أكد الشيخ نشأت زارع إمام وخطيب بأوقاف الدقهلية فى خطبة الجمعة اليوم أن رحلة الحج رحلة قلوب وأرواح وليست رحلة أبدان فمن اشتاق بروحه وقلبه وحبسه العذر فقد راحا وصدق من قال "يا راحلين إلى البيت العتيق لقد سرتم جسوما وسرنا نحن أرواحا ان أقمنا على عذر وعن قدر ومن أقام على عذر كمن راحا". بعد الحج يجب أن تستفيد الأمة من الدورة التربوية الأخلاقية الإنسانية من فريضة الحج فلا عصبية ولا قبلية ولا طائفية ولا مذهبية فقد رأينا السنى بجانب الشيعى والعربى بجانب العجمى والغنى بجانب الفقير والرئيس بجانب المرؤوس، لا ولاء لحزب ولا لقبيلة ولا فوارق الشعار الواحد "هو سماكم المسلمين". وأضاف قائلا أنت لم تذهب إلى الحج وتأتى ليقال لك الحاج فلان ولكن لتنقل السلوك المتحضر الإنسانى الذى كان ملازما لك فى فترة الحج إلى وطنك وإلى بلدك وإلى شارعك وحيك فقد كنت فى الحج سلما وسلاما على كل شيء على الإنسان فلا رفث ولا فسوق ولا جدال عنيفا ومع الحيوان فيحرم عليك أن تفزعه وعلى الطيور يحرم عليك اصطياده حتى البيئة فمحرم عليك أن تقطع نباتا أو شجرا كل ذلك تدريب ودورة أخلاقية تربوية إنسانية تعود بها إلى وطنك وتحث الناس عليها. وتساءل "زارع": هل الأمة بعد الحج تعرف المقصد العظيم من فريضة الحج وهو القضاء على الطائفية والمذهبية والتعصب البغيض القبلى لأنها محرقة الأوطان وكانت فى الجاهلية أيضا نارا تحرق الأخضر واليابس حيث الحروب الأهلية المدمرة للعباد والبلاد وقد وضع الرسول كل أمور الجاهلية وحذرنا أن نقع فيها ولكن للأسف وقعت فيها الأمة.. مؤكدا يجب علينا ألا نفقد الأمل فى غد مشرق لبلادنا ولبلاد المسلمين والبشرية بأكملها وأن يتعايش الجميع بأمان وسلام لعمارة الأرض كما أراد الله وعلينا أن نبدأ بهذا السلوك مع بعضنا البعض.. جاء ذلك فى خطبة الجمعة اليوم التى ألقاها الشيخ نشأت زارع إمام وخطيب بمسجد سنفا بميت غمر. واستهل زارع خطبته الثانية بالتطرق إلى بدء العام الدراسى الجامعى حيث وجه كلمة لطلبة الجامعات قال فيها نحن لدينا ما يكفينا من العلم الدينى ولكننا فقراء فى العلم الدنيوي، ولن نتقدم وننتصر على الجهل إلا بالعلم، قائلا "وأهديكم كلمة الشيخ محمد الغزالى حيث قال (( إن كلمة التوحيد مهددة إذا لم نبرع فى علوم الدنيا والكون )) إن إحياء علوم الدنيا فرض مثل الصلاة والصيام فنحن نستورد طعامنا وعلاجنا وسلاحنا من الآخرين وكان المفروض أن نكون نحن النافعين للبشرية وما ذلك إلا بسبب إهمال قضية العلم.. وأضاف "زارع" انظروا إلى من يحصل على جوائز نوبل فى الكيمياء والفيزياء والطب وينفعوا البشرية واقتدوا بهم، واعلموا أن أفضل 500 جامعة فى العالم ليس فيها إلا عدد محدود على أصابع اليد الواحدة من الجامعات العربية منها جامعة القاهرة مشيرا إلى أن الأمم تتميز اليوم بالعلم ولا مكان فى عالم اليوم للجهل والأمية الثقافية فالأمى اليوم ليس أمى القراءة والكتابة ولكن أمى الثقافة، وأمى ثورة العلم، والنت وأمى فقه التعايش العالمي، والإنسانى فالعالم اليوم قرية صغيرة، وللأسف الشديد ليس لنا دور فى ذلك ولكننا عالة على العالم. مطالبا بالاقتداء بعلمائنا "أحمد زويل، وفاروق الباز، ومصطفى السيد" وهؤلاء العمالقة الذين ينفعون الإنسانية.. واختتم زارع خطبة اليوم ناصحا لهم قائلا "إياكم أن يضحك عليكم أعداء الوطن ومحترفو الصراع السياسى" والتصرف الهمجى بالاعتداء على جامعاتكم والتخريب فيها فهى ليست ملكا لكم ولكنها ملك للشعب دفع من قوت يومه وبنى لكم هذه الصروح العلمية لكى تتعلموا وتنفعوا أنفسكم وتنفعوا البشرية، لا نريد أن نرى المشهد الهمجى الذى حدث فى العام الماضي، فالجامعة محايدة وأنت تأتى إليها لتتعلم وليس لتصفية حسابات سياسية. وطالب قائلا "أخرجوا الجامعة من الصراع السياسى"، وقارنوا أيها الطلبة بين إنسان فى معمله أو فى جامعته يسابق الزمن ويستثمر وقته لكى ينفع الناس يبتكر أو يخترع أو يبدع فى اكتشاف ما يفيد الناس ويخفف عنهم أو يعالجهم وبين إنسان آخر يخرب ويحرق ويقتل ويضر الناس ويسبب لهم الشقاء والألم والمعاناة وقد قال النبى صلى الله عليه وسلم "خير الناس أنفعهم للناس".