نجحت المرحلة الأولى من تمويل مشروع تنمية محور قناة السويس بدرجة أذهلت العالم علي استعداد ورغبة المصريين في تحقيق تنمية اقتصادية كاملة وفي وقت محدود طالما توافرت لهم العزيمة والإصرار. في أقل من أسبوعين تم تغطية اكتتاب المشروع كاملاً وبأموال وطنية خالصة قادها الأفراد المصريون، وبالتأكيد لن يتم التوقف عند هذه النقطة لأن مشوار المشروع لايزال طويلاً، ويتطلب العديد من الأدوات التمويلية لاستكمال موجة تنمية القناة. المخاوف التي طاردت فريقاً من الخبراء في المرحلة الأولى بأن الطرح في البورصة قد يسمح لغير المصريين بالدخول من خلال ملكية الأسهم، وبالتالى تم استبعادها، رغم أن كثيراً من الشركات ذات بعد الأمن القومي مقيدة في السوق ويتم التداول عليها وتخضع لرقابة صارمة من البورصة ويتم إلغاء العمليات المنفذة، خاصة الشركات العاملة بسيناء. بعيداً عن ذلك لاتزال البورصة في حالة ترقب أن تحصل علي حصتها في عملية التمويل خاصة أن البنية التشريعية والفنية والتكنولوجية جاهزة لاستقبال أي طرح مشروع قومي أو خاص. «تعددت الأدوات والتمويل واحد».. هكذا كان رد شريف سامي، رئيس هيئة الرقابة المالية، حينما سألته حول دور سوق المال في تمويل المشروعات القومية أو المتعلقة بمشروع تنمية قناة السويس. وتابع: «إن هناك العديد من وسائل التمويل المختلفة التي تتناسب مع كل مشروع، وأيضاً يوجد مشروعات تتطلب خليطاً من هذا التمويل، بحيث تكون لديها حرية حركة في اختيار وسيلة التمويل الأنسب». والمرحلة الثانية من التمويل مؤكدة أن هناك دراسات تقوم بها الحكومة حول التمويل الأفضل والذي يتناسب مع المرحلة الثانية والتي خلالها قد يتم وضع البورصة في الحسبان وفقاً ل«سامى». إذن الاستعجال ليس مطلوباً بحسب «سامى» في تحديد طريقة وشكل التمويل في عملية التمويل الذي يتخذ العديد من الأشكال المختلفة، وذلك يضمن النجاح مثلما تم في المرحلة الأولى وتم تغطية اكتتاب القناة بأداة جيدة في أقل من أسبوعين. «البورصة جاهزة لاستقبال أي طروحات تتعلق بالمشروعات القومية وليس مشروع قناة السويس فقط» هو ما قاله الدكتور محمد عمران، رئيس البورصة، إذ إن البورصة مستعدة من جميع النواحي الفنية والتكنولوجية لاستقبال أي من المشروعات ذات الوزن الثقيل، حيث إن البورصة بورصة مستثمرة تحرص علي دعم وتطوير نظم التداول وكل ما يتعلق بمنظومة التعاملات، وقد قامت البورصة بتمديد عقد دعم وصيانة نظام التداول في البورصة مع بورصة ناسداك الأمريكية، مما يؤكد الحرص علي مسايرة التطورات والمستجدات التي تشهدها ساحة سوق المال العالمية. أعتقد أن المرحلة الثانية من التمويل قد تتطلب بعض الوقت لحين الانتهاء من استراتيجية تقسيم مناطق المشروع، علي اعتبار أن التنمية ستكون شاملة علي مستوي القطاعات الصناعية والزراعية واللوجستية، ووقتها سيتحدد دور البورصة من عملية التمويل، من خلال طرح شركات قائمة بالمشروع أو شركة قابضة «بحسب رؤية عمران». إذن كما قال الدكتور مدحت نافع، الخبير الاقتصادى وأستاذ التمويل، إن الفرصة سانحة الآن أمام بورصة الأوراق المالية لاستقبال أدوات الدخل الثابت التي يمكن إصدارها لتمويل مشروعات ممر قناة السويس العملاقة، حيث إن أنسبها في الوقت الراهن هو سندات البنية الأساسية، كذلك يمكن تأسيس شركات متعددة الأغراض للعمل في المخطط العام والمشروعات التالية له، وهي شركات يمكن طرحها جزئياً للاكتتاب ثم التداول في البورصة، كما سبق الإشارة إليه قبل إرساء المشروع. كما أعتقد وفقاً ل«نافع» أن تدشين بورصة سلعية لتداول السلع والخدمات وتمركزها في منطقة قناة السويس وعدد من الموانئ المهمة مثل ميناء دمياط من شأنه أن يعظم فرص الاستثمار والتنمية بصفة عامة خلال الفترة القادمة ويمكن تحويل مصر إلي مركز مهم للتجارة العالمية وكذلك مركز لوجيستى هو الأكبر في المنطقة. «بلا شك سيكون للبورصة دور في تمويل باقي المشروعات الأخرى سواء المشروعات التي ستقام حول قناة السويس أو المشروعات الخدمية أو مشروعات الطاقة» يقول وائل أمين، خبير أسواق المال، إنه «حال طرح مشروعات تنمية القناة ستحقق نجاحاً كبيراً مثلما حدث في عام 2005 عندما تم طرح جزء من شركة المصرية للاتصالات ومن قبلها طرح حصة من شركة سيدي كرير، وقبلهما اكتتاب شركة أموك وهي شركات حققت نجاحاً كبيراً في الميزانيات والإفصاح والشفافية، وبالتالى لم يتضرر أي مستثمر حتي الآن من تلك الطروحات». ويجب الحذر من الوقوع في أخطاء بعض الطروحات التي شهدتها سوق المال عام 2007، بحسب تحليل «أمين» حيث تم طرح جزء من شركة طلعت مصطفى وبايونيرز وتسببت هذه الطروحات رغم عدم قوتها إلي حالة تضخم كبير في الأسعار، كما أنه لابد من تأهيل المستثمرين الراغبين في الاستثمار بالبورصة، حتي يتحقق نجاح الطرح، مثلما حدث مع اكتتاب شهادات استثمار قناة السويس، خاصة أن مثل هذه المشروعات ستساهم بشكل كبير في دفع عجلة الاقتصاد المصرى، كما أن الوقت مناسب لتشكيل لجنة لإعداد برامج توعية وخريطة لتعليم المواطنين الاستثمار في البورصة. إذن البورصة تعد واحدة من أدوات التمويل المهمة التي لا غني عنها، باعتبارها أكبر قاعدة تضم المستثمرين، ولديها قدرة كبيرة علي جذب الشرائح المختلفة من المواطنين، ليس ذلك فحسب، بل أيضاً وسيلة للتخارج.. فهل سيكون للبورصة دور في تنمية القناة؟ هو ما تكشف عنه الأيام القادمة.