فتح القانون الذي أصدره الرئيس عبدالفتاح السيسي أمس الأربعاء، والذي نصّ على منح الرئيس السلطة في ترحيل الأجانب المدانين بارتكاب جرائم في مصر إلى دولهم، الباب على مصراعيه أمام التكهنات بأن هذا القانون يستهدف الوصول إلى حل لأزمة الصحفيين الأجانب المدانين في خلية الماريوت، والتي تضم مراسلين تابعين لقناة الجزيرة "الإنجليزية" القطرية. وكانت القضية أثارت موجة عنيفة من الإدانة من جانب الصحافة العالمية والمنظمات الدولية المعنية بحقوق الإعلاميين والصحفيين، إضافة إلى إدانة حكومات مثل أستراليا وكندا لتلك الأحكام الصادرة بحق مواطنيها في القضية. وأصدرت محكمة جنايات القاهرة حكماً في يونيو الماضي، تم بمقتضاه سجن 3 صحفيين، هم الأسترالي بيتر جريست، والمصري الكندي محمد فاضل فهمي، والمصري باهر محمد لمدة تتراوح بين 7 إلى 10 سنوات، على خلفية إدانتهم بالتآمر مع جماعة الإخوان الإرهابية في نشر أخبار كاذبة تتعلق بوجود حرب أهلية في مصر، في أعقاب ثورة 30 يونيو التي أسقطت حكم الرئيس المعزول محمد مرسي وجماعة الإخوان. السيسي كان متسقاً مع نفسه في تلك القضية، التي علّق عليها مراراً بعد أن خلع زيّه العسكري، وترشح لرئاسة الجمهورية وبعد أن وصل إلى القصر الرئاسي، حيث قال إنه كان يتمنى أن يتم ترحيل هؤلاء الصحفيين الأجانب إلى دولهم بدلاً من المضي قدما في إجراءات قضائية ومحاكمة ألحقت الكثير من الضرر بصورة مصر في العالم. صدور القانون وتصريحات السيسي السابقة أثارت توقعات حول قرب الإفراج عن بيتر جريست ومحمد فاضل فهمي وترحيلهما إلى أستراليا وكندا على الترتيب، وهو ما يفتح الباب أمام مرحلة جديدة من العلاقات بين مصر والصحافة العالمية التي بدأت في الحديث عن قرب انفراج أزمة الصحفيين، ومن بينها "النيويورك تايمز" الأمريكية في تقريرها اليوم الخميس، كما أن السيسي يستطيع المناورة من خلال هذا القانون للدخول في صفقات مع حكومات تلك الدول، والحصول على مزايا لمصر مقابل الإفراج عن مواطنيها المدانين في قضايا مماثلة. إلا أن الإفراج عن مواطنين أجانب من شأنه أن يمثل مأزقاً موازياً، لأن قضية خلية الماريوت، على سبيل المثال، تضم مواطناً مصرياً مداناً هو باهر محمد. وإذا كان القانون سيسمح بترحيل الأجانب إلى دولهم، فإن استمرار حبس المواطن المصري على خلفية إدانته بارتكاب جريمة مماثلة لرفقائه الأجانب المُرحلين من شأنه أن يُمثل إجحافاً لمتهم آخر لم ينل حريته لأنه مصري الجنسية. صحيح أن القانون الصادر من السيسي ينصّ على أن المحكوم عليهم من الأجانب سيتم نقلهم إلى دولهم لمحاكمتهم أو لتنفيذ العقوبة المقضي بها، بحسب الأحوال، متى اقتضت مصلحة الدولة العليا ذلك، إلا أنه من غير المتوقع بطبيعة الحال أن تقوم الدول المُرحل إليها هؤلاء الصحفيين على سبيل المثال بتنفيذ حكم السجن بحقهم بناءً على الحكم الصادر من المحاكم المصرية.