أشعر بالإشفاق علي وزارة الأوقاف كلما قرأت جديداً من الأعباء التي تضيفها الوزارة إلي أعمالها!، فالوزارة تضيف كل يوم جديدا مما لم تكن تعني به في سابق عهودها حتي أننا قد مررنا بما سوغ لنا تسميته - مثلا - بفوضي المساجد!، والتي جعلت الأشبار هي كل ما يفصل بين الزوايا والمصليات في سراديب المباني والعمارات!، وقد استخدمت هذه الزوايا والمصليات أسوأ استخدام من جانب العناصر التي أخذت علي عاتقها بث دروسها في التطرف والغلواء!، ناهيكم عما جري من تجنيد جماعة الإرهاب لشبان وصبية وفتيان وفتيات أصبحوا من التابعين لها!، وهم الذين تعتمد عليهم هذه حتي الآن في ترتيب هذه المسيرات الهزيلة التي تهتف ضد الدولة والشعب وثورته، وكان لابد - بعد سقوط حكم الجماعة الإرهابية - من انهاء هذه المهزلة التي شكلت فوضي كاملة حيث أصبح من يقصد الصلاة يعرف إذا كان ما يصلي فيه مجرد مصلي أو زاوية، وقد انطلقت منه الميكروفونات بالمكبرات في أي وقت شاء ذلك من يقومون علي رعايتها!، وكان لابد أن تسعي وزارة الأوقاف إلي إحكام سيطرتها علي المساجد وتنظيم بناء المصليات والزوايا بحيث تكون لأداء الصلوات اليومية فقط، دون أن تتم فيها إقامة شعائر صلاة الجمعة، وتنظيم الخطابة بحيث شددت الوزارة علي ألا تكون الخطب في المساجد مرتبطة بالشعارات السياسية والموضوعات الحزبية التي ليس مكانها المساجد!، بل تكون الخطبة خاصة بالشأن الديني وفقاً لما تصفه الوزارة!، وقد شددت وزارة الأوقاف علي ألا تكون الخطابة لكل من هب ودب!، بل لابد أن يكون خطيب المسجد من الأزهريين المصرح لهم بالخطابة من الوزارة. لكنني قرأت مؤخراً أن الوزارة قد رأت- ورمضان لم يبق علي انتهائه سوي ما يقارب سبعة أيام - أنه يمكنها إقامة سنة الاعتكاف علي مستوي الجمهورية بتجهيز 3300 مسجد لهذه السنة، وحذرت الوزارة من محاولة الخروج بالاعتكاف عن أجوائه الإيمانية والتعبدية إلي توظيف سياسي، أو محاولة استغلاله لأغراض حزبية أو ترتيبات سياسية انتخابية!، وحذر رئيس القطاع الديني بالوزارة الشيخ محمد عبدالرازق بأن الوزارة ستتخد إجراءات حاسمة تجاه أي تجاوز أو مخالفة، ووجه تعليماته لجميع المديريات بضرورة متابعة الاعتكاف والإشراف الكامل عليه، وقد اكتشفت أن تفعيل هذه المتابعة وهذا الإشراف علي الاعتكاف سوف يأخذ وقتا وجهودا من عناصر العاملين بالوزارة يتحملون بها مسئولية كاملة عن الاعتكاف!، وعدم خروجه علي إطاره الشرعي والإيماني التعبدي إلي أي توظيف سياسي أو حزبي أو انتخابي!، ولست أدري كيف يأتي الضمان لهؤلاء المشرفين المسئولين عن الإعتكاف إذا ما فوجئ أي منهم في المسجد الذي تسند إليه متابعته بمعتكف يقف وسط المعتكفين معه لدعاية أو هتاف لمرشح في الانتخابات!، وهل يضمن هذا المشرف العامل في الوزارة أن من اعتكف قد وافق علي شروط الوزارة للاعتكاف!، ثم يضيف رئيس القطاع الديني في الوزارة أنه سيقوم كل من التفتيش العام والتفتيش الدعوي بمتابعة مساجد الاعتكاف والاطمئنان علي حسن أدائها في خدمة المعتكفين!، والاعتكاف - كما رأت الوزارة - لابد أن يكون في المسجد الجامع، ويكون تحت إشراف إمام من أئمة الأوقاف أو واعظ من وعاظ الأزهر الشريف، أو خطيب مصرح له من وزارة الأوقاف تصريحاً لم يسبق إلغاؤه، هناك تقارير لابد أن ترفع من مديري الإدارة التابع لها المسجد، وأن يكون المعتكفون من أبناء المنطقة المحيطة بالمسجد جغرافياً المعروفين لإدارة المسجد، وبصراحة شديدة فإنني قد رأيت بعد كل هذه الشروط والقواعد أن أمر الاعتكاف قد تعسر كثيراً!، وهل يمكن لإدارة مسجد في أي حي - وهو مسجد جامع - أن يكون عنده ثبت بأبناء المنطقة الراغبين في الاعتكاف!، والتيسير علي المعتكف ألا يشعر بأنه كمن هو تحت المراقبة!، وأولي به أن يعتكف في بيته بدلا من كل ذلك!.