تاريخ العلم هو التاريخ الحقيقي للانسان وصلب قصة الحضارة بعيداً عن تاريخ العروش والتيجان، وقصص العلماء وكفاحهم هي قصة التقدم وتطور الانسانية، بالعلم استطعنا أن نخرج من المجموعة الشمسية بسفن الفضاء والتي تستغرق رحلاتها أكثر من عشر سنوات تكون أجهزتها العلمية قد تقادمت في ظل تسارع التكنولوجيا والاختراعات، وبالعلم أوجدنا المحطة المدارية في حجم ملعب الكرة تدور حول الأرض للدراسة واختصار المسافات وتم اختراع طائرات 7 أمثال سرعة الصوت وأطلق العلم كمبيوتر متناهي الصغر ليهاجم الفيروسات في الدم وبالعلم استطاع الانسان أن يرى الوجه الآخر من العمر وتصويره والقائمة طويلة ومذهلة وأصبح العلم في حياتنا يحيطنا من كل الجهات، لدرجة أن التقدم العلمي من تسعينيات القرن العشرين حتي الآن يفوق ما تحقق منذ فجر الانسانية حتي بداية هذه التسعينيات ونحن نغط في نوم عميق والعالم يركض من حولنا. ومن هنا فإن الثلاثين عاما الراكدة إبان حكم مبارك انما تتعدى قرنين من الزمان الضائع مثله مثل المماليك والعثمانيين ولن ينجينا من التخلف المزري وهذا الهوان الا أن نلوذ بالعلم ونسخر كل امكاناتنا ليتدفق نهر العلم العظيم، والحق انها ليست جريمة مبارك أو مرسي فقط وانما تمتد لتشمل عبد الناصر والسادات بل وكل تجار الوطنية والأديان ودرس التاريخ يعلمنا أن ما من زعيم أناني محب لنفسه يمكن أن يكون زعيماً وطنياً أو دينيا والأصح أن يكون فوضوياً، وقبل عام 52 خطونا خطوات جادة للحاق بركب العلم في ظلال فترة شبه ديمقراطية مسروقة من الزمن «23 - 1952» وفي عام 1908 افتتح سعد زغلول الجامعة المصرية في ملحمة وطنية قائلا: إن هذه الجامعة دينها العلم الى أن جاء 52 وبعدها بقليل تقلد كمال الدين حسين وزارة التعليم وكان حول الثلاثين من العمر رافعا راية السلفية وتملق مشايخ ورؤساء الجامعات وقلده عبد الناصر المناصب التالية بعد عام دراسي قضاه بعد الثانوية بالكلية الحربية: 1- رئيس المجلس الأعلى للعلوم 2- رئيس المجلس الأعلى للفنون والآداب 3- رئيس مجلس البحوث 4- رئيس المجلس الأعلى للجامعات 5- نقيب المعلمين 6- رئيس المعاهد القومية وبعد فترة أقيل من مناصبه بسبب خلافات سياسية وليست علمية بعث برقية لناصر يقول له «اتق الله»!! ولم يكن غريباً أن ينتشر في بر المحروسة الخرافة والخزعبلات والابتعاد عن المنهج العلمي فكانت نتائج الحروب والبحث عن البترول تدار بمعرفة قراءة الطالع وعندما سئل عميد احدى كليات العلوم عن صعود الانسان الى القمر رد قائلا: أعوذ بالله من هذا الشطط وحذر من انحراف القمر عن مداره إذا ارتطم به الصاروخ الذي يحمل الرواد فتكون الطامة الكبرى، وهذا أديب يكتب أن الشمس تغرب في مخبئها ساجدة لله رافعة إليه الدعاء أن يمكنها من الظهور مرة أخرى. والآن يعود الى صدارة المشهد الاعلامي زواج الجن والعفاريت ببني الانسان ولا تنسى مس الشياطين وقراءة الأبراج والطالع ويحدثنا الرئيس الأسبق من سجنه أن التخابر مع حماس شرف عظيم، ونترك العلم لأهله وناسه غير مدركين أن الله خلقنا بدون ظفر أو ناب وأكرمنا بالعقل لندبر به أمورنا وتسهيل معيشتنا ونهزم به الطبيعة وقسوتها. ونحن علي مشارف الانتخابات البرلمانية أحذر نفسي وإياكم من مغبة التفريط في أصواتنا بحجة العصبيات والمال والأيادي المتوضئة فلا نعطي اصواتنا لتجار الوطنية أو الدين والأكل على موائد الحزب الوطني ومن قبله الاتحاد القومي والاشتراكي ومنظمة الشباب ومن هرول مع السادات تاركاً حزب مصر ومن شرب من بركة مبارك الآسنة وأن يكون انحيازنا وملاذنا هو العلم نخدم به وطننا وانسانيتنا والبرلمان القادم منوط به تشريع قوانين الضمان والتقارب الاجتماعي بعد أن تقاعس الأغنياء - في أنانية صارخة - عن تدعيم الاقتصاد أو حتى دفع مستحقاتهم الضريبية لننطلق في ركب العلم والعلماء بعيداً عن الطامعين والمتنطعين حيث لا مكان لنائب الخدمات الذي يخدم نفسه فقط ويأخذ من مال الدولة المدفوع من ضرائب كل المواطنين ليضعها في دائرته نظير عمولات وسمسرة ويحرم منها مناطق أخرى هى في أشد الحاجة إليها، اشترطوا على المترشحين لمجلس النواب جميعاً وعلى الأخص نواب الحزب الوطني السابقين ورجال الأعمال أن يكونوا مسددين للضرائب المستحقة عليهم يقول المثل الفرنسي: «قد أستخرج من عقل العلماء ذهباً أكثر مما أستخرج من باطن الأرض». مستشار اقتصادي