اسما كبيرا له منجزًا سردي واضح؛ دون أن يتعرض له بإضاءة كاشفة لعمل أو أكثر، فنرى في هذا القسم مقالات عن: خيري شلبي وسليمان فياض وروضوى عاشور وصنع الله إبراهيم ومحمد البساطي ومحمد ناجي ونوال السعداوي ومحمد جبريل وفؤاد قنديل وأحمد الشيخ ومحمود الورداني ويوسف القعيد وإبراهيم عبد المجيد.. وآخرين. أما القسم الثاني المعنون ب«مشهد السرد العربي»، فخصصه الناقد الكبير لمتابعة النتاج الروائي للكتاب العرب، متابعًا فيه كما في القسم الأول حركة الإبداع الروائي في العالم العربي؛ من خلال محورين؛ رأسي يتناول فيه نتاج الكتاب العرب من أبرز الأسماء وأكبرها سنًا مثل: إبراهيم الكوني، حنا مينا، إبراهيم نصر الله، مرورًا بأسماء الأجيال الأحدث مثل خالد خليفة، سحر خليفة، لينا هويان الحسن، سنان أنطون، وعلي المقري، ربيع جابر وعلوية صبح، وصولًا إلى أسماء أحدث أجيال الكتابة العربية التي أفرزتها حركة الجوائز النشطة مثل الجائزة العالمية (بوكر العربية)؛ ومنها أسماء سعود السنعوسي، أحمد سعداوي وجني فواز الحسن وآخرين. فيما يغطي المحور الثاني في هذا القسم؛ الأفقي، النتاج الروائي العربي وفق الأمتداد الجغرافي، فنكاد لا نجد بلدًا عربيًا غير ممثل بكاتب أو أكثر، تناول «فضل»نصًا روائيًا له، من الخليج إلى المحيط، ومن الشام إلى اليمن، ومن شمال أفريقيا إلى السودانز وقد ارتضى «فضل» هذا التقسيم لكتابه الجديد مبررًا ذلك بقوله في مقدمة الكتاب "وقد كان بوسعي أن التمس محاور محددة أعيد من خلالها توزيع المقالات على أساسها في أبواب معينة، لكني أوثر أن أترك لها طابعها الأصلي في الفورية والعفوية والتنظيم المكاني في النطاق المصري والعربي والزمني في تحديد جيل الكبار المكرمين في جانب المبدعين العرب في جانب آخر». تتبدى خلف مقالات هذا الكتاب النقدية بقسميه طموح كبير لمؤلفه؛ الناقد القدير، الذي أثرى الحياة الأدبية والنقدية بعشرات الكتب والدراسات والترجمات التي باتت تحتل مكانها الرفيع في مكتبتنا الأدبية والنقدية، طموح يتجلى في تحديد ورسم خارطة كلية وشاملة لأهم محطات وتيارات ومسارات الكتابة الإبدعية السردية في مصر والعالم العربي.