يبدو أن تمرير الدستور الجديد لليمن لن يكون بسهولة في ظل رفض جماعة أنصار الله الحوثيين وحزب المؤتمر الشعبى العام الذي يتزعمه الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح لرفض الأول فكرة الأقاليم الستة في مسودة الدستور وتفضيل دولة من إقليمين والثاني لأنه يقصي شخصيات بعينها من الترشح للمناصب القيادية إذا كان من منتسبي الجيش لمدة عشر سنوات من خروجه من الخدمة. أعلنت جماعة أنصار الله على لسان زعيمها عبد الملك بدر الدين الحوثي رفضها لفكرة الأقاليم الستة رفضا قاطعا لأنه سيؤدي إلى تفكيك الدولة خاصة الجنوب ولأن ذلك يتناقض مع اتفاقية السلم والشراكة التي وقعتها جميع الأطراف السياسية. وذكرت صحيفة (اليمن اليوم) الناطقة باسم حزب المؤتمر أن جميع أعضاء لجنة صياغة الدستور وقعوا في الإمارات على المسودة الأولى باستثناء ممثل الحوثيين .. وأشارت إلى أنه وفقا للائحة فإن المسودة في حكم المتوافق عليها إذ يشترط لرفضها اعتراض أكثر من مكون واحد أو أكثر من 10 % من الأعضاء البالغ عددهم 17 عضوا إلا أن الحوثيين يرون أن هذه المسودة تتعارض مع المادة العاشرة من اتفاق السلم والشراكة كما أن المسودة ستخضع لإشراف ومراجعة الهيئة الوطنية لمراقبة مخرجات الحوار ومن الممكن تعديلها. وتنص المادة العاشرة على أن تعمل الهيئة الوطنية عبر الإشراف على لجنة صياغة الدستور ضمن قضايا أخرى على معالجة قضية شكل الدولة بطريقة تلتزم بمخرجات الحوار الوطني الشامل. وفي هذا الصدد، قالت صحيفة (الاولى) اليمنية المستقلة إن وفدا من مستشاري الرئيس اليمني سيتوجه اليوم إلى صعدة مقر الحوثي في مهمة لتحريك الجمود القائم في العملية السياسية ومحاولة إنهاء التوتر وعدم الثقة بين القوى السياسية في صنعاء وجماعة أنصار الله وقد سبقهم إلى صعدة صالح الصماد مستشار الرئيس عن الحوثيين. ونقلت الصحيفة عن مصادر سياسية إن مستشاري الرئيس سيشرحون للحوثي طبيعة التعقيدات التي تحول دون تنفيذ كل مطالب أنصار الله ومنها ما هو موجود في اتفاق السلم ومخرجات الحوار وسيحاولون الوصول إلى تفسير مشترك حول مفهوم الشراكة التي تنادي به الجماعة. أما حزب المؤتمر فلم يفصح عن موقفه من مسودة الدستور منتظرا إلى نشر المسودة بصورة رسمية ولكن المتحدث باسم الحزب والأحزاب المتحالفة معه حذر من تضمين الدستور أي نصوص إقصائية أو التمديد للفترة الانتقالية أي أنه يرفض التمديد للرئيس اليمني حتى إذا لم يتم الانتهاء من الفترة الانتقالية. وقال عبده الجندي الناطق الرسمي باسم "المؤتمر الشعبي العام" في مقال بصحيفة (الميثاق) الإسبوعية الناطقة التابعة للحزب إن الدستور يجب أن يكون خاليا من النصوص والمواد الاستفزازية والإقصائية التي يقصد بها العزل السياسي .. مشيرا إلى أن من يحاولون استغفال الشعب بأوهام بناء الدولة المدنية الحديثة وأنها لن تتحقق إلا من خلال وضع القيود على من يرغب في ترشيح نفسه من أبناء القوات المسلحة والأمن عبر استحداث شروط تحرم بعض الأشخاص من شغل المناصب الأمامية في الأحزاب والتنظيمات السياسية هى سابقة لا وجود لها في العالم. ورفض الجندي إضافة مرحلة انتقالية جديدة إلى المرحلة الحالية، وقال إن هذا يعني إضافة خلافات جديدة إلى الخلافات القديمة كما أنها ستؤثر سلبا على ما تبقى من المهام التي نصت عليها المبادرة الخليجية بالإضافة إلى أن استحداث هيئات جديدة لا ضرورة لها يعني نفقات كبيرة وأموال طائلة في ظروف اقتصادية وأمنية بالغة التعقيد. وأوضح أن من يريدون تمديد العملية الانتقالية يخشون من العودة إلى الشرعية الانتخابية ولا يهمهم ما وصلت إليه الأوضاع من تعقيدات تهدد بانهيار كل مؤسسات الدولة. وتشترط مسودة الدستور على من يريد الترشح لمنصب رئيس الجمهورية ألا يكون من العاملين في الجيش أو الأمن أو المخابرات وإذا ترك الخدمة لا يصح له الترشح إلا بعد مرور 10 أعوام على تركه لها وهو ما يعني عمليا منع ترشيح أحمد علي عبد الله صالح نجل الرئيس السابق ويرى حزب المؤتمر أن هذا المنع غير قانوني أو دستوري ولا يجب منع أي مواطن من ممارسة حقوقه الدستورية. وصرح حسين حازب عضو اللجنة العامة لحزب المؤتمر بأن الحزب أخطأ عندما فوض الرئيس اليمني بتشكيل الحكومة والتي أقصى من المشاركة فيها .. مشيرا إلى أن عملية إقصاء المؤتمر من الحكومة جاءت لتمرير عقوبات مجلس الأمن. وأكد حازب - في تصريحات له - أن المؤتمر لن يهمه المؤامرات التي تحاك ضده وسوف يكون المؤتمر العام الاستثنائي الذي يتم التحضير له بمثابة محكمة لحسم كل القضايا. ومن جانبها، نقلت صحيفة (الشارع) المستقلة عن مصدر سياسي رفيع المستوى قوله إن مسودة الدستور مصاغة بصورة ركيكة وهناك تناقض في المواد إذ تنص على أن المواطنين متساوون في الحقوق والواجبات ولا يجوز التمييز بينهم وبعد ذلك تضع شروطا للترشح لمنصب الرئيس كما أنها تشترط على الوزراء ألا يكونوا من منتسبي الجيش والأمن فكيف يتم اختيار وزيري الدفاع والداخلية وهل سيكونا من خارج المؤسستين العسكرية والأمنية. وقال المصدر إن المسودة تتضمن مواد مفصلة ضد عبد الله صالح وابنه أحمد ومواد أخرى هدفها التمديد للرئيس هادي في الحكم ولو جرت الأمور كما هو مخطط لها وأقر الدستور فإن اليمن يحتاج إلى 4 سنوات لانتخاب رئيس جديد للبلاد ما لم تحدث مشاكل أمنية تعيق عملية الاستفتاء من الأساس وحينها يظل هادي رئيسا للبلاد دون إجراء انتخابات رئاسية بالإضافة إلى السنوات الثلاثة التي قضاها وهو رئيس انتقالي ويمكنه بعد ذلك الترشح للرئاسة مرتين مدتهما عشر سنوات.