«لا خير فينا إن لم نقلها.. ولا خير فيكم إن لم تسمعوها» إنها صرخة المظلومين في السجون.. سمعت منها الكثير حتي عجزت عن تجاهلها.. وشعرت بأن المسئولية تقع علي كل إعلامي وصاحب قلم أن ينقلها.. قد يقول قائل هو ده وقته يا سيدي؟! فأقول إن كلمة الحق ليس لها وقت محدد، وصرخة المظلوم ليس بينها وبين الخالق حجاب. صحيح إنني متعاطف بأشد كلمات التعاطف مع الشرطة المصرية التي تقدم لنا كل يوم شهيدا جديدا.. وصحيح أيضا أنني أعرف بأن ما يحدث في مصر الآن بفعل إرهاب الإخوان وأعوانهم الذي خلق في مصر حالة من الهرج يمكن أن نسميه «هوجة».. وفي ظل حالة الهرج والمرج وأصوات الانفجارات وطلقات الرصاص يسقط ضحايا أبرياء بلا أي ذنب أو جريرة.. وأيضا هناك ضحايا آخرون يزج بهم في السجون وخلف القضبان بلا أي ذنب أو جريرة. والأمن معذور - إلي حد ما - في أخذ العاطل بالباطل لأن الضربات تأتي له علي غير توقع ومن كل الجبهات.. ولكن ذلك لن يظل مبررا ومفهوما إذا ما استمر بدون حساب أو بدون رقيب فأصعب شيء علي الإنسان أن يسجن أو يزج به في السجن لمجرد الاشتباه أو لمجرد تواجده في موقع المظاهرات أو المسيرات الإخوانية، وأنا هنا لا أدافع عن الإخوان وأعمال العنف والإرهاب التي يمارسونها، فهؤلاء بحكم الإسلام مفسدون في الأرض ويستحقون عقوبة الإفساد في الأرض والتي تصل الي حد القتل أو النفي في الأرض أو تقطيع الأيدي والأرجل من خلاف.. إنما أتحدث عن أناس أبرياء لا ذنب لهم إلا أن حظهم السيئ أوقعهم في الشارع أثناء مسيرات عصابة الإخوان ومظاهراتهم أتفهم أن يلقي علي بريء.. لكن الواجب أن تأتي تحريات المباحث الحقيقية لتخرج البريء وتدين المجرم.. لكن الواضح أن هناك مشكلة في تحريات المباحث فهي إما أن تكون متعجلة فتتسبب في إدانة بريء أو أنها تتم بالطريقة القديمة التي كانت الشرطة تعمل بها وهي طريقة «تستيف» القضايا بمعني تلفيق الاتهامات لمجرد إنهاء قضايا عالقة لم يستدل علي فاعلها! فكم من شاب بريء ألقي القبض عليه بلا أي ذنب ومنهم محمد ابن زميلنا محمود جاد، الذي ألقي القبض عليه وهو في طريقه إلي والده بالدقي لمجرد أن تصادف وقوع صدامات بين الجماعة الإرهابية والأمن أمام جامعة القاهرة، ومازال الفتي الصغير قابعا خلف القضبان رغم أنه من مؤيدي «السيسي» ويضع صورته علي صفحته علي «الفيس بوك». وهناك الآلاف مثل محمد محمود جاد لا علاقة لهم بالإخوان وإرهابهم بل إن بعضهم كان من أشد أعداء الإخوان ومع ذلك حشروا في السجون مع عصابة الإخوان. وهذا الوضع في منتهي الخطورة لأن الظلم يولد الحقد.. والحقد في النفوس الغضة البريئة يمكن أن يوجد بينهم وبين عناصر الإخوان داخل السجون، ومن هنا تنجح هذه العصابة الإرهابية في تعبئة نفوس هؤلاء الأبرياء ضد الأمن وضد المجتمع كله.. ونحن بذلك نكون قد قدمنا هؤلاء الأبرياء علي طبق من ذهب كأعوان جدد وأعضاء مخلصين للجماعة الإرهابية. لقد سمعت قصصا عديدة من هؤلاء المظلومين القابعين خلف القضبان ورأيت دموع الأمهات المقهورات علي أبنائهن وضياع مستقبلهم بل وأحيانا سمعت عن وقوع حالات تعذيب لهؤلاء الأبرياء داخل السجون وهناك بلاغات عديدة قدمت للنائب العام في هذا الصدد مثل البلاغ الذي تقدم به والد الشاب أحمد دويدار والكثير من منظمات حقوق الإنسان قد صدرت مثل هذه التجاوزات. أقول بكل صدق إن هذا الملف أعتبره هو الأهم أمام الرئيس القادم حتي تتم إعادة التحقيق مع هؤلاء الأبرياء للإفراج عنهم فورا، لأن المبدأ الإنساني يقول الأفضل أن يفلت من العدالة ألف مجرم خير من أن يدان بريء واحد.. ولا ننسي أن كل الحقد الذي امتلأ به قلب خالد الإسلامبولي ودفعه لتقل السادات كان وراءه اعتقال شقيقه الأكبر في أحداث سبتمبر الشهيرة. اللهم قد بلغت.. اللهم فاشهد.. ومع إقرارنا واحترامنا لكل تضحيات رجال الشرطة إلا أن كل هذا لا يغفر لأحد ظلم بريء.. فالعدل أساس الملك يا سادة.