يعرض في الثامنة مساء اليوم على المسرح الكبير بالأوبرا فيلم افتتاح مهرجان القاهرة السينما الدولى ال36 «القطع» إخراج فاتح أكين، والذي يتناول المجازر التي ارتكبها الأتراك ضد الأرمن من خلال الحكم العثمانى. هو عمل فنى مثير للجدل لكونه تم سحبه في البداية من مهرجان «كان» وانتهاءً إلى أن الأتراك أنفسهم يرفضونه لفضحه المذبحة التي راح ضحيتها الأرمن في نهاية الدولة العثمانية علي يد الأتراك.. وسبق للفيلم المشاركة في المسابقة الكبرى لمهرجان فينسيا السينمائى وهو أول فيلم لمخرج من أصول تركية يتناول مجازر الإبادة التي تعرض لها الأرمن في أواخر الدولة العثمانية، خلال فترة الحرب العالمية الأولى، حيث قام الأتراك بالتعاون مع عشائر كردية بإبادة مئات القرى شرقى البلاد في محاولة لتغيير ديموجرافية تلك المناطق.. فمن المعروف تاريخياً أنهم أجبروا القرويين علي العمل كحمالين في الجيش العثماني ومن ثم قاموا بإعدامهم بعد إنهاكهم، غير أن قرار الإبادة الشاملة لم يتخذ حتي ربيع 1915، حيث قام العثمانيون بجمع المئات من أهم الشخصيات الأرمينية في اسطنبول وتم إعدامهم في ساحات المدينة.. بعدها أمرت جميع العائلات الأرمينية في الأناضول بترك ممتلكاتها والانضمام إلي القوافل التي تكونت من مئات الآلاف من النساء والأطفال في طرق جبلية وعرة وصحراوية قاحلة. وغالباً ما تم حرمان هؤلاء من المأكل والملبس، فمات خلال حملات التهجير هذه حوالى 75٪ ممن شارك بها وترك الباقون في صحارى بادية الشام. ومعظم المؤرخين الأتراك يشيرون إلى مقتل 300 ألف أرمينى فقط، بينما تشير مصادر أرمينية إلي سقوط أكثر من مليون ونصف المليون أرمينى. عندما دخل الإنجليز إلي اسطنبول محتلين سنة 1919 أثاروا المسألة الأرمينية، وقبضوا علي عدد من القادة الأتراك لمحاكمتهم غير أن معظم المتهمين هربوا أو اختفوا، فحكم عليهم بالإعدام غيابياً، ولم يتم إعدام سوى حاكم يوزغت الذي قام بإبادة مئات الأرمن في بلدته. ومن أشهر الأفلام التي تكلمت عن مأساة الأرمن فيلم المخرجة تمارات استيبانيان «جمر»، الحائز على جوائز عدة، والذي يتناول قصة نضال عائلة أرمينية خلال الحرب العالمية الثانية.. والفيلم إحياء ذكرى جدة المخرجة، من خلال الحديث مع أصدقائها المسنين في مسقط رأسها في أرمينيا للكشف عن جانب من تاريخ أرمينيا بعد الحرب العالمية الثانية. ومن المعروف أن أكين أثار حفيظة القوميين المتطرفين، لكونه تطرق لقضية الأرمن الشائكة.. ولكن أكين كان يري من وجهة نظره أن تركيا وصلت إلي «حالة نضج» تجعلها تتقبل الفيلم. وبعد هذا الحوار الذي أجراه أكين مع صحيفة «آجوس» نشر القوميون المتطرفون تهديدات علي الإنترنت، موجهين رسالتهم إلي الصحيفة «آجوس» إلي من وصفوهم بالأرمن «الفاشيين» والمثقفين «الهدامين»، وفيلمه الحالى «قطع» تكلف إنتاجه 31 مليون دولار وشاركت فيه العديد من الشركات في (ألمانياوفرنساوإيطاليا وروسيا وبولندا وكندا وتركيا)، وشاركه في كتابة السيناريو مارديك مارتن، وهو من أصول أرمينية، عاش طفولته وصباه في العراق.. وقام ببطولته الممثل الفرنسي من أصول جزائرية طاهر رحيم وهو ممثل فرنسي من أصل جزائرى. ولد في بيلفور فرنسا، فى عائلة ترجع أصولها لمنطقة وهران، الجزائر، أول دور رئيسى له كان في فيلم «النبى» للمخرج «جاك أوديار» في عام 2009. لقد لقى أداءه كممثل قبولاً حسناً في طرف الصحافة خلال عرض الفيلم في مهرجان «كان» السينمائى. لعب فيه طاهر رحيم دور «مالك الجبنة»، شاب ذو 19 سنة فاقد للمعالم ينتهي به المطاف لدخول السجن لمدة ست سنوات، هذا الدور أكسبه جائزة أفضل ممثل أوروبى في عام 2009، فاز بجائزتى سيزار لأفضل ممثل واعد وأفضل ممثل في النسخة 35 للمهرجان في 27 فبراير 2010، وتزوج في 2010 مع الممثلة ليلي بختي التي هي أيضاً من أصل جزائرى.. مدير تصوير الفيلم الألماني راينر كلاوسمان (المصور المفضل لأكين) ومن أشهر أفلامه «حافة السماء» وشاركه آلان ستارسكى (مصمم مواقع التصوير) لينقل لنا بيئات مختلفة من الصحراء الأردنية إلي البيئة الأمريكية المتنوعة. صور الفيلم في الصحراء الأردنية، والموسيقي التصويرية التي وضعها الموسيقى، ألكسندر هاكه، وهو الذي قدم مع أكين فيلم «عبور الجسر - أصوات اسطنبول» كتوثيق لاثنتى عشرة فرقة موسيقية في بوتقة اسطنبول. ويعرض ثقافاتها وأساليبها في التعبير الموسيقى، وكذلك تجاربهم.. وفاتح أكين الذي يعتبر من أهم المخرجين العالميين قدم مجموعة من الأفلام أثار كل واحد منها ضجة كبيرة عند عرضه داخل وخارج ألمانيا وفي المهرجانات السينمائية الدولية لأن معظم أفلامه تتعرض بجرأة كبيرة للتمييز العنصرى الذي يعاني منه المهاجرون إلي ألمانيا والألمان وهي صفة لازمت أفلامه، لأن فاتح أكين المولود في ألمانيا عام 1973 من أصل تركى. ومن أفلامه (سريع وبدون ألم) من إنتاج عام 1998 وهو أول فيلم لفاتح أكين ويحكي عن ثلاثة أصدقاء تركي وصربى ويونانى في هامبورج حيث يزج بأحدهم في السجن بتهمة قتل. وفيلم (في شهر تموز) من إنتاج عام 2000 ويحكي الفيلم قصة رحلة يقوم بها مدرس من هامبورج إلي اسطنبول للقاء فتاة تركية. و(سولينو) من إنتاج عام 2002 يروي أكين من خلال هذا الفيلم حكاية وصول المكرونة الإيطالية إلي منطقة الرون عام 1914 مع عائلة إيطالية و(عبور الجسر) من إنتاج عام 2005 والفيلم رصد لشوارع اسطنبول. و(على الجانب الآخر) وهو من أهم أفلامه من إنتاج عام 2007 وقد رشح هذا الفيلم لجائزة الأوسكار عام 2007 وحصل في نفس العام علي الجائزة الأولى لأفضل سيناريو في مهرجان كان السينمائى وجائزة أفضل مخرج في مهرجان إيطاليا السينمائى والعديد من الجوائز الأخرى. وفيلم «حافة الجنة» وتدور أحداث الفيلم بين تركياوألمانيا، شاب ألماني من أصل تركى يسعي للبحث عن ابنة رفيقة أبيه بعد موتها، فيذهب إلي تركيا بحثاً عنها، بينما تكون هي فرت من تركيا إلى ألمانيا بعد ملاحقة البوليس التركي لها لنشاطها السياسي.. من المعروف أن المخرج فاتح أكين كان يود تصوير فيلم عن هارنت دينك الصحفى الأرمينى الذي قتل في تركيا، من قبل شبان ينتمون لميليشيات قومية شوفينية، لكن آكين لم يجد أحداً من الممثلين الأتراك قبل القيام بهذا الدور خوفاً من القوي القومية المتطرفة، ولم يرغب أكين أن «يدفع أى أحد للخطر»، كما صرح المخرج لصحيفة «آجوس» التركية الأرمينية، مما دفعه إلي التخلى عن مشروعه ليقدم فيلم «القطع».