ما هذا الذي يحدث علي الساحة السياسية وهؤلاء الذين يتكلمون عن الاستعداد إليها ليس بعظماء الرجال أو القادرين علي حمل رسالة الدفاع عن حقوق الوطن، إنما تصوروا أن المسألة هي منافسة كمنافسات التجار في سوق العبيد، والشاطر الشاطر هو الذي يدفع أكثر، واحد منهم قال إنه يستعد ويجهز نفسه لذلك بأكثر من مليار من الجنيهات والآخر جهز للمعركة القادمة كذا من الملايين والفقير الفقير قال إنه جهز «كذا ألف من الجنيهات» لخوض المعركة الانتخابية القادمة. وما نراه علي هذا النحو يمثل ظاهرة في منتهي السوء، إذ إن الانتخابات علي هذا يريدونها نوعاً من التجارة أو التنافس علي مسألة «من يدفع أكثر مع من معه الأكثر» ويجهزون أنفسهم وفي يقينهم ما كان يتم في الانتخابات السابقة حيث كان المال هو الفارق بين نائب وآخر، القادر علي شراء «الشنطة وما بها من أرز وزيت وما شابه وخلافه» وكانت هذه الظاهرة هي الظاهرة التي دمرت الحياة النيابية في مجلس الشعب الذي كان يقال عنه في حياتنا التشريعية والدستورية «إنه سيد قراره» وأنه كان علي هذا النحو يقدم لنا تشريعات ضعيفة هزيلة قابلة - دائماً - للبطلان لأن واضعيها ليسوا من ذوي الخبرة، ناهيك أن «لغة المال في شراء الأصوات» قدم لنا أعضاء في المجلس فيهم من صفات لا تليق بكرامته «أي كرامة المجلس عقل التشريع وقلبه» وقد رأينا هؤلاء عضواً أطلقوا عليه «سميحة» وآخر يرتاد بؤر السوء، والأخطر هؤلاء الأعضاء الذين دخلوا مجلس العقل والقانون وكانوا من تجار المخدرات وقد ذكروا في حيانه - بأسمائهم وسوابقهم - ونذكر أننا كتبنا مقالاً كان عنوانه «إنهم يكتبون التشريع بمياه الجوزة».. وإن أغضب هذا المقال كثيراً منهم ولكن الحق أحق أن يقال. يا أيها القوم مصر دخلت في تاريخها المعاصر منحرفاً تاريخياً جديداً هل نسيتم أنها ثورة وثورة قامت في البلاد وللثورة حرفتها في تغيير ما انحرف في السياسة ومن بعد عن الطريق المستقيم في خدمة الأمة وليعلم الجميع أن هذه الصورة السوداء التي كانت عليها البلاد لن تعود ولن تكتب لها في أي مجال حيوي في البلاد سواء في الوظائف العامة أو المسئولية السياسية أو الاجتماعية وأخيراً التشريعية. لذلك وجب - منذ الآن - والانتخابات علي الأبواب أن ينتبه الشعب وهذا لصالحه وصالح المجتمع قاطبة أن يفكر ويدبر ويختار من هو أهل لحمل رسالة الحق والعدل والقانون.