لم يختلف رد فعل الإخوان على إعلان السلطات المصرية أمس ضبط خلية تابعة لتنظيم «أنصار بيت المقدس»، نفذ عناصرها حادث الهجوم على مكمن الفرافرة، عن موقفهم من مشروع قناة السويس الجديدة!! فالرفض والتشكيك وربما الحزن المختلط بمشاعر الإحباط ظهر واضحاً بينهم. وعلى رغم انشغال الإخوان بطرد قادة للجماعة وآخرين مناصرين لها من قطر إلا أن التنظيم ما زال على موقفه من العمل على إفشال الحكم الجديد في مصر بأي شكل ومهما كان الثمن، وبغض النظر عن حملة الإخوان ضد مشروع القناة ومحاولة التقليل من جدواه، تارة بالادعاء بأنه من بنات أفكار الرئيس المعزول محمد مرسي، وأخرى باستخدام الآلة الإعلامية الضخمة للجماعة سواء القنوات التي تبث من تركيا، أو برامج «الجزيرة مباشر مصر»، أو الصحف التي تصدر في لندن، أو مواقع التواصل الاجتماعي في الترويج لفشل المشروع، وإهدار الجهود والمال فيه، وضياع مدخرات الناس الذين اشتروا شهادات استثمار تمويل القناة الجديدة، يكفي أن تمر أمام فرع واحد لمصرف في القاهرة أو المحافظات الأخرى لتدرك حجم انفصال الإخوان عن الواقع. يستنزف الإخوان المجتمع المصري بأعمال عنف في الشارع، واحتجاجات وتظاهرات عبثية، واعتداءات على محولات الكهرباء ومحطات المترو وخطوط القطارات، وصنع بيئة حاضنة للجماعات الإرهابية الراديكالية، لكنهم أيضاً يستنزفون أنفسهم، إذ رغم الانتماء العقائدي لأعضاء الجماعة وتلبيتهم كل أمر يأتيهم من قادة التنظيم وتصديقهم أحياناً أن «الانقلاب» يترنح وأن السلطة تتهاوى وأن الأرض تهتز تحت أقدام السيسي إلا أن الحقيقة التي يراها الجميع، من دون الإخوان ومناصريهم في الداخل والخارج، أن هدف الإخوان بإطاحة الحكم لن يتحقق وإن استمروا على ما هم فيه لعقود، ويكفي البحث في مغزى الإقبال المذهل للمصريين على شراء شهادات استثمار قناة السويس ليدرك أي عاقل أن الأمر يتجاوز زيادة الطلب على وعاء ادخاري يحقق أعلى عائد في المصارف المصرية، وأن أعداداً غير قليلة من المصريين أقبلوا على شراء الشهادات عنداً في الإخوان ونكاية فيهم، وأن السيسي ضرب أكثر من عصفور بحجر واحد لكن أهمها أنه ربط مصالح قطاع واسع من المصريين البسطاء بالمشروع وبحال الاستقرار في البلاد، وبالتالي ضمن استمرار العمل في حفر القناة بحماية الشعب. ليس سراً أن مصر عانت منذ 25 كانون الثاني (يناير) 2011 ارتباكاً ضرب مؤسساتها، وفوضى سادت مدنها وأحياءها، وانفلاتاً أمنياً منح البلطجية والخارجين على القانون والإرهابيين مساحات واسعة للحركة والتأثير، وظلت الاحتجاجات الفئوية والتظاهرات السياسية والمصادمات بين الناشطين وقوى الأمن، على مدى ثلاث سنوات ومنذ تفجر الثورة، تحول دون تعافي الاقتصاد والبدء في خطط للتنمية، وليس خافياً أن قوى الإسلام السياسي، وعلى رأسها الإخوان وحركات شبابية عدة بينها «6 أبريل»، تمكنت من استقطاب فئات في المجتمع جعلت المظاهر الاحتجاجية تسود بصور مختلفة وكانت لا تخلو أحياناً من العنف، حتى مشجعي الكرة استُخدموا سياسياً وصاروا طرفاً في معادلة العنف المستمر. كان ذلك يحدث وغالبية المصريين في منازلهم، أو قل انسحبوا من المشهد العام ضجراً من «مراهقة الثورة» أو شطط النشطاء أو ظهور الإخوان على حقيقتهم أو ضعف الدولة أو حتى غياب الأمل في تغيير حقيقي. ساهم الإخوان بفشلهم في الحكم وإصرارهم على مزيد من الفشل بعد عزل مرسي في ترسيخ قناعة لدى الناس بأن البلد جرى إنقاذها، وأنها نجت من مصير يرون بلداناً عربية أخرى وقعت فيه، وأن الحفاظ على الدولة مسؤولية الشعب وليس أي شخص أو جهة. وبينما يستمر الإخوان في خيارات الفشل نجح السيسي في ربط مصالح المواطنين ومدخراتهم بالحفاظ على الدولة ومقاومة محاولات تفكيكها، فقطع شوطاً في معادلة التنمية، ومنح الناس أملاً في مستقبل أفضل، وكلها أمور لا تُرضي الإخوان الغاضبين الآن من مشروع القناة، وكذلك من تصفية خلية «أنصار بيت المقدس»!!. وكلما مر الوقت من دون أن «يترنح» الحكم في مصر وتبدد أملهم في إعادة مرسي إلى المقعد الرئاسي سيزداد غضب الإخوان... وفشلهم!! نقلا عن صحيفة الحياة