تعد المجالس الشعبية المحلية في مصر علي مختلف مستوياتها المدرسة الأولية التي يتعلم فيها المواطن ألف باء السياسة، لما تتيحه من فرص المشاركة، ووجود حكم محلي ماهو إلا نتيجة للتوسع الكمي في وظائف الدولة الحديثة وواجباتها، والتوسع الكيفي حقوق المواطنين. لقد مرت مصر علي مدار عقود بعدة مراحل تنظيمية لإدارة شئون البلاد، تم من خلالها تقسيمات عديدة وبمسميات مختلفة، الي أن استقر الأمر علي تقسيم الجمهورية الي وحدات ادارية تتمتع بالشخصية الاعتبارية، منها المحافظات والمدن والقري، ويجوز انشاء وحدات ادارية أخري تكون لها الشخصية الاعتبارية إذا اقتضت المصلحة العامة ذلك، وقد تم انشاء مجالس شعبية بمستويات مختلفة تعمل علي ادارة شئون المواطنين وتوفير المرافق والخدمات المعيشية اللازمة لهم. وتهدف المجالس الشعبية المحلية إلي المشاركة في صنع السياسة العامة وتوزيع السلطة في الدولة بين الجماعات والمصالح المتنوعة، وإتاحة الفرصة لمشاركة المواطنين في إدارة شئونهم المحلية بأنفسهم وتحقيق كفاءة لأداء السلع والخدمات المحلية وتطوير الموارد البشرية. والمجالس الشعبية المحلية بمستوياتها الخمسة «المحافظة المركز المدينة الحي القرية» تختص بالرقابة والاشراف علي المرافق والأعمال التي تدخل في اختصاص الوحدات المحلية، فضلا عما تمارسه المستويات العليا لهذه المجالس من صلاحيات رقابية علي المستويات الأقل، كما تحظي تلك المجالس بصلاحيات قانونية تخولها سلطة الاشراف والمتابعة والاقرار علي نشاط الجهات الخاضعة للرقابة، بهدف الوقوف علي حسن قيام الأجهزة بالمهام الموكلة اليها، ومدي التزامها بالخطة الموضوعة وذلك من خلال آليات معينة. ومصر تعد من أعرق الدول التي عرفت الادارة المحلية منذ تقسيم أرض الدلتا الي قسمين رئيسيين.. هما الريف والحضر في أعقاب فتح مصر عام 641 ميلادية وإن كانت البدايات الأولي للنظام المحلي قد عرفتها مصر مع الاحتلال الفرنسي لها، حيث قسم نابليون بونابرت البلاد الي 16 مديرية، ومع تولي محمد علي الحكم قام بتقسيم البلاد الي 14 مديرية قسمت كل مديرية الي عدة مراكز. وقد طبقت مصر أول نظام للادارة المحلية بمقتضي القانون في مايو 1883، حيث انشئت مجالس المديريات كفروع للادارة المركزية وان كانت هذه المجالس لم تحظ بالشخصية المعنوية فضلاً عن أن اختصاصاتها كانت استشارية، ثم عرفت مصر نظام المجالس البلدية لأول مرة عندما تأسست بلدية الاسكندرية ومنحت الشخصية المعنوية في 5 يناير 1890، وقد جاء أول اعتراف دستوري بالنظام المحلي المصري في المادتين 132 و133 من دستور عام 1923 والذي نص علي أن يتم تشكيل جميع المجالس «بلديات « مديريات» عن طريق الانتخاب كما منح الدستور المجالس اختصاصات تتعلق بتنفيذ السياسة العامة محليا وألزمها بنشر ميزانياتها وأن تكون جلساتها مفتوحة للمواطنين. ومنذ عام 1960 صدرت العديد من القوانين المنظمة للمجالس المحلية ودورها، وفي عام 1975 تم النص في القانون علي انشاء مجالس شعبية للمركز ليصبح خمسة مستويات من المجالس الشعبية، ومنذ انشاء أول مجلس محلي في تاريخ مصر وحتي عام 1971 لم يكن هناك سوي المجلس الشعبي المحلي، ولم يكن موجوداً المجلس أو الجهاز التنفيذي، وكان المجلس الشعبي المحلي يقوم بجميع الأمور.. يضع السياسة وينفذها ويشرف علي المرافق، أي يقوم بالدورين الرقابي والتنفيذي، وفي عام 1971 تم انشاء المجلس التنفيذي علي مستوي المحافظة، وفي عام 1975 تم تعميم هذا النظام، وأنشئت مجالس تنفيذية علي مستوي المدن والمراكز والأحياء والقري، وأصبح لأول مرة في مصر نظام المجلس التنفيذي «موظفون» والمجلس الشعبي المحلي «منتخبون». وللحديث بقية سكرتير عام حزب الوفد