بعد فترة صوم مدته 43 يوماً ويسمي صوم الميلاد لأنه يشير إلي صوم موسى النبى في البرية أربعين يوماً وثلاثة أيام التي نادى بهم البابا إبرام بن زرعة لنقل جبل المقطم، صوم الميلاد كله تسبيح وفرح وتهليل وشكر.. استعداداً لمجيء المسيح، ونحن نحتفل اليوم بميلاد السيد المسيح له المجد ونتذكر عمق محبته للناس.. فمن أجل محبته لهم سعي لخلاصهم، ومن أجل محبته لهم أخلى ذاته وأخذ شكل العبد ونزل من السماء وتجسد وصار في الهيئة كإنسان. فقبل ميلاد المسيح كانت هناك خصومة بين الله والناس وجاء المسيح لكي يصالحنا معه، لأنه كان هناك خوف بسبب حكم الموت الذي صدر على الإنسان الأول (آدم) عندما عصى أوامر الله. لذلك كان هناك فرح عندما ولد المخلص كقول إشعياء النبى «لأنه يولد لنا ولد ونعطى ابناً وتكون الرياسة علي كتفه ويدعي اسمه عجيباً، مشيراً إلهاً أباً أبدياً رئيس السلام». إن التجسد والفداء أساسهما محبة الله للناس، فمن أجل محبته لنا جاء إلينا ومن أجل محبته لنا مات بالجسد علي عود الصليب عنا، لذا يقول الإنجيل «هكذا أحب الله العالم حتي بذل ابنه الوحيد» (يو 3 : 16) ونحن في تجسده نتذكر محبتها التي دفعته إلي التجسد، لذلك نتغني في بدء كل يوم إذ نقول في صلاة باكر: «أتيت إلي العالم بمحبتك للبشر وكل الخليقة تهللت بمجيئك»، فميلاد السيد المسيح نقلنا من الخوف العظيم إلي الفرح العظيم.. خوف نتيجة شعور الإنسان بالتعرى الداخلى والخارجى بسبب الخطية، فنادى الرب الإله آدم وقال أين أنت؟ فقال آدم سمعت صوتك في الجنة فخشيت لأنى عريان فاختبأت (تك 3 : 9، 10). أيضاً خوف من مصير الإنسان المحتوم بالموت الجسدى، لذلك كان هناك خوفاً عظيماً للرعاة عندما سمعوا صوت الملاك وكان في تلك الكورة رعاة يحرسون حراسات الليل علي رعيتهم وإذ ملاك الرب وقف بهم ومجد الرب أضاء حولهم، فخافوا خوف عظيم، فقال لهم الملاك «لا تخافوا فهاأنا أبشركم بفرح عظيم يكون لجميع الشعب إنه ولد لكم اليوم في مدينة داود مخلص هو المسيح الرب (لو 2 : 8) فواضح قدرة الملاك العجيبة علي إدراك سر رعب وخوف هؤلاء الرعاة.. فهو يدرك سبب خوفهم فيسرع ويطمئنهم لا تخافوا.. لأنه ولد لكم اليوم من سيخلصكم من كل أسباب الخوف العظيم، هذا المولود سيلغى كل سلطان الخطية من على الإنسان ويصالح الإنسان بالله وينهي علي الدينونة والرعب منها، إنها بشارة عجيبة حقاً للإنسان البائس، إنها نطق إلهى جديد وعجيب يزيل كل آثار الرعب للنطق الأول باللعنة والموت والطرد الذي تغلغل في أعماق نفسية الإنسان، لهذا ظهر الملاك يوم ميلاد المسيح ممجداً الله ومطوباً البشرية معاً. «المجد لله في الأعالى وعلي الأرض السلام وبالناس المسرة». خادم كنيسة مارجرجس بمنشية الصدر كاتب ومفكر قبطى