استهل الشيخ نشأت زارع، خطيب وأمام مسجد سنفا بأوقاف الدقهلية، كلماته الأولى في خطبة الجمعة اليوم، التي ألقاها بمسجد الشرطة بمدينة جمصة، بتقديم التحية لرجال الشرطة والجيش الذين يضحون بأرواحهم فداءً للوطن، قائلا اللهم اجمعهم مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا. أوضح ان الله شرع العبادات لحكم ومقاصد سامية ولكي يصل الإنسان إلى قيم ومبادئ الإنسانية، ورسولنا الكريم وهو يودع المسلمين في حجة الوداع يعطيهم خلاصة تجاربه لأنه تعب مع العرب وهو يبرئهم من علل يكاد الشفاء منها يكون مستحيلا لذلك هو يجمع الدين كله فى كلمات معدودة في خطبة الوداع. يقول فى خطابه "يأيها الناس" مع انه يخاطب المسلمين، لكن الخطاب عالمي للبشرية، لأنه جاء رحمة للعالمين وليس للمسلمين، قائلا لهم لا ترجعوا بعدى كفار يضرب بعضكم رقاب بعض، فاعتبر أن الكفر هو أن يضرب المسلمون رقاب بعض، وللأسف الشديد يضرب المسلمون الآن رقاب بعض ولم ينتبهوا إلى تحذير النبي "صلى الله عليه وسلم" يبين لهم قضية من اخطر القضايا، وهى قضية الدماء وحرمتها وقضية الأموال والأعراض فيقول (إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا)، لو وعى المسلمون كلام النبي هذا ما سفكت دماء ولا نهبت أموال ولا انتهكت أعراض. وتساءل "زارع" ما الذي أوصلنا اليوم إلى هذه الحال في بلاد المسلمين، حيث عادت حروب الغبراء مرة أخرى وبشكل أبشع وأجرم في القرن 21، ورأينا حرب البسوس مرة ثانية، ولم ننتبه إلى تحذير النبي في حجة الوداع لنا من الفرقة والتنازع والتشرذم ومن الطائفية والمذهبية والعصبية. وأشار إلى أن المشكلة الكبرى في الصراع السياسي الملعون الذي من اجله تفرقت الأمة وتشرذمت ودب فيها داء الأمم "من الفتن والفرقة والمذهبية والعصبية"، كما قال الرسول، فلقد وضع الرسول كل هذه الأمراض الجاهلية في حجة الوداع، حيث قال "ألا وإن كل شيء من أمور الجاهلية موضوع تحت قدمي، وأمور الجاهلية كانت الربا والحروب الأهلية والعصبية والقبلية، إن النظرة الصحيحة للإسلام انك لا تعادى أحداً بسبب عقيدته أو مذهبه أو جنسه، وإنما اختلاف العقائد للتعارف وللتكامل وللتعايش وتبادل المنافع وليس للعداء والكراهية.. والنظرة الصحيحة أيضا ان البشرية بأكملها بينهم قاسم مشترك أنهم أولاد أب واحد، وأم واحدة، "كلكم لآدم وآدم من تراب"، فلا يصح العداء بينهم ولكن التعاون والتعايش والتكامل لعمارة الأرض (وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا). لذلك كان من أسباب الخلل التدين المغشوش، وطلب الله من المسلمين الحد الأدنى من العبادات والحد الأعلى من القيم والمبادئ والإنسانية والتسامح ونفع الإنسان، ولكننا فعلنا العكس فكانت النتيجة هذا الوضع المنهار، وان جنس الأفعال التي فيها نفع للناس لها أولوية وأفضلية عن الأعمال التي فيها نفع خاص أو نوافل فردية. وضرب الشيخ نشأت مثلاً بالأضحية لأن فيها نفعاً للناس وتوسعة على الفقراء، فلها فضل عظيم ومن الأولويات أيضا في الحج أن نقتدي بالرسول "صلى الله عليه وسلم" فهو لم يحج إلا مرة واحدة، وهى حجة الوداع وهي رسالة أخرى، خصوصاً في هذه الأيام والزحام شديد، فمن السنة أن تحج مرة واحدة حتى تفسح المجال لغيرك أن يحج بدون مشقة، فكثير من الناس يحج المرة الثانية والثالثة والرابعة، ولو نظروا للأولويات لأخرجوا هذه الأموال لخدمة الإنسانية والتوسعة على الفقراء وفك كرب المعوزين وأصحاب الحاجات، ودعم اقتصاد أوطانهم، كل ذلك أحب إلى الله عز وجل. اختتم خطبته ناصحا في الحج تذوب الفوارق وتتلاشى العصبيات والقبليات فلا مذهبية ولا طائفية فالكل ينادى نداء واحداً "لبيك اللهم لبيك" وهو درس لنا ان نبتعد عن هذه الأمراض التي تدمر البلاد والعباد وهى محرقة الأوطان، أن يدب فيها أمراض الجاهلية القديمة الولاء للقبيلة وللعصبيات والحزبية، ولكن الشعار الوحيد "أن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون".