محدِّثة جليلة، وتابعية ثقة، ومثال للأمهات اللواتي يحتذى بهن في عصرنا الحالي، جمعت بين علو النسب وشرف العلم رضي الله عنها وأرضاها درة الفواطم بعد جدتها فاطمة الزهراء بنت سيد البشر , وبضعة رسول الله وريحانته ,الحسين الشهيد رضي الله عنه ونفحة من طلحة الخير والجود، ووارثة الحسن والعلم والأدب من أمهاتها وجداتها، سليلة النسب الكريم من أكرم أهل بيت النبوة آباءً وأمهاتٍ وأعماماً وأخوالاً وأزواجاً وأبناءً وأحماء قلما تجد امرأة تجمع هذا النسب الشريف , في هذا البيت الكريم وبين حنان ورفق الأب الشهيد والأم الوفية، والأعمام والأخوال والعمات والخالات نشأت تلك البضعة الطاهرة النقية السيدة فاطمة بنت الحسين فأخذت فاطمة تستقي العلم ممن يكبرها في الجو المحيط بأهل بيت النبي صلوات ربي وسلامه عليهم وهذا من نعومة أظافرها حتى شبت عن الطوق، ولكي نتتبع معاً حياتها سوف نستضيء بروايات التاريخ وما صح من الكتب التي تعرض إيجازاً لا تفصيلاً حياتها الكريمة تقدم ابن عمها الحسن بن الحسن بن على بن أبى طالب -رضى الله عنهم- لعّمه الحسين للخطبة، فقال له الحسين: يا بن أخي، لقد انتظرت هذا منك، انطلق معي. فخرج به حتى أدخله منزله، ثم أخرج إليه بنتيه فاطمة وسُكينة، فقال: اختر، فاختار فاطمة فزوَّجه إيّاها؛ فولدت له: عبد الله، وإبراهيم، وحسنًا، وزينب. ولما وقعت الفتنة ورفض الحسين بن على أن يكون أسيرًا، وقاتل حتى قُتِل، وقُتِلَ معه ابنه وأصحابه الذين ثبتوا معه بمكان يقال له: "الطّفّ" عند كربلاء. وانطلق بعلى بن الحسين، وأختيه فاطمة وسكينة وعمته زينب بنت على إلى عبيد اللَّه بن زياد، فبعث بهم إلى يزيد بن معاوية، فقال علي: أما واللَّه لو رآنا رسول اللَّه مغلولين لأحبّ أن يحلنا من الغُلِّ (القيد). قال: صدقت. فحلوهم من الغل (القيد)، قال: ولو وقفنا بين يدى رسول اللَّه على بُعد لأحب أن يقرّبنا. قال: صدقت. فقرَّّبوهم، ثم أمر بهم فجُهِّزُوا وأُخرِجوا إلى المدينةالمنورة وكانت فاطمة صاحبة حكمة، وراوية من راويات الحديث، ومما روته أنها قالت: كان النبي إذا دخل المسجد قال: "بسم الله والسلام على رسول الله، اللهم اغفر لي، وافتح لى أبواب رحمتك" [أبو حميد وأبو أسيد]. وإذا خرج قال: " بسم الله والسلام على رسول الله، اللهم اغفر لى ذنوبى وافتح لى أبواب فضلك" [أبو حميد وأبو أسيد وكانت -رضى الله عنها- تحب العلم وتحفظ القرآن الكريم، كما كانت تحب الشعر؛ رُوى أنه لما دخل الكميت بيتها، قالت: هذا شاعرنا أهل البيت. وأمرت له بثلاثين دينارًا، فدمعت عيناه وقال: لا والله لا أقبلها إنى لم أحبكم للدنيا. روى ابن سعد بسنده أن فاطمة بنت حسين كانت تُسبّح بخيوط معقود فيها، وهذا فيه تحرٍ للعبادة والحرص على الذكر والتسبيح، والخبر نفسه ذكره ابن عساكر بسنده ومن دلائل حكمتها وعدلها ما رواه ابن عساكر بسنده عن عبيد الله بن الحسين بن عبيد الله أن (فاطمة بنت الحسين أعطت ولدها من حسن بن حسن مورثها من حسن بن حسن، وأعطت ولدها من عبد الله بن عمرو ميراثها من عبد الله بن عمرو فوجد ولدها من حسن بن حسن في أنفسهم من ذلك، لأن ما ورثت من عبد الله بن عمرو أكثر فقالت لهم: يا بَنِيّ، أني كرهت أن يرى أحدكم شيئاً من مال أبيه بيد أخيه، فيجد في نفسه، فلذلك فعلت ذلك وهذا دليل زهدها عن الدنيا وما فيها أن فرقت ما ورثته على أبنائها في حياتها وفيه أيضاً من حكمتها ورجاحة عقلها ما لا تصل إليه نساء عصرنا وتوفيت رضى اللَّه عنها فى عام 110 من الهجرة