حينما نتكلم عن الإذاعة المصرية في عيدها الثمانين نقول إنها سوف تبقي مهما تعددت الفضائيات، الإذاعة جزء أساسى في وجدان الملايين في مصر والعالم العربي. في 31 مايو 1934 افتتحت الإذاعة المصرية وكان أول من قال «هنا القاهرة» الإذاعي أحمد سالم.. والقرآن الكريم بالصوت الذهبي للشيخ محمد رفعت.. وأول من تغنت بالإذاعة كوكب الشرق أم كلثوم. علي مدي 80 عاماً ارتبط الملايين بالإذاعة، وارتبط الناس بأصوات الإذاعيين، وعاصرت الإذاعة جميع التحولات الكبري في مصر من ثورة 1952 مروراً بحروب 56 و67 وانتصار 73، حتي ثورتي 25 يناير و30 يونية.. وبالأمس القريب فوز المشير السيسي برئاسة مصر. لا نستطيع حصر ما قدمته الإذاعة علي مدي 80 عاماً، ولكن نحاول أن نقدم بعض أهم البرامج. ساهمت الإذاعة في رفع مستوي ثقافة المصريين بالعديد من البرامج المتنوعة بين الثقافة والفنون، من ينسي أحاديث عملاق الأدب عباس محمود العقاد.. ونحاول في هذا الصدد إلقاء الضوء علي بعض البرامج الإذاعية الشهيرة التي ارتبط بها الملايين: «علي الناصية» تقديم الإذاعية آمال فهمي أمد الله في عمرها، وهو أقدم البرامج علي الإطلاق تعتمد فكرته علي متابعة الأحداث الجارية واستضافة المسئولين، ورجل الشارع في حوار شيق ومبسط. «كلمتين وبس» تقديم العملاق الراحل فؤاد المهندس، قدمه علي مدي 33 عاماً وكان يكتبه أحمد بهجت، أسلوب ساخر للغاية من الأستاذ المهندس يجذب الملايين وإسقاطات علي الواقع السياسي والاجتماعي. «ع الماشي» تقديم العملاق صبري سلامة الذي أذاع بيان العبور في أكتوبر 1973. «مقال إذاعي» يعكس الواقع اليومي للمصريين وتميز بالحكمة وفلسفة القضايا العربية. «بصراحة» تقديم وجدي الحكيم، كان يستضيف عمالقة الغناء في العصر الذهبي ويطرح عليهم أسئلة ساخنة، تعكس قضايا الغناء والفن في هذا العصر. «شاهد علي العصر» تقديم عمر بطيشة، استضاف في هذا البرنامج علي مدي ما يقرب من عشرين عاماً عمالقة السياسة والفكر والصحافة في مصر والعالم العربي ليقدموا شهاداتهم علي العصر في كافة المجالات. «لغتنا الجميلة» تقديم فاروق شوشة، يقدم من عشرات السنين جواهر ودرر الشعر العربي. «قال الفيلسوف» لسميرة عبدالعزيز وإسلام فارس، يتناول حكمة العرب في عصور مختلفة في أسلوب مبسط. «التعليق علي مباريات الدوري العام» تقديم فهمي عمر، كان يقدمه في خمس دقائق، ويتناول تحليل مباريات الدوري في شكل جذاب للغاية، يعتبر درساً لجميع المحللين في القنوات الرياضية. «زيارة لمكتبة فلان» تقديم نادية صالح، كان يستعرض مع رموز الفكر والأدب والشخصيات العامة أهم ما تضمه مكتباتهم من مؤلفات في جميع المجالات. «عصر من الغناء» تقديم جلال معوض، كان يستعرض حفلات كوكب الشرق أم كلثوم، ويقدم كل حفلة في حينها، والأجواء المصاحبة. «ناي» تقديم إيناس جوهر، برنامج خفيف الظل يستعرض العجائب والغرئب في العالم في أسلوب شيق وكوميدي. «رأي الدين» تقديم الدكتورة هاجر سعد الدين، كان يقدم في شكل مبسط سؤالاً في الدين والعقيدة الإسلامية يجيب عنه أحد علماء الأزهر الشريف. «همسة عتاب» يقدم في شكل درامي مبسط مشاكل المصريين مع الروتين الحكومي، ومنه انطلق المصطلح الشهير «فوت علينا بكرة يا سيد». «إلي ربات البيوت» برنامج كان يهتم بالأسرة والأمومة وبداخله المسلسل الأشهر «عائلة مرزوق» ومسلسل «خالتي بمبة» للراحلة ملك الجمل داخل نفس البرنامج. «غنوة وحدوتة» تقديم أبلة فضيلة أشهر حكاءة ويعتمد علي رواية حواديت للأطفال بصوت عذب ومميز للغاية ارتبط به الصغار والكبار ومازال حتي الآن أنجح البرامج الإذاعية علي الإطلاق. «طريق السلامة» تقديم صبري سلامة، وحالياً نجوان قدري، متخصص في إعطاء إرشادات للمسافرين والمشاكل المرورية داخل القاهرة الكبري. «غواص في بحر النغم» تقديم عمار الشريعي أول برنامج إذاعي متخصص في الشرح والتحليل للأغنيات والتلحين وطريقة الأداء والتوزيع الموسيقي. «ألحان زمان» تقديم هالة الحديدي، برنامج متخصص في إذاعة الأغنيات القديمة التي تجاوز عمرها ربما أكثر من نصف قرن، وكنوز الغناء في بدايات القرن العشرين. «الشارع الغربي» تقديم أحمد فوزي، برنامج متخصص في إذاعة أحدث الأغاني الأجنبية. كل هذه البرامج علي سبيل المثال وليس الحصر، ومكتبة الإذاعة بحمد الله مليئة بالكنوز. لا ننسي أن الإذاعة ساهمت بشكل كبير في نشر الغناء الراقي لعمالقة الغناء، وأيضاً الدراما الإذاعية التي أثرت في وجدان الملايين، والتلاوة القرآنية بصوت عمالقة قراء القرآن. أيضاً ساهمت الإذاعة في نشر مباريات كرة القدم قبل افتتاح التليفزيون 1960. مهما تحدثنا عن الإذاعة فلن نوفيها حقها، مازالت وسوف تظل أسرع وأرخص وسيلة إعلامية، الراديو أهم صديق للإنسان، من يرغب حقاً في الثقافة والمعرفة وإثراء الوجدان فعليه بسماع الإذاعة.