تواجه الخدمات الصحية أزمة كبيرة بمحافظة قنا، على خلفية النقص فى الأطباء وضعف الإمكانات فى بعض المستشفيات. والحوادث المترتبة على الإهمال فى مستشفيات قنا لا تتوقف؛ وكان آخرها دخول الرضيعة نورهان عبدالكريم، مستشفى دشنا المركزى، للعلاج من ارتفاع درجة الحرارة، وبعد فحصها من الأطباء قرروا حاجتها للحجز فى حضانة، وبسبب عدم وجود حضانات خالية؛ قرر طبيب الاستقبال إعطاء بعض العقاقير والجلوكوز للطفلة لتخفيض الحرارة، وانصرف الطبيبب بعد أن أعطى تعليماته للممرضة، ويضيف والد الطفلة: قامت الممرضة بوضع الإبرة المخصصة فى الذراع الأيسر للطفلة وقامت بتشغيل المحلول وقامت بحقن أنبوبة المحلول بحقنة، وبعد مرور حوالى نصف ساعة واقتراب المحلول على الانتهاء فوجئا بأن ذراع نورهان تورم بشكل لافت للنظر، ولاحظنا صراخها وتبين لنا أن الإبرة لم توضع بشكل سليم فى الوريد الأمر الذى أدى إلى تورم الذرع، واضطرت أسرتها لنقلها لمستشفى أسيوط الجامعى، وقرر الأطباء بتر ذراعها بسبب حدوث غرغرينا ولاقت الواقعة استنكاراً من الدوائر الحقوقية فى المحافظة، وأصدر مركز حماية لدعم المدافعين عن حقوق الإنسان بياناً يطالب فيه وزير الصحة ومحافظ قنا بفتح تحقيق فى الواقعة ومعاقبة المقصرين، وقال بركات الضمرانى مسئول المركز بقنا إن الواقعة تمثل انتهاكاً صارخاً وتتنافى مع قيم وآداب المهنة. ويوجد فى محافظة قنا 6 مستشفيات مركزية، إلا أنها معطلة: فى مستشفى نجع حمادى العام الذى يخدم المدينة وقرى المركز يوجد مبنى لم يتم استكماله منذ 13 عاماً رغم الحاجة الماسة له بسبب هروب المقاول المسئول عن تنفيذه وتعثره ونفس الأمر يتكرر فى مستشفى أبوتشت جناح كامل لم يتم الانتهاء من تطويره، وعلى الجانب الآخر فإنه يوجد مستشفى للحميات بفرشوط مكتمل البناء بطاقة 160 غرفة ومكون من 6 طوابق وآخر بمركز أبوتشت تكلفا 4 ملايين جنيه ولم يدخلا الخدمة حتى الآن! وذلك يدفعنا للتساؤل عن المتسبب فى تعطيل العمل بتلك المنشآت التى تكلفت الملايين لتقديم الخدمات الصحية، خاصة عندما يفتح ملف مستشفيات التكامل الصحى بالمحافظة وهو ما يمثل صورة واضحة للإهدار المال العام ممثلاً فى مبان وأجهزة حديثة أكلها الصدأ. مستشفيات التكامل الصحى بدأ إنشاؤها فى محافظة قنا فى 1997 بهدف تقديم خدمات صحية للمواطنين فى القرى دون الحاجة لذهابهم للمستشفيات المركزية والعامة بالمحافظة، كما أقيمت لتخدم مناطق نائية من نجوع وقرى تبلغ كثافتها السكانية 45 ألف نسمة تقريباً، إلا أنها لم تدخل نطاق الخدمة حتى الآن، لعدة أسباب منها وجود تقاضى بين الجهات المانحة ومقاولى الإنشاءات ونقص الكوادر الطبية أما أغرب الأسباب فهو وجود أعمال ترميم لبعضها رغم أنها حديثة البناء! لتصبح تلك المستشفيات مثالاً صارخاً على إهدار المال العام وتلفت المعدات الحديثة الموجودة بها لعدم استخدامها، والمثير للريبة أن قيادات الحزب الوطنى المنحل «الفلول» اقترحوا إلغاء تلك المستشفيات فى إحدى جلسات مجلس محلى محافظة قنا ولكن طلبهم قوبل بالرفض - آنذاك - رغم ما تكبدته خزينة الدولة فى إنشائها. أيضاً يوجد ارتباط وثيق بين تدنى الخدمات الصحية بالمحافظة ونقص الكوادر البشرية من الأطباء فى كل التخصصات مثلما يؤكد خبراء بقطاع الصحة بسبب العشوائية فى التوزيع على مستوى الجمهورية، حيث تأتى قنا لتكون أكثر المحافظات نقصاً فى الأطباء وبالتحديد فى تخصصات التخدير والعظام والأمراض النفسى والعصبية، وهو ما يتسبب لأن تكون محافظة أسيوط هى وجهة المرضى من قنا لتلقى العلاج فيها، رغم إنشاء المستشفى الجامعى بها منذ سنوات إلا أنه لم يعمل بفاعلية ويقدم الخدمات للأهالى. وعلى جانب آخر، فهناك مشكلة عامة فى تدنى أجور العاملين بقطاع الصحة من أطباء وعاملين بالمستشفيات، حيث تسبب ذلك فى هجرة الأطباء للمستشفيات الخاصة وتقديم استقالات منها للعمل فى عياداتهم الخاصة خاصة الاخصائيين والاستشاريين، أما المشاكل التى تحاصر مستشفيات محافظة قنا فهى متعددة وتختلف من مركز لآخر، وتأتى مشكلة نقص الإمكانيات فى الأجهزة والأدوية وسوء النظافة على رأسها.