تجديد الخطاب الديني يدور حوله جدل كبير، وهو علي فلان ما يردد المتشددون من رجال الدين بأنه تغيير ثوابت الدين، فهذا غير صحيح تماماً والمغالون في ذلك يتصورون خطأ أن التطوير أو التجديد في الخطاب الديني، هو تغيير المفهوم العقائدي فلا تغيير لثوابت الدين وأصوله ولا هدم لقيمه ومبادئه سواء كانت الإسلامية أو المسيحية أو غيرها من الأديان أو لا قدر الله استبدالها بأخري محرفة أو مبدلة.. وليس صحيحاً أيضاً كما يردد البعض جعل الدين متوافقاً مع النظرة الغربية وظروف العصر.. غير صحيح أن المقصود بالتجديد أو التطوير في الخطاب هو التخلي عن الثوابت الأساسية فهذه قضية مفروغ منها تماماً ولا جدال فيها. لكن ننظر مثلاً إلي رجال الدين الإسلامي وعلي رأسهم الشيخ محمد عبده الذين كانوا ضمن البعثة التعليمية التي أرسلها محمد علي باشا الكبير إلي باريس، عندما رجعوا قالوا رأينا تطبيقاً للدين الاسلامي في فرنسا من مواطنين غير إسلاميين، والمعني هنا المقصود به هو حسن المعاملات في التعامل في الشارع والالتزام بالعمل والصدق وخلافه.. الأفعال والتصرفات كما يقول دعاة الإسلام وعلماؤه وفقاؤه يقصدون بمصطلح التجديد هو تحديث وسائل الدعوة والتجديد فيها، ومنهم من يقصد بيان حكم الإسلام في الأشياء المستجدة، ومراجعة التراث الفقهي بطريقة يتم الاستفادة منها وتقريب الفقه للناس وتيسيره ونحو ذلك من المعاني الشرعية. والتجديد في الخطاب الديني ليس شيئاً مستحدثاً أو جديداً فقد ورد في السنة النبوية المطهرة عن عبدالله بن عمرو أن النبي «صلي الله عليه وسلم» قال «إن الإيمان ليخلق في جوف أحدكم كما يخلق الثوب، فاسألوا الله أن يجدد الإيمان في قلوبكم.. ومعني يخلق أن يبلي.. وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي «صلي الله عليه وسلم» قال: إن الله يبعث لهذه الأمة علي رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها»، أي يبين السنة من البدعة.. والمجددون لدين الاسلام بالمفهوم الشرعي هم أهل العلم خاصة ومن ينصرون الاسلام عامة من الحكام.. أما الذين يتحدثون عن التجديد فهم لا علاقة لهم بالعلوم الدينية فلا يجوز لهم، ولكن يجب أن يقوم بمهمة التجديد البارعون المتخصصون لأن مهمة التجديد لا ينبغي لها إلا الراسخون في العلم وأهل الحل والعقد في الأمة وما أكثرهم لدينا عبر المؤتمرات والمجامع العلمية التي تتمتع بالاستقلال وحرية الفكر والرأي، والمجدد لابد أن يكون باحثاً عن الحقيقة اتفقت مع ميوله أو لم تتفق ومتمسكاً بالحق بعيداً عن أي هوي وهو ما نتحدث عنه غداً إن شاء الله. سكرتير عام حزب الوفد