يا خسارة وألف خسارة علي المجهود الرهيب الذي يبذله المهندس إبراهيم محلب رئيس مجلس الوزراء يوميا.. حتي إنه كاد يسقط من الإعياء في بعض الأحيان.. يصول ويجول في طول البلاد وعرضها من أجل أن يفيق النائمون في المحليات والوزارات ويحسوا علي دمهم من أجل أن يعملوا ولكن لا حياة لمن تنادي. منذ حوالي شهرين قام المهندس محلب بافتتاح المستشفي الجامعي بمنطقة سموحة بالإسكندرية والتي تكلفت أكثر من 700 مليون جنيه، وتم تجهيزه بالشكل اللائق لتقديم خدمة طبية محترمة.. أجهزة طبية وغرف عمليات واستقبال آدمي كل شيء علي «سنجة عشرة».. ولكن ماذا حدث بعدها بأسبوعين قام اللواء طارق المهدي محافظ الإسكندرية بزيارة مفاجئة للمستشفي وكانت الطامة الكبري.. المستشفي مغلق بالضبة والمفتاح لا أطباء ولا طلبة ولا مرضي ولا هيئة تمريض.. المكان تحول الي مقر للأشباح أين تبخر كل هؤلاء وقد كانوا جميعا متواجدين أثناء الافتتاح؟ فماذا يفعل «محلب» لوحده لمقاومة هذه المنظومة الكارثية من الإهمال والكساد؟ خاصة أنه إذا تجرأ وقام بفصل المهمل أو المقصر في عمله يلجأ الي الصحافة وهات يا ولولة وشكوي.. ويلجأ الي مجلس الدولة وغالبا ما يكسب القضية ويعود لعمله!! القضية الخطيرة أن مصر تملك أكبر جهاز روتيني في العالم أكثر من أمريكا وأوروبا وتركيا.. أكثر من 6.5 مليون موظف يعملون في دهاليز الحكومة.. يحصلون علي مليارات الجنيهات كمرتبات شهريا.. ولكن المشكلة أن معظم هؤلاء لا يريدون العمل.. يريدون أموالا وآخر شيء يفكرون فيه هو العمل والإخلاص والتفاني.. حتي أصبح هؤلاء عبئا كبيرا علي الدولة بسبب تضخم مخصصاتهم السنوية من حوافز ومكافآت وعلاوات دورية واجتماعية.. فهل تستقيم الأمور في بر المحروسة مع استمرار الحكومة في إدخال آلاف مؤلفة من الموظفين الجدد كل عام.. حتي أصبح الجهاز الإداري في مصر هو أكبر جهاز حكومي في العالم.. والمردود من ورائه هو تعطيل مصالح البلاد والعباد ووقف الحال وسلب أموال المواطنين تحت مسمي الرشوة والإكرامية وتمشية الحال.. هل ننتظر من مثل هؤلاء أن تنهض البلاد علي أيديهم أو تسد احتياجاتهم دون عمل ودون خدمة المواطنين؟ من هذا المنطلق ونحن في عالم «نيام نيام» فقد فوجئ الجميع بقدوم الشتاء فجأة بما له من استعدادات لوجستية لتخفيف المشاكل والعناء عن المواطنين.. فوجئنا بأزمات البوتاجاز وانقطاع التيار الكهربائي، وغرق شوارع الإسكندرية في «شبر مية» حتي لجأ بعض المواطنين إلي استخدام المراكب واللنشات البحرية و«البيتش باجي» للتنقل بين منازلهم.. فأين المحليات من هذه الكارثة.. وماذا فعل المهندس محلب لمواجهة أزمة البوتاجاز غير التوجيه الي الوزراء المسئولين في البترول والتموين لتوفير الأنابيب للمواطنين.. فلا هو حل أزمة ولا هو كشر عن أنيابه للوزراء المسئولين لكي يفيقوا من غفوتهم حتي فوجئوا بقدوم الشتاء فكانت الكوارث والأزمات المتوالية. منذ ثورة 25 يناير 2011 ومع قدوم الشتاء رسميا في الأسبوع الأخير من شهري ديسمبر ويناير تبدأ معاناة المواطنين في الحصول علي أنبوبة بوتاجاز وتبدأ تصريحات المسئولين والوعود المعسولة حول حل الأزمات.. المواطنون واقفون في طوابير طويلة في عز البرد أمام مستودعات توزيع البوتاجاز وسيارات الأنابيب لا تأتي وإذا جاءت فسرعان ما تتبخر ولا يحصل المواطن علي احتياجاته.. لدرجة أن هناك من سقط شهيدا ضحية الحصول علي أنبوبة.. وهناك من سقط فرحا بحصوله علي الاسطوانة الموعودة.. فهل الشتاء جاء فجأة ولماذا لم تعمل الحكومات المتعاقبة منذ الثورة حتي الآن، علي حل المشكلة جذريا؟ لماذا يتحججون دائما بأن الأحوال الجوية السيئة هي السبب في تأخر وصول سفن الغاز الي الموانئ؟ لماذا لم يقوموا بعمل خزانات ضخمة لتخزين البوتاجاز المطلوب لوقف معاناة المواطنين؟ في حقيقة الأمر أن لدينا وزراء يتحدثون أكثر مما يعملون فوزير التموين رغم نجاحه في تحسين مستوي رغيف الخبز من خلال بطاقته الذكية التي قضت علي الطوابير علي حد كبير.. إلا أنه فشل في حل مشكلة أنابيب البوتاجاز وحل المأساة السنوية التي يتعرض لها المواطن رغم أن الحل ملك يديه وهو تفعيل بطاقته الذكية لحصول الناس علي الأنابيب.. ولكنه لايزال يفكر ويفكر ويفكر.. ثم أخذ يفكر ويفكر ويفكر قبل تطبيق المنظومة حتي استفحلت المشكلة وأصبحت طوابير البوتاجاز تسد عين الشمس.. لماذا لا يعلن الدكتور خالد حنفي وزير التموين عن حقيقة أزمة أنابيب البوتاجاز بدلا من المبالغة في الإعلان عن طرح أكثر من مليون و300 ألف اسطوانة يوميا.. لماذا لا يقول الحق عن عدم وجود غاز بوتاجاز لدي مراكز ومصانع التعبئة لمد الأسواق باحتياجاتها.. هل يعلم وزيرا التموين والبترول أن 70٪ من مزارع الدواجن قد أغلقت أبوابها بسبب عدم توافر أنابيب البوتاجاز لتدفئة الكتاكيت والطيور.. هل يعلم رئيس الوزراء أن المزارع تكبدت خسائر فادحة بسبب نفوق الطيور من البرد.. من يعوض أصحاب المزارع عن خسائرهم وخراب بيوتهم.. الي متي يستمر المسئولون في إخفاء الحقائق عن المواطنين؟ لماذا لا يعترفون بعدم وجود مخزون لسد الاحتياجات؟ وعدم توفر السيولة اللازمة لشراء الغاز بشكل منتظم مما يؤدي الي الأزمات المتكررة؟ فهل يعلم هؤلاء أن إعلان الحقائق هو بداية الطريق لمواجهة الأزمات.. ولكن يا خسارة هناك من أدمن الكذب؟ وهذا بالتأكيد ليس في مصلحة الحكومة أو المواطن لأنه يزيد من حالة الغضب الشعبي المكتوم والذي كاد ينفجر في وجه الجميع. وزير الكهرباء هذا الرجل دمث الخلق يخفي الحقيقة ويتحجج ببرودة الجو مبررا لقطع التيار في فصل الشتاء عن المواطنين.. والله عيب لأن البرد لم يكن سببا في يوم من الأيام لتخفيف الأحمال والتنكيد علي المواطنين في الشتاء.. وإذا كان هذا هو الحال شتويا فهل سيعود الصيف المظلم في العام الماضي هذا العام أيضا؟ لماذا لا يقول الوزير الحقيقة أن البترول لم توفر له كميات الغاز والمازوت الكافية لتشغيل محطات الكهرباء وبالتالي هو مضطر لقطع الكهرباء عن المواطنين؟ وزير البترول له عذره أيضا فالبترول والغاز المستورد يحتاج الي ميزانيات بالعملة الصعبة وما لم توفره له وزارة المالية فمن أين له بالمال لاستيراده.. خاصة أن المنح والهبات البترولية والغازية من السعودية والكويت والإمارات قد نضبت وقد كان عليه أن يعلن أن المعونات قد نضبت وعلينا أن نواجه المشكلة بالمصارحة وإعلان الحقائق لكي يتفاعل المواطن مع نداءات الترشيد.. إخفاء الحقائق علي يد صنّاع الأزمات لابد أن يواجهه رئيس الوزراء بمزيد من الشفافية والوضوح وليس بالرحلات المكوكية الماراثونية التي ترهقه كثيرا لأنه كمن يحرث في الماء.. فلا أثر ولا عائد لحرثه لأنه لن يعمل كل شيء بنفسه و علي وزرائه ومساعديه أن يعملوا أيضا حتي يصبح بكرة أحلي من النهاردة.. المحليات يجب أن تفيق وتتخلص من السادة المرتشين.. الصحة والتعليم والكهرباء والبترول والمالية والاستثمار والتخطيط نريد ابتكارا للخروج من الأزمات.