منذ فترة كبيرة أفكر فى الكتابة عن فيلم السبعة أقلام أو عنتر ولبلب، وكلما هممت بالكتابة عن هذا الفيلم وقعت بعض الأحداث وانشغلت فى الكتابة عنها، واليوم بعد 62 سنة من إنتاجه وعرضه قد حانت الفرصة للكتابة عنه، وأهمية هذا الفيلم ليست فى المواقف الكوميدية ولا فى الحوارات الشيقة والسريعة، ولا فى بساطة أداء أبطاله، بل فى الرسالة التي تستخلصها ضمنا من أحداثه والتى نحن فى أمس الحاجة إليها فى أيامنا وظروفنا الحالية، وهى كلمة الشرف. بالطبع شاهد معظمنا الفيلم وهو من بطولة: الفنان الكبير محمود شكوكو في دور لبلب، وسراج منير في دور عنتر، وعبد الوارث عسر في دور المعلم رضوان والد لوزة محبوبة لبلب، وعبد الفتاح القصري صديق لبلب، حورية حسن في دور لوزة الفتاة التي أجرى عليها الرهان بين عنتر ولبلب، وببا إبراهيم في دور زوجة عنتر، الفيلم من إخراج سيف الدين شوكت، وقصة وحوار كتبهما المخرج سيف الدين شوكت بالاشتراك مع العبقرى بديع خيرى، وتم عرض الفيلم لأول مرة عام 1952 قبل قيام ثورة يوليو بثلاثة أشهر، وقيل إن الفيلم تم وقف عرضه بعد ستة أشهر من بداية العرض، وسحب من دور السينما وتم تغيير اسمه من: «شمشون ولبلب»، إلى «عنتر ولبلب» بسبب اعتراض حاخام اليهود حاييم ناحوم أفندي علي استخدام اسم أحد أنبياء بني إسرائيل علي الشخصية الشريرة بالفيلم، وقام المخرج بعمل دوبلاج على اسم البطل، وتم إنطاق أبطال الفيلم اسم عنتر بدلا من شمشون، والذى يدقق فى مشاهد الفيلم وحركات فم الممثلين خلال نطق اسم البطل سيكتشف أنهم ينطقون اسم شمشون وتم تركيب اسم عنتر عليه، أو ان حركات الفم شمشون والصوت عنتر. قصة الفيلم نحفظها عن ظهر قلب، لبلب صاحب المطعم فى الحى الشعبى يرتبط عاطفيا بلوزة ابنة المعلم رضوان وتأخر زفافهما لضيق يد لبلب، فى يوم وليلة فوجئ أهل الحى بشمشون أو بعنتر الرجل الثرى الضخم يشترى أحد المحلات ويجهزها لافتتاح كباريه، شمشون المتزوج من ببا إبراهيم يرى لوزة ويعجب بها ويسعى إلى الزواج منها، المعلم رضوان والد لوزة يميل إلى عنتر لثرائه، وهنا تبدأ الأزمة بين عنتر ولبلب، ويقام الرهان عليها، حيث تم الاتفاق أمام سكان الحى على قيام لبلب بصفع عنتر سبعة أقلام، فى كل يوم قلم، إذا مر أحد الأيام السبعة بدون القلم خسر لبلب الرهان وتزوج عنتر لوزة. بالطبع ينجح لبلب فى صفع عنتر السبعة أقلام على وجهه، والأحداث كانت تؤكد مساندة والد لوزة لعنتر فى الهروب ومن أقلام لبلب، وتؤكد كذلك أن عنتر لجأ للعديد من الحيل لكى ينجو من كف لبلب، مرة يحاول قضاء اليوم فى تخشيبة قسم الشرطة، وتارة تقوم زوجته بالاتفاق معه على تأجير بلطجية تحجز لبلب لمدة يوم، وتارة تستدرجه هى إلى الصحراء وتتركه بها لكى يمر اليوم دون صفع زوجها. رغم هذه الحيل غير الشريفة، إلا أن كلمة الشرف سادت طوال الفيلم، حيث كان عنتر يعترف بصفع لبلب له، نذكر منها القلم الرابع الذى صفعه له فى منزله، والقلم الخامس الذى تلقاه فى منزله كذلك صباحا، عنتر اعترف بتلقيه هذه الصفعات وكان بإمكانه إنكارها، لكنه اعترف وفى نهاية الفيلم سلم عنتر للبلب جائزته أو رهانه وهو الكباريه وتخليه عن لوزه، وذلك بدون تحرير أوراق أو كتابة تعهد بالرهان، فقط اعتمدوا على كلمة الشرف، وقد أوفى عنتر الشرير بوعده أمام الجميع، فى الوقت الذى كانت أمواله وقوته تمكنه من التهرب أو حنث الوعد. هذه الرسالة الجميلة المتمثلة فى كلمة الشرف نحن فى أشد الحاجة إليها اليوم فى تعاملاتنا، خاصة النخب والإعلاميين والسياسيين، هل سيأتى اليوم علينا الذى نرى فيه أخلاقيات عنتر ولبلب، الله أعلم.