رغم التوتر القائم في العلاقات بين مصر وتركيا حالياً، بسبب الاستفزازات المتواصلة من الرئيس التركي رجب طيب أردوجان، ورغم تصاعد هذا التوتر يوماً بعد يوم بسبب إصراره على التدخل في الشئون الداخلية المصرية والهجوم العلني على النظام في مصر ورئيس الدولة عبدالفتاح السيسي بعد ثورة 30 يونية، إلا أنه يبدو أن أردوجان يعزف نغمة نشاز تلقى رفضاً من قبل الشعب التركي ومن كثير من القوى السياسية في بلاده، بسبب الأضرار التي تلحق بمصالح بلاده جراء هذا الموقف المعادي لمصر حكومة وشعباً. وفي حواره الذي اختص به «الوفد»، كشف السيد يونس سونير رئيس العلاقات الخارجية بحزب العمال التركي الذي كان في زيارة قصيرة إلى مصر هذا الأسبوع، عن رفض الشارع التركي لسياسات أردوجان المعادية لمصر وأسباب ذلك، كما فك الغموض الذي يلف كثيراً من سياسات الرئيس التركي في الداخل والخارج.. وإلى نص الحوار: ما أهداف زيارتكم إلي مصر؟ - في الواقع، يفترض أن تكون تركيا ومصر في نفس المعسكر. يواجه البلدان نفس الضغط القوي من جانب الغرب ومن القوى الخارجية التي تسعي لزعزعة استقرار كليهما. تواجه كل من مصر وتركيا مشكلات الإرهاب، كما أنهما يواجهان أيضاً مشكلات عدم الاستقرار. الدولتان من الناحية التاريخية في نفس المعسكر، فهما بلدان كبيران في الشرق الأوسط، ولديهما علاقات مهمة. الزيارة محاولة منا للتغلب على المشكلات التي بين البلدين، ليس هذا فقط بل نسعى لإعادة تطوير علاقات إيجابية مع مصر، لأن مصر قلب العالم العربي، بل هي الدولة الأكثر أهمية فيه، كما أنها أصبحت الآن أكثر أهمية عقب الثورة التي اندلعت ضد الرئيس محمد مرسي. لذلك، نحتاج لتحسين العلاقات بين مصر وتركيا، لأننا نرى أن البلدين بحاجة لأن يكونا حليفين بشكل حقيقي. كيف تقيمون العلاقات المصرية - التركية حالياً؟ - العلاقات المصرية التركية هذه الأيام في أزمة، إذ إن هناك غياب اتصال بين حكومتي الدولتين. لكن كما قلت سلفاً، فلأن البلدين في نفس الجانب فإن الظروف يجب أن تجبر حكومتيهما على إعادة العلاقات بينهما لأن هناك حاجة لتقاربهما معا. وبالتالي هذه الأزمة في العلاقات المصرية التركية هي أزمة قصيرة سيتم تجاوزها. إلي متى ستظل هذه الأزمة في العلاقات بين البلدين، ومتى ستتحسن؟ - بالطبع عندما يتخلى البلدان عن الخصومة. يجب أن تتوقف حكومة تركيا عن الهجوم على النظام في مصر. وحتى يحدث ذلك نحن بحاجة لإقناع الرأي العام التركي أيضا بأن مصر حليف مهم، حتى يضغط على الحكومة التركية بتعديل مواقفها، حينها ستزول العوامل المسببة لعدم الاستقرار في علاقة البلدين. أيضا يجب أن يدرك البلدان أنهما في نفس المعسكر. هل الرأي العام التركي قادر على إقناع الرئيس أردوجان بأهمية مصر والتحالف معها؟ - نعم لأن الرأي العام التركي يري بوضوح مشكلتنا مع الإرهاب، كما يرى أيضاً الضغوط الخارجية التي تمارس على بلادنا.. في الوقت نفسه، فهو يدرك أن هذا يحدث أيضاً في مصر، لذا فهو مدرك أننا في حاجة للتحالف مع مصر. الرأي العام التركي بحاجة لأن يضغط على حكومته بخصوص مصر، لأنه يرى في التحالف مع مصر مصالح أمنية واقتصادية، فضلا عن التاريخ المشترك الذي يجمع بين البلدين، ونحن نحتاج لدعم هذه العملية. كيف ترون موقف الشعب التركي من عداء أردوجان لنظام السيسي؟ - الرأي العام التركي غير راض عن عداء أردوجان لنظام السيسي في مصر. أردوجان نفسه قام بخطوات إلي الوراء، لقد هاجم مصر أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، لكن بعد ذلك أخذ خطوات إلي الوراء. مثل ماذا؟ - على سبيل المثال، لم يتحدث عن مصر مرة أخرى. كما أن وزير الخارجية التركي بعث ببرقية تعزية للحكومة المصرية عقب الهجوم الإرهابي في سيناء. هذه خطوات صغيرة تتخذ لأول مرة ولكنها بهدوء تمضي في طريق تحسين العلاقات مع مصر. الشعب التركي معني بإنهاء الخلاف مع مصر، والرأي العام التركي منفتح جدا نحو مصر، وهذا سيؤثر على الحكومة التركية. كيف تقيمون تأثير عداء أردوجان للنظام المصري على مصالح تركيا في مصر والعالم العربي؟ - لقد تسبب هذا العداء في خسارة فادحة. هذا العداء ضد كل المصالح الوطنية التركية. كيف؟ - على سبيل المثال، تعرفون موضوع مذبحة الأرمن التى يجري استغلالها في أوروبا وكل مناطق العداء للمسلمين والأتراك. على سبيل المثال، تحاول جمهورية أرمينيا استغلال النزاع بين تركيا ومصر، وتعرض المساعدة لتعميق الأزمة. عندما تقول مصر علناً إن تركيا ارتكبت مذبحة الأرمن، فهذا سيتسبب في انتقادات لمصر داخل تركيا، لأن المسألة تؤثر على الأمن القومي التركي. عندما تتردد هذه الأخبار داخل تركيا، فإنها تتسبب في انتقادات مرة أخرى للقاهرة. هذا الصراع بالطبع ناتج عن سلوك أردوجان الذي أضر بالعلاقات الثنائية بين البلدين على المستوى الحكومي، لكنه في مثل هذه القضية يضر بالعلاقات الثنائية على المستوى الشعبي. لأن الحقيقة التاريخية في 1915 كنا ندافع عن بلدنا في الحرب العالمية الأولى، لأن الأرمن كانوا يحاربون الإمبراطورية العثمانية. الإمبراطورية العثمانية كانت تدافع عن نفسها. إذن تصرف أردوجان أضر بالأمن القومي التركي. مثال آخر نحن في الشرق الأوسط بحاجة لمواجهة مشكلات مشتركة مثل الإرهاب وعدم الاستقرار ونحتاج أيضاً لتحسين التعاون الاقتصادي، لأن مصر وتركيا تواجهان نفس المشكلات الاقتصادية الخطيرة. لذا فنحن بحاجة لتعميق التعاون الاقتصادي والإقليمي. والآن فإن عداء أردوجان تسبب في الإضرار بالمصالح الاقتصادية والتركية والعلاقات الثنائية كذلك. يجب أن نفصل بين النزاع بين البلدين على مستوي الحكومات عن العلاقات بين المجتمعين. يجب أن نجد طريقة لعلاقات أقوى على المستوي السياسي والاجتماعي والاقتصادي، لإجبار الحكومة التركية على إدراك والقبول بتحسين العلاقات الثنائية على المستوي السياسي أيضاً. كيف تري القرار المصري بإلغاء اتفاقية الرورو؟ - هو قرار يمكن تفهمه، لكنه ليس الموقف الأمثل الذي يحقق تأثيراً إيجابياً. نحن بحاجة لإقناع حكومة أردوجان بالتراجع عمليا من خلال مزيد من التعاون الاقتصادي والاجتماعي. إلغاء اتفاقية الرورو يضر بالمصالح الاقتصادية للبلدين، لأن هذا من شأنه زيادة التكاليف الاقتصادية لشركات النقل التركية. القوى المعادية لمصر في تركيا تستخدم هذا الإلغاء كحجة ضد مصر لأن هذه القوى المهتمة بقطع علاقات تركيا مع مصر سعيدة بذلك. هذه السعادة ستكون موجودة لدى قوى ودول تقف ضد العلاقات مصر، وسوف تستخدم الإلغاء في الدعاية ضد العلاقات بين البلدين. وهذه مشكلة. وماذا عن رأيك الشخصي؟ - حقيقة أنا غير سعيد نحن نريد من أردوجان زيارة القاهرة وعمل علاقات جيدة نحن منتقدون جدًا لأردوجان ونحن حزب معارض. لكن هذا سيتسبب في خسارة لتركيا. وهذه الخسارة ستوفر مادة لهؤلاء الذين لا يرغبون في علاقات جيدة بين تركيا ومصر. هي مسألة مفهومة، لكن كنا نفضل المساهمة في جعل العلاقات تتحسن. ولكن كيف كانت مصر سترد على عداء أردوجان في رأيك؟ - من خلال جعل العلاقات أفضل، وإدراك أن الاجتماعات الثنائية مع أعضاء البرلمان التركي والأحزاب المهتمة بعلاقات جيدة مع مصر. القضية قضية تركيا وليست قضية أردوجان. أردوجان لم يعد رئيسا للحكومة وإنما رئيس للبلاد.
الدولة المعزولة هل حزب العدالة والتنمية الذي يشكل الحكومة التركية لديه موقف مختلف بشأن العلاقات مع مصر؟ - كثيرون داخل الحزب يرون أن سلوك أردوجان جعل تركيا معزولة، ليس فقط حزب العدالة والتنمية من يرفض سلوك أردوجان، فهناك أيضا الجيش. القوات المسلحة التركية غير سعيدة بهذا الوضع. لهذا فما نحتاجه الآن إدراك أن الخطوات الإيجابية من مصر هي التي تعطي دعما للقوى السياسية والأحزاب التي تريد علاقات جيدة. ينبغي ألا ننسي أن تركيا قامت بخطوة عندما طلب وزير الخارجية التركي مقابلة مع وزير الخارجية المصري في الأممالمتحدة. رئيس الحكومة أحمد داود أوغلو حاول بذلك تحسين العلاقة. يقال إن داود أوغلو لا يمكن أن يتصرف من تلقاء نفسه وهو يسير في ركب أردوجان؟ - لقد طلبت تركيا بالفعل لقاء في الأممالمتحدة بين وزيري خارجية أنقرةوالقاهرة. لقد عرقل خطاب أردوجان إجراء مثل هذا اللقاء. لكن تركيا نفت طلب هذا اللقاء؟ - لقد نفت الحكومة، لكنه كان طلباً رسمياً. أي أن أردوجان كانت له الكلمة الأخيرة، وتم إلغاء اللقاء؟ - في هذا الوقت نعم. لكن هناك مواقف متعارضة داخل الحكومة والطلب كان بلقاء رسمي. ولا ننسى أن تركيا الآن تواجه مشكلات اقتصادية خطيرة تبدأ في الظهور. دوائر الاقتصاد التركية والشركات والمستثمرون ليسوا سعداء بالموقف تجاه مصر. إلغاء اتفاقية الرورو تضغط على الحكومة، فهناك من لا يريد مزيدا من الهجوم بين أردوجان والسيسي. لقد أحسن الرئيس المصري عندما رفض الرد على أردوجان وأن يجاريه في ذلك.
صبر «السيسى» ما رأيكم في صبر الرئيس السيسي على هجوم أردوجان؟ - أرى أن صبر السيسي تصرف مسئول للغاية فيه احترام لبلده ومصالح شعبه. تصرفه يتسم بالحكمة، إذ نجح في أن يضبط مشاعره، وهو بهذا يتصرف كرجل دولة. ما الأسباب التي تدفع أردوجان لدعم جماعة الإخوان المسلمين بهذه القوة.. هل هي أسباب سياسية أم أيديولوجية؟ - هناك أسباب سياسية وأخرى أيديولوجية أيضاً، الإخوان المسلمون أداة أساسية في خريطة تقسيم الشرق الأوسط التي صنعتها الولاياتالمتحدة، هناك أسباب اقتصادية أيضاً مثل الاتصال القطري التركي، لكن الدعم التركي لجماعة الإخوان ينتهي، فمشكلات الإرهاب أصبحت داخل تركيا، والمشكلات على الحدود مع سوريا تدفع لذلك. البعض يقول إن قيادات من جماعات الإخوان المسلمين يسعون إلى لجوء سياسي في تركيا؟ - قيادات الإخوان غير مرحب بهم في تركيا. الأمر لا يتعلق بحكومة. الصحافة التركية لا ترحب بهم. والمناضلون من أجل الحريات لا يرحبون بهم. عاد بعض هؤلاء القيادات إلى قطر، والبعض يدخل تركيا من الباب الخلفي، وليس من الباب الأمامي. متى تعتقد أن العلاقات بين مصر وتركيا ستصبح طبيعية؟ - ستتحسن العلاقات بين مصر وتركيا حتى قبل أن يرحل أردوجان. وبعد أردوجان سيصبح البلدان حليفين كبيرين. خلال عهد أردوجان ستتحسن العلاقات ببطء، ولكن قد يكون أسفل الطاولة، أو من فوقها ولكن دون ضجيج. اعتقد أن أردوجان لن يكمل رئاسته.
الثورة التركية هل تعتقد ذلك؟ - نعم.. بطرق مختلفة، فإجراء انتخابات مبكرة أمر محتمل. أيضاً قيام ثورة على الطريقة المصرية أمر محتمل أيضاً. هل تعتقد أن هذا ممكن؟ - طبعاً هذا أمر ممكن. هل هناك أسباب للثورة في تركيا؟ - نعم. تركيا الآن تحت ضغط أمريكي كبير جدا. أمريكا تريد تقسيم تركيا، وتريد انفصال الأقلية الكردية التي تمثل جزءا من بلدنا. أمريكا تضغط على أردوجان للقبول بذلك، والرأي العام في تركيا يدرك أن أردوجان غير قادر على مقاومة ذلك. إضافة لذلك، فالأسس العلمانية لدولتنا تم تدميرها. كما أن الأزمة الاقتصادية الكبيرة بدأت، فلدينا أرقام تضخم كبيرة ومعدلات مرتفعة للبطالة، وأسعار فائدة عالية. العلاقات الثنائية مع دول الجيران سيئة للغاية. الجيش التركي غير سعيد على الإطلاق. هل تتوقع انقلاباً؟ - الانقلاب أمر محتمل في تركيا. وهل ترحب بذلك؟ - نحن مع تغيير الحكومة إذا كان يساعد تركيا على أن تبقى موحدة وأكثر استقلالاً عن الولاياتالمتحدة. الفارق بين الانقلاب والثورة هو أن الانقلاب يطيح بالحكومة على غير إرادة الشعب، أما الثورة فيقوم بها الشعب وينحاز إليها الجيش. في تركيا كانت الانقلابات مدبرة من قبل الولاياتالمتحدة. لكننا نريد انقلابًا ضد الولاياتالمتحدة. انظر ماذا فعل الجيش المصري؟ لقد انحاز إلى الشعب، وكان ما تم في مصر ثورة. هل الثورة المصرية ملهمة للشعب التركي؟ - نعم. كما هو الحال أيضا بالنسبة للثورة التونسية. لكن الثورة المصرية كانت جذرية لأن مصر الآن أكثر تشددا في محاربة الإخوان المسلمين، أما تونس فلا. في رأيك أيهما أفضل؟ - لا أستطيع الحكم فكل دولة لها ظروفها. فلا أستطيع القول ما إذا كان على دولة أن تحذو حذو أخرى. يقول البعض إن الحكومة التركية تدعم جماعات الإرهاب.. هل تتفق مع ذلك؟ - منذ بداية النزاع في سوريا، دعمت الولاياتالمتحدة الجيش السوري الحر، وهذا ما فعلته الحكومة التركية. أعتقد أنه من الخطأ الفصل بينهما. لقد كانت السياسة الأمريكية تقضي بتسليم أسلحة لما يوصفون بإسلاميين معتدلين، وكانت الحكومة التركية جزءا فعالاً من هذه السياسة. لكن الآن النزاع بين الرأي العام العالمي والحكومة التركية ليس حول دعم الإرهابيين أو عدم دعمهم. هم الآن يريدون إجبار الحكومة التركية على التورط في تقسيم سوريا وتقسيم تركيا كذلك، بأن تدعم أنقرة حزب العمال الكردستاني ينفصل الأكراد عن سوريا. هل تري أن جهود تركيا في محاربة داعش جادة؟ - أعتقد أن الحكومة التركية بحاجة لأن تجلس على الطاولة مع بغداد ودمشق والقاهرة من أجل تعاون إقليمي لمحاربة هذه الجماعات التي تهاجم البلدان وتهدد وحدتها. لقد قال أوباما إن داعش ستظل مشكلة إقليمية لثلاث سنوات. وبعد ذلك قال وزير الدفاع إنها ستظل 30 عاماً. هم يستخدمون داعش ويحاربونها. لذا فإني أري أن تركيا غائبة عن التعاون العسكري بين مصر والسعودية والإمارات للقيام بمبادرة لحل هذه المشكلة الإقليمية. هناك أصوات متنامية في تركيا تقول إن مشكلة داعش ومشكلة حزب العمال الكردستاني ومشكلة الإرهاب تتطلب تعاونا مع حكومة سوريا. قائد القوات الجوية التركية أعلن أنه قد حان الوقت بالنسبة لتركيا كي تنظر في تحالف عسكري أكثر مرونة. ما تسعى إليه الإمارات والسعودية ومصر هو تشكيل تحالف أو اتفاقية للتعاون العسكري، وهذا يمثل مقترحا مهما تغيب عنه أنقرة. لأن إرهاب داعش وحزب العمال الكردستاني يقتل جنودنا أيضا. الطبقة السياسية في تركيا - وليس أردوجان - ستكون مهتمة بمثل هذا المقترح إذا كان يمثل حلاً للإرهاب في المنطقة. ما الثمن الذي تريده أنقرة من الغرب لقتال داعش؟ - لا.. الأمر ليس مسألة ثمن. أردوجان يعرف أن انضمامه لهذا التحالف يعني أنه سيخسر سلطته. لأن التحالف ضد داعش يهدد بتقسيم تركيا، لأنه يقتضي دعم حزب العمال الكردستاني الذي يرغب في الانفصال عن بلدنا. الخلاف هو أن تركيا تريد منطقة عازلة على الحدود بينها وبين سوريا، وهي المنطقة التي يوجد بها الأكراد. قبل أسبوع، قتل 3 جنود في الشارع من قبل حزب العمال الكردستاني. التحالف ضد داعش تحالف لتقسيم سورياوتركياوالعراق. كيف يمكن حل المشكلة الكردية في عموم المنطقة؟ - المشكلة الكردية في تركيا تم حلها هم يتعلمون لغتهم ويكتبونها ويستخدمونها رسميا، ولديهم قنوات وصحف بلغتهم. المشكلة الكردية في تركيا الآن مصطنعة من قبل أمريكا. أكراد تركيا غير سعداء بتصرفات حزب العمال الكردستاني الآن، لأنها ضارة وتقتل الناس وتهدد السلام. ما يريده الشعب الكردي هو السلام والعيش في إخوة. وهم يرون أن تصرفات حزب العمال الكردستاني مدعومة من قبل أمريكا لخلق وضع يشبه ليبيا. يجب الفصل بين الشعب الكردي وحزب العمال الكردستاني. ماذا عن المستقبل السياسي لأردوجان وحزبه؟ - يبدو أنه سيفوز بانتخابات 2015 لكنه يعلم أن الفوز بالانتخابات ليس كافياً لأن الأزمة الاقتصادية تتعاظم. لكن بعد هذه الانتخابات قد تكون هناك انتخابات مبكرة أو ثورة. وخطوة خطوة سنتجه إلى حل أساسي للمشكلات التي يواجهها بلدنا، لأن حزب العدالة والتنمية لن يكون قادرا على الحكم بمفرده بعد ذلك، لأنه فقد السيطرة. أياً ما كانت نتائج الانتخابات، فإن مستقبله في تركيا محدود. ما خطة المعارضة في تركيا للتخلص من استبداد نظام أردوجان؟ - نحن نحاول توحيد قوى (اليسار - القوميون - الحركات الشعبية)، فهي جميعا تدافع عن علمانية الدولة ووحدتها واستقلالها. وعند الوحدة سنتمكن من الإطاحة بحكومة أردوجان. وحينها أيضاً وبقدر الإمكان سنحافظ على علاقات جيدة مع جيراننا ومصر أيضاً.. الخسارة الأكبر التي تسبب فيها أردوجان كانت لتركيا. هل تعتقد بالفعل أن أردوجان انحرف عن النموذج العلماني الذي أسسه كمال أتاتورك، وأضر بالحريات العامة والمجتمع المدني كما يتردد؟ - قبل سنوات طويلة «منذ الثمانينيات» كان هناك العديد من المقالات بالإنجليزية نشرت في الولاياتالمتحدة تقول إن الجمهورية الكمالية تمثل مشكلة. لقد ساعدت أمريكا أردوجان على الوصول إلى السلطة لأنه يوافقها. لقد كانت مهمته تدمير الكمالية والعلمانية وتدمير الوحدة الوطنية التركية وتدمير المجتمع المدني. لقد كانت هذه مهمته التي يحتاجونها.
سياسة تكميم الأفواه هل حاول أردوجان تدمير حرية الصحافة؟ - نعم لكنها حرة. يحدث سجن للصحفيين. لكن لا أحد يتراجع، ولهذا السبب فإن الصحافة في تركيا حرة وشجاعة ويواجهون الضغوط التي يتعرضون لها في الكتابة، خاصة أنهم يحرصون على تحري الحقيقة. يعتقد البعض أن النجاح الاقتصادي الذي حققه أردوجان هو الذي أبقاه حتى الآن في السلطة. هل تتفق مع ذلك، وإلى متى في اعتقادك سيستمر هذا النجاح؟ - هذا صحيح. لقد حقق أردوجان ازدهارًا اقتصادياً. وكان هذا هو السبب الرئيسي في إعادة انتخابه مرة تلو الأخرى. لقد اعتمد هذا الازدهار على الأموال السهلة القادمة من الخارج. لقد كان محظوظًا لأن أمريكا والاتحاد الأوروبي كانا في أزمة اقتصادية، وكان المستثمرون في هذه المناطق يبحثون عن أي مكان وأي فرصة يستثمرون فيها. لقد نجح فقط في جعل هذه الأموال السهلة تأتي لاستثمار رخيص التكلفة إلى تركيا، لكن هذا انتهى. الآن تغير الولاياتالمتحدة سياستها الاقتصادية، بينما تبدأ تركيا في مواجهة أزمة اقتصادية أهم شواهدها ارتفاع في التضخم والبطالة وتراجع الاستثمار وزيادة الضرائب. ببساطة لقد انتهى نجاح أردوجان. ماذا عن الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي؟ - كحزب «العمال» نريد تعاوناً إقليمياً ومصالح مشتركة مع جيراننا (سوريا - العراق - أذربيجان - إيران - روسيا - مصر). أردوجان يقول إنه يريد تعاوناً إقليمياً.. ما الفارق؟ - ما الذي حدث؟.. هل لدينا علاقات جيدة مع الجيران! يقول البعض إن أردوجان اتجه إلى المنطقة بسبب فشله في الانضمام للاتحاد الأوروبي.. ما رأيك؟ - لا أتفق.. لقد أعطي الغرب وحلف الناتو أردوجان مهمة محددة. هم يعلمون أن تركيا جسر للشرق الأوسط. لذا أرادوا منه أن يتبع سياستهم في الشرق الأوسط. وسياستهم بالطبع هي إشعال حرب أهلية في سوريا، وتقسيم العراق جزء من سياستهم، وانتقاد مصر عقب الثورة ضد مرسي من سياستهم. وفقا لهذه السياسة، فتركيا شرطي سيئ. لا يتم انتقاد أردوجان من الغرب لأن علاقاته مع مصر سيئة، ولا يتم انتقاده لأن علاقاته مع سوريا أو العراق سيئة. النقطة الرئيسية هي أن المهمة التي تم تكليفه بها تكوين إمبراطورية عثمانية جديدة وفق سياسات الناتو. لكن مهمته فشلت حيث فشلت سياسات الغرب في الشرق الأوسط. نظرية «صفر مشاكل» تحولت إلى «كثير من المشاكل». هل لدى أردوجان فرصة أخرى لتنفيذ مهمته في الشرق الأوسط؟ - لا.. لأن الغرب قد فشل. وهل لدى الغرب فرصة أخرى؟ - لا.. لقد أرادوا لمرسي أن يبقى في السلطة ورحل مرسي. وأرادوا إطاحة الأسد وبقى الرئيس السوري في السلطة، خطوة خطوة ستدرك الولاياتالمتحدة أن خطتها للشرق الأوسط قد فشلت، وستضطر للتكيف مع الموقف الجديد. هل هو تكيف أم أنه تراجع مؤقت؟ - ربما يكون تراجعاً مؤقتاً، لكن السيناريو فشل. وستظل تحاول بأدوات جديدة. لكن هذا التراجع سيؤثر على سياسة أردوجان أيضا. لكن يبقى أن الولاياتالمتحدة لديها أيضاً خطط لتقسيم تركيا، ذلك لأن الذين يهاجمون القوات المسلحة المصرية في سيناء مماثلون لمن يقتلون أفراداً للجيش التركي. جميعها قوى للإرهاب، وهي نفس القوى. هل تعتقد أن العلاقات الوثيقة بين مصر وقبرص واليونان حالياً والتعاون بينهم يؤثر على المصالح التركية؟ - نحن نفضل التعاون الإقليمي ولا ينبغي أن يضر مثل هذا التعاون بمصالح دول أخرى. ولا ينبغي أن يكون هذا ضد تركيا. فالتعاون بين تركياوقطر لا ينبغي أن يكون ضد مصر. لذا فنحن مع كل أشكال التعاون الإقليمي. هل ترى أن مصر تقصد الإضرار بتركيا بهذا التعاون؟ - لا أعتقد أنها تستهدف ذلك، لكنه قد يضر بها وبمصالحها بين بلدينا، وكمسلمين، مصالح في مكافحة الإرهاب والتعاون الاقتصادي. ربما هذه المصالح ليست موجودة لدى اليونان. المواقف بين تركيا ومصر أكثر قرباً، والمصالح أكثر من تلك الموجودة بين اليونان ومصر. لذا لابد من العمل بجد كي تعود العلاقات المصرية التركية إلى المسار الصحيح، وليس خلق نزاعات جديدة في منطقتنا. هل هناك فرصة لتحسين العلاقات بين مصر وتركيا في المستقبل القريب؟ - نعم بالتأكيد وبوضوح. لابد أن ندرك أن الآخرين هم الذين لا يريدون علاقات طيبة بين بلدينا. بالرغم مما يقال عن مصالح الجيش التركي والمصري مع الولاياتالمتحدة لكنهما مازالا جيشين وطنيين يحافظان على المصالح الوطنية لبلديهما. لذا الولاياتالمتحدة تستهدف جيوشنا لأنها عماد دولتينا. الغرب يستهدف جيوشنا ولم ينجحوا، مصر وتركيا في نفس المعسكر لأننا في نفس الموقف، جيوشنا ليست انتهازية ولكنها جيوش وطنية، يجب أن نعرف أن مصر وتركيا جزء من مخططات تقسيم الشرق الأوسط، بينما قبرص واليونان ليستا جزءاً من هذه الخطة.