منذ أشهر قليلة هرب أكثر من 290 ألف ليبي من منازلهم حول طرابلسوبنغازي خوفا من الحرب الدائرة بين الميليشيات المتناحرة فيما بينها, ومن فترة إلي أخري يتم عزل الشمال عن الجنوب أو عزل منطقة عن أخري من الميليشيات ذاتها, والخشية أن تندفع هذه الميليشيات إلي تقسيم ليبيا فيما بينها بمساعدة وإيعاز خارجي, والظروف آخذة في التهيؤ لهذا التقسيم نظراً لوجود حكومتين إحداهما معترف بها دولياً وهى ما تعرف بحكومة «الثنى» والأخرى موازية أنشأتها الميليشيات الإرهابية نظراً لعدم اعترافها بحكومة الثنى التى شكلها البرلمان الليبى الذى حل مؤخراً، والجيش الليبي لا يستطيع توفير الحماية للسكان ولا يستطيع حماية أراضي الدولة وهو منقسم أيضاً فيما بينه, بالإضافة للتركيبة السكانية بشقيها الحضري والقبائلي. وقالت الجماعة التي يقودها إبراهيم الجضرانة في حال اعترف المجتمع الدولي بالمؤتمر الوطني، الذى يتبع الميليشيات الإرهابية وسحب اعترافهم بمجلس النواب المنتخب فسوف يعلنون استقلال دولة «برقة» والعودة إلى دستور 1949 على أن يتولى أعضاء مجلس النواب في إقليم برقة السلطة التشريعية كمجلس نواب للإقليم. وهو ما أكده عضو مجلس النواب أبوبكر بعيرة، في تصريحات صحفية، فى الآونة الأخيرة عقب قرار المحكمة بحل البرلمان إنَّ قرار المحكمة الدستورية بحل برلمان طبرق لا أساس له من الصحة. وأضاف بعيرة: «إن هذا القرار يدفع نحو تقسيم البلاد، وعليه فلن نعترف به ولن نلتزم به» وهو ما أكده عدد من أعضاء البرلمان فى نفس الوقت الذى انتقد فيه عدد من أعضاء المؤتمر الوطنى المنتهية ولايته تدخل بعثة الأممالمتحدة للدعم في ليبيا في قرار المحكمة، مؤكدين أنه ليس من حقها تقييم أحكام القضاء الداخلي خاصة تلك المتعلقة بعدم دستورية لجنة 17 فبراير. ومكنت المعارك المتواصلة في بنغازي وغرب البلاد الجيش الليبي من تحقيق المزيد من التقدم، لاسيما بأحياء مدينة بنغازي حيث تنحصر المواجهات في حيي بلعونة والصابري. ويأتي ذلك في الوقت الذي وصل فيه إلى القاهرة، وزير العدل الليبي قادماً من طبرق في زيارة لمصر منذ أيام لبحث التطورات الأخيرة والتداعيات الأمنية التي تترتب على قرار الدائرة الدستورية وسبل الخروج من هذا المأزق الذي يهدد أمن ووحدة واستقرار الدولة الليبية.
عودة «قوس النص» ذهب محللون ومهتمون بالشأن الليبى إلى ان المجموعة الانفصالية الشرقية ستقوم بإعادة بناء قوس النص وأن هذه الخطوة الانفصالية تأتي رداً على حكم المحكمة الليبية العليا بحل برلمان طبرق المنتخب من الشعب الليبي واعتماد المؤتمر الوطني الذي تسيطر عليه قوات ثوار فجر ليبيا المحسوبة على جماعة الإخوان الإرهابية، مؤكدين أن بناء «قوس النص» يعتبر بداية لتقسيم ليبيا، وكان قوس النص الواقع بالقرب من رأس لانوف يمثل بوابة حدودية كانت تفصل بين برقة وطرابلس منذ الاستعمار الإيطالي، وكان موجودًا أيضًا في فترة حكم الملك إدريس السنوسي، وبعد ثورة الفاتح من سبتمبر، قام معمر القذافي بهدم القوس في العام 1970، معتبراً ذلك القوس رمزاً لتقسيم دولة ليبيا مرة أخرى اللجوء لمحكمة العدل الأفريقية محاولة يائسة فى بلد يحركه السلاح. وانضمت الحكومة الليبية برئاسة عبدالله الثني، بدورها إلى برلمانها في رفضه قرار حله الصادر عن المحكمة العليا في طرابلس، ولوح مجلس النواب في طبرق باللجوء إلى محكمة العدل الأفريقية لنقض حكم المحكمة، خاصة أن المحكمة الأفريقية تنظر في النزاعات بين دول الاتحاد، وهو ما يعتبره البعض محاولة يائسة او محاولة سياسية ليس لها مكان فى أرض تحرك مجرى أمورها قوة السلاح وتعداد الرجال. وحسب ما أفاد به مبعوث الأممالمتحدة، برنادينو ليون، لدى ليبيا فى نهاية اكتوبر الماضى فإن الاقتتال الداخلي يدفع البلاد «قريباً جداً من نقطة اللاعودة» وسط تعثر جهود إبرام وقف لإطلاق النار وبدء حوار سياسي. وبدأ المبعوث الخاص للأمم المتحدة الشهر الماضي مبادرة لجمع الجانبين في حوار والتوصل لوقف لإطلاق النار، لكن القتال تفاقم في الأسبوعين المنصرمين في مدينة بنغازيالشرقية وفي غرب البلاد أيضاً. ورفض «ليون» أن يعطي إطاراً زمنياً لمحادثات الأممالمتحدة بين مجلس النواب واعضاء المجلس من مصراتة الذين يقاطعون جلساته، وتعاني المحادثات من غياب الفصائل المسلحة التابعة لمصراتة وكذلك فصيل منافس من مدينة الزنتان الواقعة غربي العاصمة، وخاضت الفصائل قتالاً في طرابلس لأكثر من شهر خلال الصيف. لكن الدبلوماسيين يأملون أن تؤدي المحادثات في نهاية الأمر الى حوار أوسع لأن اعضاء مجلس النواب من مصراتة يرتبطون بصورة غير مباشرة بالبرلمان المنافس في طرابلس.
سيناريو التقسيم دويلة برقة, وعاصمتها بنغازي وهي إقليم جبلي مطير وخصب في أطرافه الشمالية ويمتد من الشرق إلي الجنوب الغربي من البلاد ويتجاور مع مصر والسودان وواجهته الشمالية هي البحر المتوسط. دويلة طرابلس في الغرب تضم العاصمة طرابلس والكثير من المرافق الحكومية ومراكز الخدمات الطبية والتعليمية ومراكز المواصلات والميناء والمطار, وهي مركز تجاري رئيسي لليبيا, بالإضافة إلي مراكز السيطرة والتحكم, وحدودها مع تونسوالجزائر. وبالطبع إذا فقدت الدولة هذين الإقليمين المهمين فسيكون من السهل الانقضاض علي بقية أنحاء البلاد وتقسيمها إلي دويلات, وفي إقليم فزان الذي تزيد مساحته علي 600.000 كم2 سوف تكون هناك دويلات أقل شأناً مثل: دويلة سبها في الجنوب ودويلة مرزق ودويلة غات في الغرب علي حدود الجزائر وغيرها من المناطق الصحراوية, ولكن لن تكون لهذه الدويلات الصحراوية أهمية كبيرة من الناحية الاقتصادية والسياسية نظراً لطبيعتها الصحراوية وبعدها عن المراكز الحضارية في الشرق والغرب, وسوف تبقي دويلات فزان متناحرة فيما بينها نظراً للطبيعة القبلية السائدة فيها التي تغلب عليها الصفة القتالية كما يقول محللون, وسوف تتحول إلي صومال الصحراء الكبري, وسوف تتحرك حينها تشاد للاستيلاء علي منطقة أوزو التي تحدها والتي تدعي السيادة عليها.