يواجه مشروع قانون الجمارك الجديد غضباً شديداً لدى مجتمع الأعمال المتمثل في اتحادي الصناعات والغرف التجارية، وتتركز الاعتراضات الخاصة بالقانون حول تغليظ عقوبات التهريب الجمركي. يأتي أبرزها ما يتضمنه المشروع المقترح من إضافة تجريم جديد يتم تصنيفه ب«الشروع في التهريب الجمركي»، وأكد ممثلو مجتمع الأعمال أن هذا التجريم يفتح المجال أمام سلطات الجمارك لاستغلاله في توجيه اتهامات عديدة بالتهريب نتيجة تفسير خاطئ لمفهوم هذا «الشروع»، خاصة أن تعديلات القانون تتضمن مكافآت مالية لمسئولي الجمارك مقابل النجاح في منع أي قضية تهريب!!. ويتمثل النص القانوني المقترح بشأن تجريم الشروع في التهريب في المادتين 122 و123، واللتين تهدفان لردع المتهربين ردعًا كافيًا يمنعهم من ارتكاب جريمة التهريب، حيث تنص المادة 122 على أنه «مع عدم الإخلال بأي عقوبة أشد ينص عليها أي قانون أخر، يعاقب كل من قام بتهريب بضائع أو «الشروع فيه» بالحبس مدة لا تقل عن سنة وبغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنية ولا تزيد على مائة ألف جنيه أو إحدى العقوبتين، فإذا كان تهريب البضائع أو الشروع فيه بقصد الاتجار كانت عقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنتين ولا تتجاوز 5 سنوات وغرامة لا تقل عن 20 ألف جنيه ولا تزيد على مائتي ألف جنيه أو بإحدى العقوبتين. ويعاقب على حيازة البضائع المهربة بقصد الاتجار مع العلم أنها مهربة بالحبس مدة لا تقل عن سنة وغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه ولا تزيد على مائة ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين. وفى جميع الأحوال يحكم على الفاعلين والشركاء والأشخاص الاعتبارية اللذين تم ارتكاب الجريمة لصالحه متضامنين بتعويض يعادل مثلى الضرائب الجمركية المستحقة. فإذا كانت البضائع موضوع الجريمة من الأصناف الممنوعة أو المرفوضة من الجهة المختصة كان التعويض معادلا لمثلى قيمتها أو مثلى الضرائب المستحقة أيهما أكبر. وتضاعف العقوبة أو التعويض في الحالات السابقة إذا سبق للمتهم ارتكاب جريمة تهريب أخرى خلال خمس سنوات السابقة صدر فيها حكم بات بالإدانة أو تم التصالح فيها. أما المادة 123 فتنص على أنه «تسري أحكام الفقرتين الثانية والرابعة من المادة 122 من هذا القانون على كل من استرد أو «شرع» في الاسترداد بطريق الغش أو التزوير الضرائب الجمركية أو الضرائب الأخرى أو المبالغ المدفوعة لحسابها أو الضمانات المقدمة عنها كلها أو بعضها ويكون التعويض معادلا مثلى المبلغ موضوع الجريمة». ويرد الدكتور مجدي عبد العزيز رئيس مصلحة الجمارك على اعتراضات مجتمع، مؤكداً في تصريح خاص ل «الوفد» أن وضع عقوبة الشروع في التهريب بالقانون الجديد ليس بدعة قانونية، ولكنه كان يتم تطبيقه حتى عام 2005، حيث أن قانون الجمارك الحالي يعرف بالقانون رقم 66 لسنة 1963 المُعدل بالقانون رقم 95 لسنة 2005، وشهد هذا التعديل إلغاء عقوبات تجريم الشروع في التهريب الجمركي. وشدد رئيس الجمارك على ضرورة منع الاستمرار في عدم تجريم الشروع في التهريب، لأنه يعتبر فرصة مقننة للتهرب، موضحاً أنه إذا لم تفلح الفرصة يعود الممول للالتزام وكأن شيئاً لم يكن، ولهذا كان لابد من إعادة عقوبة تجريم الشروع في التهريب لقانون الجمارك، وذلك لردع صور التهريب التي تفاقمت خلال الثلاثة أعوام الماضية، وأثرت بدورها على جميع الصناعات المهمة وأبرزها الملابس الجاهزة والمنسوجات. وأوضح رئيس الجمارك ل«الوفد» أن الشروع له أشكال عديدة، أبرزها «التهريب المستندي» والذي يتم من خلال تلاعب بعض المستوردين في تقديم مستندات لرد رسوم جمركية، وعند الفحص نكتشف أن ما يستحقه أقل مما تضمنته المستندات، مما يعنى أن هذه المستندات غير سليمة وتتضمن تلاعباً للحصول على رد أكبر للرسوم، وعند مواجهة صاحب المستندات بعدم صحتها يحدث التحايل بادعاء أن هذه المستندات غير مقصودة وليست الأصلية ويطلب تقديم مستندات أخرى سليمة للهروب من العقوبة، ورغم أن هذا الإجراء يعد تهرباً إلا أن القانون الحالي لا يجرم ذلك ويعتبره شروعاً في التهريب فقط ويمنح الفرصة للمستورد أن يقدم مستندات جديدة سليمة، في حين أنه كان من الممكن أن يحصل على رد رسوم لا يستحقها إذا لم تكتشف سلطات الجمارك عدم صحة مستنداته عند الفحص.