حصل رئيس الوزراء العراقي المكلف على دعم سريع من الولاياتالمتحدةوإيران يوم الثلاثاء في حين دعا الساسة العراقيين لإنهاء خلافاتهم التي سمحت لمسلحين بالسيطرة على ثلث البلاد. ولكن حيدر العبادي لا يزال مهددا من الداخل حيث رفض نوري المالكي التخلي عن منصب رئيس الوزراء الذي شغله على مدى ثمانية أعوام شهدت تهميشا للأقلية السنية وأغضب خلالها واشنطن وطهران. غير أن ميليشيات شيعية وقادة في الجيش ظلوا لفترة طويلة موالين للمالكي عبروا عن دعمهم للتغيير كما عبر عن ذلك كثير من الناس في شوارع بغداد وسط رغبة قوية في إنهاء المخاوف من انزلاق جديد إلى اقتتال طائفي وعرقي. وفي حين تدرس قوى غربية ووكالات إغاثة دولية تقديم المزيد من المساعدات لعشرات الآلاف من المواطنين الذين فروا من ديارهم جراء تهديد تنظيم الدولة الإسلامية قرب الحدود السورية قال وزير الخارجية الأمريكي جون كيري أن بلاده ستدرس تقديم مساعدات عسكرية وغيرها حين يشكل العبادي حكومة توحد الصفوف في البلاد. وفيما يعكس التقاء مصالح واشنطن وطهران في العراق رغم عدائهما هنأ مسئولون إيرانيون كبار العبادي على تعيينه بعد ثلاثة شهور من انتخابات برلمانية خرجت منها كتلة المالكي كأكبر كتلة في البرلمان. ونقل عن ممثل الزعيم الإيراني الأعلى آية الله علي خامنئي في مجلس الأمن القومي الأعلى قوله "جمهورية إيران الإسلامية تدعم العملية القانونية التي مضت في طريقها فيما يتعلق باختيار رئيس الوزراء العراقي الجديد". وأضاف "إيران تدعم عراقا آمنا متكاملا متماسكا". وينظر للعبادي الذي قضى عقودا في المنفى في بريطانيا على أنه شخصية أقل استقطابا وميلا للطائفية مقارنة بالمالكي الذي ينتمي مثله لحزب الدعوة الإسلامية الشيعي. ويبدو أن العبادي يحظى بدعم من رجال الدين الشيعة وهم قوة كبيرة في البلاد منذ أطاحت القوات الأمريكية بصدام حسين في 2003. وقال التليفزيون العراقي الحكومي إن العبادي دعا جميع القوي السياسية التي تؤمن بالدستور والديمقراطية لتوحيد جهودها وصفوفها للتصدي التحديات الكبيرة التي يواجهها العراق. وقال سياسي مقرب من العبادي لرويترز أن رئيس الوزراء المكلف بدأ الاتصال بقادة جماعات رئيسية لاستطلاع رأيهم بشأن تشكيل الحكومة الجديدة وكان الرئيس العراقي فؤاد معصوم أعرب عن أمله يوم الاثنين في أن ينجح العبادي في تشكيل الحكومة في غضون شهر. ورفض المالكي بغضب يوم الاثنين تكليف العبادي ووصفه بأنه غير دستوري ولكن لم تظهر أي بوادر معارضة يوم الثلاثاء. ودعا بيان لميليشيا عصائب الحق الشيعية المهمة التي أيدت المالكي وعززت الجيش العراقي حين انسحب من الشمال في يونيو حزيران إلى وضع حد للجدل القانوني من النوع الذي يستخدمه المالكي لتبرير بقائه في السلطة وحث كل الأطراف على ضبط النفس. وقال إن الزعماء يجب أن يعطوا أولوية للمصلحة العامة على المصلحة الخاصة وأن يحترموا إرشادات الزعماء الدينيين في إشارة ما أوضحه آية الله العظمى علي السيستاني من أنه يؤيد إبعاد المالكي لعلاج الأزمة الوطنية. *عرض أمريكي وفي حين حرص المسئولون الأمريكيون على ألا يبدوا كمن يفرض قيادة جديدة على العراق بعد ثلاثة أعوام من رحيل القوات الأمريكية سارع الرئيس الأمريكي بالترحيب بترشيح العبادي. واستغل تنظيم الدولة الإسلامية التشاحن بشأن الحكومة الجديدة منذ انتخب العراقيون برلمانا جديدا في أبريل ليستولي على مساحات كبيرة في الشمال والغرب. وأرسل أوباما مئات من المستشارين العسكريين الأمريكيين للعراق وأمر بشن غارات جوية الأسبوع الماضي بعد أن حقق المسلحون انتصارات مهمة أمام قوات البشمركة التابعة لمنطقة كردستان شبه المستقلة الحليفة لسلطات بغداد. وقال مسئولون أمريكيون إن الأكراد يتلقون مساعدات عسكرية مباشرة وإن الطائرات الأمريكية والبريطانية أسقطت المواد الغذائية وإمدادات أخرى على مدنيين فارين بما في ذلك اليزيديون الذين لجأوا لجبال نائية. وحذر كيري المالكي يوم الاثنين من اللجوء للقوة للتشبث بالسلطة وصرح يوم الثلاثاء بأن العبادي قد يحصل على المزيد من المساعدات العسكرية والاقتصادية الأمريكية. وقال في مؤتمر صحفي في استراليا "نحن على استعداد لدراسة اختيارات سياسية واقتصادية وأمنية إضافية فيما يبدأ العراق تشكيل حكومة جديدة"مؤكدا أن واشنطن لن ترسل قوات قتالية للعراق. وأضاف كيري "أفضل سبيل لتحقيق الاستقرار في العراق تشكيل حكومة تضم جميع الطوائف وتجمع الأطراف الساخطة على نفس المائدة والعمل معها من أجل ضمان الوصول لقدر من المشاركة في السلطة وأخذ القرار بما يمنح المواطنين الثقة بأن الحكومة تمثل جميع مصالحهم". *بغداد أهدأ ولم يتضح مدى الدعم الذي يحظى به المالكي الذي لا يزال يرأس حكومة لتسيير الأعمال ما يساعده على عرقلة تشكيل حكومة جديدة. وقال مسئول حكومي كبير لرويترز إن المخاوف من حدوث مواجهة عسكرية في العاصمة خفت مع تقليص قوات الجيش والشرطة لوجودها في الشوارع. وتابع "ساد بغداد توتر شديد أمس. ولكن القادة العسكريين الكبار اتصلوا فيما بعد بالرئيس وأبدوا دعمهم له وليس للمالكي". وفي الأحياء الشيعية والسنية على السواء في بغداد تحدث كثير من الناس عن إحساس بالارتياح والأمل الحذر في حدوث تغيير. وقالت أم عقيل (68 عاما) وهي تسير في حي كرادة التجاري "أنا سعيدة أن المالكي لن يكون رئيسا للوزراء مرة أخرى. أنا أكرهه.. لقد قتل أولادي وكسر قلبي". وقالت إن اثنين من أبنائها قتلا في العنف على مدى العام المنصرم كان أحدهما جنديا في الشمال وقتل في مايو. وأضافت "المالكي لا يعرف سوى لغة الحرب ولا يؤمن أبدا بالسلام.. تماما مثل صدام... حين سمعت أمس أنه خرج أحسست أن الله أقام العدل.. وأن ولدي الحبيبين اللذين قتلا بسببه سيرقدان في سلام". لكن في حين كانت أم عقيل توزع الحلوى على المارة في الحي الذي يغلب عليه الشيعة للتعبير عن فرحتها نهرها مرتضى الوالي وهو أحد السكان قائلا أن من الخطأ أن تحتفل. وقال "قريبا ستندمون جميعا على رحيل المالكي." وأضاف "هو الذي بنى جيشا قويا. سيتمزق العراق بعد المالكي وسنخسر المعركة مع الإرهابيين. سيدفع الشيعة ثمنا غاليا لفقدان المالكي. فقط انتظروا وسترون". وفي حي الأعظمية الذي يغلب عليه السنة حيث عبر كثير من الناس طويلا عن استيائهم مما يرونه تصميما من المالكي على إبعاد السنة عن مراكز النفوذ قال خالد سعد وهو صاحب مقهى إنه يأمل أن يتعلم العبادي الدرس من الماضي بأن يحافظ على مسافة بينه وبين ايران وان يدع السنة يعيشون في سلام. وقال "المالكي عاملنا نحن السنة كغرباء." وأضاف "نأمل أن يتعلم العبادي من أخطاء المالكي القاتلة وأن ينتشل البلاد من بحر مشاكلها".