«يسلم فمك.. يا محلب بك»، فقد عرفت أن أعداء مصر لا يريدون بمصر خيراً بمحاولة سحبها إلى الاشتراك فى حروب إقليمية خارج حدودها، سواء فى ليبيا أو اليمن.. أو سورياوالعراق. لأن من أهم أسباب إشعال هذه الحروب، هو منع مصر من أن تتفرغ لإعادة بناء نفسها.. ذلك أن سحبها إلى واحدة من هذه المعارك يعنى تأجيل عملية هذا البناء. بل ذلك من أسباب معظم العمليات الإرهابية، من داعش فى سورياوالعراق.. إلى الحوثيين فى اليمن.. إلى التنظيمات الإرهابية العديدة فى الشقيقة ليبيا. ويحاول البعض المقارنة بين خروج جيش مصر ليؤدى دوراً هاماً فى تحرير الكويت من الاحتلال العراقى.. وبين ما يدعون أن هذا هو نفس السبب الذى يجعلهم يحاولون سحب مصر للحرب فى كل هذه الدول الشقيقة.. التى تتعرض الآن للدمار والتقسيم شرق مصر وغربها. ذلك أن أمريكا تتزعم الآن الدعوة للعمل العسكرى «البرى» فى هذه الدول، وتحاول أن تغرى مصر مرة بالوعد بتسليم طائرات الأباتشى.. ومرة بالتلويح بزيادة المساعدات.. وثالثة بتقديم الأسلحة لكل من يساهم فى هذه العمليات العسكرية. وهنا أتذكر مقولة تحولت الى نكتة عسكرية خلال الحرب العالمية الثانية عندما قال ونستون تشرشل رئيس وزراء بريطانيا إنه مستعد للحرب إلى آخر.. جندى أمريكى!! أى أنه كان مستعداً للتضحية بقوات أمريكا.. قبل أن يضحى بقواته البريطانية بل إن بعض المحللين يتذكرون أن تشرشل كان أكثر قادة العالم سعادة بالهجوم الجوى اليابانى على القاعدة العسكرية الأمريكية فى بيرل هاربر.. وهو الهجوم الذى استفز الرئيس الأمريكى روزفلت ودفعه الى الدخول فى الحرب العالمية الثانية. ولأن رئيس وزراء مصر، المهندس إبراهيم محلب، رجل بناء وإنشاء وتنمية وتعمير.. فإنه يرفض سحب مصر لأى معركة أو حرب خارج حدودها، وهو الرجل الذى يطوف كل أنحاء مصر لكى يضيف طوبة هنا أو طوبة هناك، تعوض المصريين عما فقدوه.. وهكذا هى طبيعة البناة الكبار، الذين يجيدون عملية البناء ويكرهون، بل يمقتون حرفة التدمير.. لم لا وقد عاش كل عمره العملى، فى أكبر مؤسسة مصرية للبناء والتعمير.. والصيانة والترميم هى «المقاولون العرب». وقد قالها المهندس محلب بكل وضوح أن سياستنا هى عدم تقديم مصر أى مساعدة عسكرية للولايات المتحدة فى حربها ضد تنظيم داعش حتى ولو كان القصف الجوى غير كاف لهزيمة التنظيم الإرهابى. هنا فهم محلب بك سياسة أمريكا.. فهى تريد أن تحارب داعش حتى آخر جندى.. مصرى. وهذا هو ما نرفضه.. وقال صراحة إن مصر تعطى الأولوية لضمان الاستقرار فى الداخل حيث نواجه إرهابيين متشددين ينشطون فى سيناء.. ولكنه أيضاً أكد أن المتشددين فى ليبيا يهددون مصر تهديداً مباشراً وخطيراً وأنه بالنسبة للجيش المصرى فإن أهم شىء هو حماية حدوده واستقرار بلاده. ولكنه بحسه الوطنى القومى العربى أكد أن أمن الخليج هو أمن مصر، وأن أمن مصر هو أمن الخليج.. وفى حالة جرى أى تعد على أى منطقة عربية فإن الرئيس السيسى قال «هى مسافة السكة»، وشدد رئيس وزراء مصر على أن مصر تفضل عدم التدخل فى شئون ليبيا الداخلية.. ولكنها فى الوقت نفسه تدعم الشعب والحكومة فى ليبيا.. وتحمى حدودها مع ليبيا التى تزيد على 1000 كيلو متر. هنا نتذكر دور أمريكا فى إنشاء ودعم تنظيم داعش عندما كانت عملياته تتم داخل سوريا لأن أمريكا كانت تريد تدمير سوريا.. ولكنه عندما توحش تنظيم داعش ودخل أراضى العراق حيث ثانى أكبر دولة عربية منتجة للبترول.. تحركت أمريكا لضرب داعش وتكتفى الآن بأمرين أولهما هو القصف الجوى لهذا التنظيم وثانيهما هو إغراء الدول الأخرى باشتراكها بقوات برية للعمل ضد داعش طمعاً فى المساعدات الأمريكية.. وهو نفس الأسلوب الذى سلكته أمريكا عندما أنشأت تنظيم القاعدة للعمل فى أفغانستان قبل أن تنقلب القاعدة للعمل ضد أمريكا نفسها!!! وهدف أمريكا الأساسى من كل ما يجرى فى المنطقة.. هو إعادة تقسيمها ليسهل لها السيطرة على المنطقة.. وفى نفس الوقت تأمين إسرائيل من أى عملية عسكرية عربية، فى المستقبل. وواضح أن مصر «فهمت» جيداً هذه اللعبة.. ولذلك جاءت تصريحات رئيس الوزراء المهندس محلب لتضع النقط فوق الحروف. نحن إذن نركز جهودنا على أمرين: إعادة البناء.. ومواصلة حربنا ضد الإرهاب، ولكن داخل حدودنا.. ورغم ذلك لا ننسى، ولن ننسى، الأشقاء الأوفياء فى الإمارات والسعودية فإن لهم فى رقبة كل المصريين ديناً لن ننساه.