شهدت السنوات الأربع الماضية «2011 – 2014» محاولات مستميتة من دكاكين «الجزيرة» و«الجزيرة المباشر»، بالتدخل السافر في شئون النظام العربي، والهجوم المستمر علي مصر، ومساندة جماعة الإخوان الإرهابية، وترويج مفاهيم محددة لتبرير ممارسات العنف والتطرف لصالح الإخوان، وشن حروب من الأكاذيب السياسية وتشويه الحقائق. كل ذلك بقصد الإساءة للدولة المصرية والمساس بوحدة الأمة العربية، دون فهم لطبيعة الجرم الذي ارتكبوه في حق مصر. وكان حصاد السنوات الأخيرة مراً، وبرز جلياً حين وجهت قطر سهامها المسمومة نحو مصر بعد ثورة 25 يناير، وفي سياق المواجهة غابت الكثير من التقاليد والأعراف وموروثات الاحترام العربية، والأمانة المهنية، بداية من وضعها لشعار «معاً لإسقاط مصر» داخل موقعها الرسمي. كما أخذت علي عاتقها مطالبة مصر باسترداد الوديعة القطرية التي أعطتها لمصر في زمن الإخوان، بالإضافة إلي دعمها المتواصل لهم. وأيضاً ضيافة المعارضين لمصر في قطر، وافتعال معارك وهمية، عن طريق بث فيديوهات مفبركة مليئة بالأكاذيب والافتراءات، بما يساعد علي استمرار الفوضي في المنطقة. والتحريض علي الهجمات ضد الجيش والشرطة من مواقع التواصل الاجتماعي بأساليب انتقامية وعدوانية، وأيضاً السخرية من الخطط الأمنية الموجهة ضد الإرهاب، والادعاء بأن هناك انتهاكاً لحقوق الانسان يحدث داخل الوطن. إضافة لذلك إطلاق قنوات فضائية في بلدان أخري ليكيلوا فيها الشتائم علي الدولة المصرية. وأخيراً موقف قطر الأخير بتوفيرها المكان الآمن لقادة الإرهاب، والوقوف بجانبهم ومساعدتهم في توجيه ضرباتهم إلي مصر من منصة قطر الإخبارية، مما يشكلا عامل تهديد لاستقرار المنطقة بأكملها. تسود حالة من الغموض حول مصير قنوات الجزيرة القطرية، في حال إتمام مصالحة مصر مع قطر، ما بين وقف بثها داخل الدول العربية، أو تغيير السياسية الإعلامية الموجهة ضد بعض الأنظمة العربية، وخاصة النظام المصري، خصوصاً بعدما فقدت مصداقيتها في دول الربيع العربي، وأصبحت ورقة محروقة في مجال نشر وتداول المعلومات والوثائق، وحسبما تردد حول دعمها لجماعة الإخوان الإرهابية، تنفيذاً لأجندات خارجية. الدكتورة ليلي عبد المجيد، عميد كلية الإعلام بجامعة الأهرام الكندية، تري أن قناة الجزيرة القطرية ليست فقط مجرد بوق يردد صدي أصوات أسيادها، بل هي تطبخ السم في مطبخها الإعلامي، الذي يفتقد للمصداقية والحيادية المفترضة في مجال الإعلام، وبعد ذلك تبثه مباشرة علي الهواء، وهو بالتأكيد يحقق أهدافها ومصالحها الخاصة، في ظل تواجد القاعدة الأمريكيةبقطر من أواخر التسعينيات، وسعيها الدؤوب للصعود والتقدم، لذا يتوجب وقف بث هذه القناة من داخل الدول العربية، حفاظاً علي وحدة الأمة واستقرارها . وأضافت: إذا ما رغبت قطر في إطلاق قنوات جديدة كبديل عن «الجزيرة» و«الجزيرة مباشر»، فعليها قبل التفكير في تغيير الأسماء، الالتزام بموروثات الاحترام العربي، وميثاق الشرف الإعلامي، وتغير قياداتها السابقين والسياسة الإعلامية، أي يحدث تغيير جذري في أداء القنوات الجديدة، بما يحقق الدور المهني بعيداً عن سياسة التحريض وإثارة الفتنة ونشر الأكاذيب. زعزعة الاستقرار أما عمار علي حسن، المحلل السياسي، فيقول: إن «الجزيرة» تعمل كأداة لخدمة المشروع القطري الهادف إلي زعزعة استقرار الوطن، وهو ما جعلها تخسر مصداقيتها يوما بعد آخر، ولكن بعدما تعرضت لضغوط خليجية من دول السعودية والبحرين والإمارات، فهناك احتمالان إما استمرار قناة الجزيرة بدون أعمال التحريض أو إثارة الفتن والإساءة لمصر، والاتجاه الآخر هو إغلاقها. واستطرد: تغيير السياسة القطرية والإعلامية لم يأت من فراغ، ولكن نتيجة وجود تهديدات بتجميد عضويتها بمجلس التعاون الخليجي والجامعة العربية، كما أنها تسعي للحفاظ علي مصالحها، لأنها أدركت خسارتها الكبيرة حال الخروج عن الصف العربي. فيما تؤكد فريدة النقاش، الكاتبة الصحفية ورئيس جريدة الأهالي، أن موقف قنوات «الجزيرة» تجاه الجانب المصري لن يتغير، وقراراتها ستكون شكلية، لأنها سوف تواصل سياساتها العدائية والتحريضية ضد الوطن بطرق أخري، وإذا كانت مضطرة إلي تغيير سياساتها الإعلامية لهذه القنوات .. فإنها سوف تنقل المهمة إلي قنوات أخري بدأت تنطلق بالفعل من تركيا مثل قنوات «الشرق» و«رابعة» و«مصر الآن»، كما أن قطر عندما تضطر إلي إبعاد عدد من قادة جماعة الإخوان الإرهابية من أراضيها.. فإنها لن تتخلي عنهم . لافتة إلي أن ذلك «يخالف الاتفاق». فيما أوضح نبيل زكي، الكاتب اليساري والمتحدث باسم حزب التجمع، أن إغلاق دكاكين الجزيرة هو أمر غاية في الصعوبة، كما أنه من الصعب تغيير سياستها، ومن الأرجح أن تواصل دعم الإرهاب، لأن قطر في ظل المصالحة الراهنة، ستظل تسعي إلي الانحراف عنها بهدف التوجيه بها نحو صفقة مع دول الخليج ومصر، لكي تجد حلولاً ومخارج لجماعة الإخوان الإرهابية في مصر والمنطقة العربية، وهنا ما ينبغي الانتباه إليه، وبالتالي أي تصور في تغيير موقف قطر بإبعاد عناصر الإخوان غير حقيقي.