دعونى أبدأ المأساة من النهاية لأصل إلى البداية سارداً لك مأساة الطفل المصرى عبدالمسيح ذى الرابعة عشرة من العمر عندما سولت له نفسه الجائعة أن تمتد يده لأخذ خمسة أرغفة عيش خلسة ليسد بها جوعه وجوع عائلته.. ولن أخوض فى الإجراءات والتعاملات البوليسية والقانونية ليصدر فى النهاية حكم قضائى بانتزاعه من حضن أمه وأهله وإيداعه لمدة عام بإحدى دور الأحداث أى أخذ بصمة «حرامى العيش» وحرم من الدراسة والحنان والرعاية الأسرية وضاع مستقبله يا ولدى «ووصم رسمياً بالعار». إنى أحترم القضاء وأحكامه لأن بلداً بلا قضاء غابة سوداء ولكن فى بعض الأحيان يجب أن نحكم بروح وعدالة وإنسانية القانون وليس بألفاظه.. ابنى عبدالمسيح تقبل أسفى واعتذارى عما حدث، فنحن الحرامية ونحن اللصوص الذين سرقوا حقك فى الحياة ولقمة العيش من فمك عندما طالبنا بتحقيق أوهام الإنسانية والوعود البراقة بالعدالة الاجتماعية ودواوين من الأخلاق الدينية لتحقيق الحقوق الدنيوية وإذا هى تنقلب إلى أضغاث أحلام وعورات اجتماعية وإهدار للكرامة الإنسانية... قالوا إن المرء يولد حراً ومع الأيام يصبح عبداً ويتوه فى دوامة النيات الطيبة والوعود الخادعة والتصريحات المخدرة فيرضخ صاغراً وتصبح الحقوق ال 19 التى أقرتها الأممالمتحدة كذبة كبيرة ولأنشط ذاكرتك لهذه الحقوق.. الحق فى الحياة والمساواة والجنسية والملكية الخاصة والتعليم والصحة والعمل والضمان الاجتماعى والتفكير وإبداء الرأى وحرية العقيدة والعبادة والانتخاب والتمثيل النيابى وتكوين الأحزاب والنقابات وحماية الحياة الخاصة ومنع التعذيب والمعاملة الإنسانية والعدالة الناجزة والتنقل وتداول المعلومات وبيئة نظيفة. ويثور شباب من الشعب مناديا بالعدالة الاجتماعية والمساواة والحرية والحياة الكريمة وتحقيق الوعود فإذا به يكتشف أنها لعبة مأساوية فلا هناك «حقوق ولا يحزنون» وإنما التزامات بلا حقوق تؤديها كارهاً صاغراً مستسلماً ونتعلم أن الثورات أيضا قد تصبح أكذوبة كبيرة. هل فشل الحكماء والحكام فى تحقيق الحقوق الأولية للإنسانية ونحن فى القرن ال21 وما زلنا نحبو إلى العدالة والحرية؟ ولن أتناول ما حدث من انتهاكات للإنسانية فى أمريكا وبكل بجاحة تعقب أنه أسلوب ضرورى للوصول إلى الحقائق.. من منا بلا خطيئة فليرم الآخر بالحجر. وقانا الله من مخلوقه. عضو الهيئة العليا