أثارت تصريحات وزير السياحة التي تناولتها وسائل الإعلام الأسبوع الماضي حول عزمه الاستقالة من منصبه خلال شهر يناير الجاري، تساؤلات كثيرة حول شخصية وزير السياحة القادم. كما أثارت تصريحات الرئيس عبدالفتاح السيسي عن أنه قد يجري تعديلاً وزارياً قبل الانتخابات النيابية وفقاً للمصلحة القومية نفس التساؤلات. وفي حال الاستقرار علي تغيير وزير السياحة فكيف يفكر القطاع السياحي في مواصفات شخصية وزير السياحة القادم؟ واليوم نطرح علي القطاع السياحي هذا السؤال عما يتصورونه كمواصفات لشخص الوزير وما الدور المطلوب في المرحلة المقبلة ولاسيما بعد أن اتضح جلياً في الجمعيات العمومية للغرف السياحية والاتحاد في الأسبوعين الماضيين من أن القطاع السياحي برمته قد وصل إلي مرحلة الاحتضار والإفلاس ويتطلع القطاع المصرفي المصري لذلك التغيير، حيث إن مديونية قطاع السياحة للبنوك تجاوزت كل الحدود الآمنة وأصبحت البنوك تفكر جدياً في إغلاق الكثير من الفنادق والشركات السياحية وفقاً لنزيف الخسائر مع تحويلها إلي مشروعات عقارية تباع للمصريين والأجانب، بحيث يمكن الحصول علي عائدات نقدية تسدد المديونيات الكبيرة لديها. الخبير السياحي أحمد الخادم، وزير السياحة والطيران في حكومة الوفد الموازية، قال: مبدأ حزب الوفد هو أن اختيار الوزراء لابد أن يكون علي أساس قدراتهم السياسية ومدي استيعابهم للأبعاد السياسية لمناصبهم وكيف يمكن أن يعملوا بتنسيق وتناغم مع زملائهم في الوزارات المختلفة لخدمة خط سياسي واضح مشترك يهدف إلي تنمية المجتمع والمواطن والاقتصاد. وأكد أن أسوأ الوزراء أداء هم من يطلق عليهم التكنوقراط ذلك لأنهم يستغرقون في تفاصيل العمل دون رؤية سياسية كما يتحولون تدريجياً إلي منفذين لطلبات القطاع بطريقة يوم بيوم دون رؤية مستقبلية، والدليل علي ذلك أن أنجح وزراء السياحة في تاريخ مصر كانوا جميعاً من خارج القطاع السياحي مثل فؤاد سلطان وهو مصرفي واقتصادي معروف وصاحب مشروع التنمية السياحية المصرية، وممدوح البلتاجي وهو من القطاع الإعلامي وعمل رئيساً لهيئة الاستعلامات، وبالتالي حقق طفرة في الدعاية والترويج لمصر سياحياً، وأحمد المغربي الذي جاء من قطاع الاستثمارات وحقق طفرة في إعادة تنظيم وزارة السياحة وهيئة تنشيط السياحة، والكثير من التعديلات التشريعية رغم قصر المدة التي قضاها في الوزارة، ومنير فخري عبدالنور الذي جاء من القطاع الصناعي والتجاري واستطاع أن يحافظ علي كيان وزارة السياحة والغرف السياحية والاتحاد في أصعب الظروف التي مرت بها في تاريخها في الفترة التي تلت ثورة 25 يناير. لذلك يجب أن يكون الوزير سياسياً بالأساس وملماً بعموميات صناعة السياحة وقادراً علي تفويض الفنيين في الوزارة والقطاع الخاص في القيام بالأعمال التنفيذية التي تؤدي إلي تحقيق الأهداف الاستراتيجية السياحية التي هي جزء من استراتيجية التنمية القومية. ويقول الخبير السياحي ناصر تركي، نائب رئيس غرفة شركات السياحة، رئيس لجنة السياحة الدينية بالغرفة: لا يهمني تغيير الوزير أو بقاؤه ولكن ما يهمني أنه لا يصلح أن يدار القطاع السياحي بفكر حكومي وكفانا هيمنة الجهات الإدارية علي القطاع، في العالم كله القطاع السياحي تديره الغرف والاتحاد وتكون الجهات الإدارية دورها رقابي ومن يضع الرؤي والخطط هم أصحاب القطاع لكن ما نحن فيه أشبه بحكم المحليات. ويطالب «تركي» بضرورة تعديل قوانين السياحة علي أن يضعها أهل المهنة، وعلي سبيل المثال هيئة تنشيط السياحة من الضروري جداً أن يكون لها معايير جديدة، لأنه لا يعقل أن يعين وزير السياحة رئيس الهيئة عن طريق مسابقة، فكيف ينشط السياحة وهو ليس لديه الخبرة؟.. والأمر الغريب - كما يقول تركي - أنه منذ قيام الثورة وهناك مصطلحات وشعارات غريبة مثل أفكار خارج الصندوق وحتي الآن لم أر أي فكر جديد خارج هذا الصندوق، يا جماعة تعالوا نجلس علي ترابيزة واحدة ونتكلم في مصلحة البلد ومصلحة القطاع السياحي بدلاً من أن نسمع عن صراعات بين السياحة والطيران والسياحة والمحليات، ومنذ عشرات السنين أسمع عن مجلس أعلي للسياحة، فأين هذا المجلس وما أهدافه؟.. وطالما لا يوجد لدينا خبراء استعينوا بخبراء من العالم يكونون متخصصين مثل ألمانيا وغيرها.. ليكون لدينا خطة لمدة 50 عاماً قادمة يسير عليها الجميع والوزير ينفذ. ويؤكد «تركي»: نحن لا نريد وزير سياحة، نحن نريد مصلحة سياحية لإنقاذ القطاع السياحي من الموت، كفاية.. كفاية.. كفاية، تعالوا نبدأ من أول السطر بمعني «انسف حمامك القديم»، لا نريد وزيراً كل ما يهمه الكرسي، مطلوب مواجهة تبدأ بخطة، ونضع كل المشاكل وطرق الحلول، وأهم شيء أن يفهم المواطن أهمية السياحة، مطلوب تغيير المنظومة بالكامل هذا هو الحل الحقيقي ولو جاء أفضل وزير سياحة في العالم سيفشل في ظل المنظومة الخاطئة التي نعمل بها، مطلوب نفكر صح، ناس بتحب البلد مطلوب توعية المواطن بأهمية السياحة والحملة التي سبق وأطلقت بعنوان «السياحة خير لينا» كانت مجرد شعار ولم يستفد منها أحد.. هناك أفكار كثيرة، وعلي سبيل المثال مجري النيل الذي قيل إنه شريان الحياة لماذا لا نفكر في أن تقام علي المجري من القاهرة حتي أسوان في كل مدينة يمر عليها السائح، صناعات يدوية صغيرة لهذا البلد ليشعر الناس بأهمية السياحة، المشكلة أن المواطن لا يعرف قيمة السياحة ولو عرفها لحافظ عليها، مصر كلها متحف مفتوح، العبقرية المصرية هي الشعب المصري لكن للأسف شعب غلبان مسكين، لا يجد التوعية بأهمية السياحة له. ويري الخبير السياحي ناجي عريان، نائب رئيس غرفة الفنادق، أن أهم شيء مطلوب من الوزير الجديد أن تكون علاقاته طيبة مع الوزراء الآخرين، ويكون صوته مسموعاً في مجلس الوزراء ليشعرهم بأهمية السياحة للاقتصاد القومي، خاصة عند إصدار أية قرارات تمس السياحة وأن تكون تلك القرارات أو القوانين مدروسة لأن صناعة السياحة يمكن أن تحل أزمة مصر اقتصادياً. ويضيف ناجي عريان: القطاع السياحي الآن في حالة انهيار تام بسبب الأزمة الاقتصادية وبعد إلغاء السوق الروسي 50٪ من حجوزاته وكذلك الدول الاسكندنافية التي ألغت رحلاتها إلي شرم الشيخ، ما أقصده أن وزير السياحة بدون مساندة الحكومة لن يفعل شيئاً مطلوباً، تكاتف الجميع مع السياحة ومطلوب لجنة استشارية لإنقاذ الموقف علي غرار لجنة الكهرباء والطاقة لإنقاذ المشاكل الكثيرة التي تواجه القطاع ومنها علي سبيل المثال الضريبة العقارية وقانون العمل الجديد، فهما يدمران القطاع السياحي وفي ظل هذه القوانين لن يكون هناك استثمارات للمصريين أو الأجانب، مطلوب وزير ذو عقلية اقتصادية مثل فؤاد سلطان وذو علاقات قوية محترمة مع الوزراء والمحافظين وذو توعية قوية سياحياً، ومتفهم جيداً للسياحة مثل أحمد المغربي هذا هو نموذج الوزير المطلوب لإنقاذ السياحة والاقتصاد القومي. بينما يقول الخبير السياحي أشرف شيحة: نحن لا نحتاج إلي وزير سياحة علي الإطلاق ولا وزارة سياحة، نحن نحتاج إلي هيئة تنشيط سياحة ووزارة تنمية سياحية، بمعني السياحة تنشط برجالها من القطاع الخاص وهيئاتها من القطاع العام الذي يتبع الدولة «هيئة التنشيط» أما وزارة التنمية السياحية فهي التي تمهد هذا البلد للتسويق، هي التي تعمل تنمية سياحية في البلد ولديها المشروعات السياحية الضخمة لا تبيع أراضي للمستثمرين ولكن تبيع مشروعات للمستثمرين، فمثلاً كيف يكون بشارع الهرم تنمية سياحية حقيقية، لما هيئة التنشيط تروج الشركات السياحية، يكون الترويج حقيقياً وبشكل صحيح، كيف أخلق منطقة تسوق عالمية وجذب سياحي عالمي. لا أريد وزيراً «غرقان» في مشاكل بيروقراطية لا حصر لها ومشاكل شركات لا حصر لها ليس هذا المطلوب أبداً وأنا ضد أن يسافر الوزير لكل بلد للترويج ولكن رئيس هيئة تنشيط السياحة هو الذي يحضر المعارض والمؤتمرات للترويج، والوزير يؤهل البلد للسياحة وزير يتحرك لكل منتدي دولي علي حساب الدخل الدولي، السياحة لا يمكن أن تدار بموظفين، السياحة لابد أن تدار بمبدعين. وطالب «شيحة» بثورة حقيقية في التشريعات القديمة لأنه لا يمكن العمل إلا بفكرة جديدة يمكن أن تطبق علي أرض الواقع وتمويل لتطبيق الفكرة وقانون يسمح بتنفيذ الفكرة، فبالتأكيد هناك الكثير من المبدعين والأفكار لدينا التمويل ولكن في أحيان كثيرة لا يوجد التشريع الحقيقي الذي يحيي فكرة التنفيذ ويجعل من المسئول صاحب إصدار القرار غطاء قانونياً حقيقياً، فالمشكلة ليست في مسمي وزارة وهيئة، المشكلة فيمن يجلس علي كرسي الوزارة والهيئة ويمتلك إمكانيات حقيقية للإبداع والتنفيذ. ويقول الخبير السياحي باسل السيسي، رئيس اللجنة الاقتصادية بغرفة شركات السياحة: مطلوب من الوزير الجديد أن يشارك بجدية في إزالة المشاكل الضريبية الموجودة لدي قطاع الشركات بفتح مخطط مع جهات تمويل بنكية لإعادة النظر في تمويل المشروعات الصغيرة وأن يتم تغيير القوانين الموجودة التي يعمل في إطارها النشاط السياحي، وتكون هناك قوانين بديلة بالاشتراك مع الجهات المعنية وتعرض علي مجلس النواب القادم لتعديلها وأن يتخلص الوزير الجديد من الحساسية المفرطة باعتباره جاء من نظام حكومي في مواجهة القطاع الخاص عليه أن يتبني قضايا السياحة حتي إذا كان الأمر يصل إلي مواجهة الجهات السيادية في الدولة لأن السياحة قضية وطنية في صالح الوطن والمواطن بشكل عام. مطلوب من الوزير الجديد أن يعيد النظر في منظومة تنشيط السياحة وإسنادها لجهة متخصصة لتواكب التطور التكنولوجي الموجود في العالم كله، وأن تشجع الكيانات الصغيرة وعدم الاكتفاء بالكيانات الكبري. وتقول الخبيرة السياحية نورا علي: مطلوب من الوزير الجديد أن يكون له رؤية واستراتيجية واضحة تنفذها هيئة تنشيط السياحة والاستعانة بالخبرات بعيداً عن الموجودين الآن في الغرف والاتحاد، خاصة أن هناك كوادر ذات خبرة عالية ولكنها رافضة العمل في الاتحاد والغرف، فيجب الاستعانة بهم، مطلوب من الوزير الجديد تنظيف البيت من الداخل بعد ترتيب الوزارة والاستعانة بكوادر منتجة لا تتصارع مع بعضها ويستعين الوزير الجديد بمجلس استشاري حقيقي تكون له رؤية في جميع القرارات وأن تتم إعادة صياغة قانون السياحة بعد طرحه علي المجلس الاستشاري ويتفاوض ليحصل علي القرار منهم. مطلوب استراتيجية جديدة للتسويق، مطلوب من الوزير الجديد الاستعانة بالشباب لأننا في حالة صراع مع الزمن في التكنولوجيا ويستعين بالكوادر ويختار الصالح منها. وتقول الخبيرة السياحية أماني الترجمان: مطلوب من الوزير الجديد أن يفكر خارج الصندوق وأن تكون قراراته حاسمة، يفكر للمصلحة العامة ومصلحة القطاع بعيداً عن الكرسي ومصالحه الشخصية ويبعد عن «التلميع» الإعلامي لمصلحة الكرسي وأي وزير يفكر بهذا الأسلوب سيسقط سقوطاً ذريعاً، مطلوب من الوزير الجديد أن يكون ذا شخصية قيادية لا يخاف أي شيء من أحد ولا يكون من الحكومة حتي لا يكون فكره حكومياً، يفكر في منظومة السياحة بطريقة مختلفة تخدم البلد والقطاع.