تفاصيل مران منتخب مصر الختامي استعدادا لمواجهة بوركينا فاسو (صور)    هربًا من حرارة الجو.. مصرع طالب غرقًا أثناء الاستحمام بنهر النيل بقنا    كان متعمدًا.. لماذا لم يبلغ بايدن حليفه نتنياهو بالصفقة قبل الإعلان عنها؟    بريطانيا.. رئيس حزب العمال يتهم سوناك بتعمد الكذب عليه بشأن زيادة الضرائب    بوتين يتّهم الولايات المتحدة بالتسبب في الأوضاع الراهنة بفلسطين    الملف ب 50 جنيها.. تفاصيل التقديم بالمدارس الرياضية للإعدادية والثانوية    نهضة بركان يحسم مصير معين الشعباني    الحج 2024.. عضو ب"شركات السياحة": حملات لترحيل حاملي تأشيرات الزيارة من مكة    طرح البوستر الرسمي لفيلم "عصابة الماكس" قبل عرضه في عيد الأضحى    رشاد عبده: الدعم النقدي الأفضل لكن في مصر العيني هو الأنسب    هل يغير جوميز مركز عبد الله السعيد فى الزمالك؟    البرتغال تعلن اعتزامها تشديد القيود على الهجرة    رئيس البعثة المصرية للحج: استقبلنا 2000 حالة في العيادات حتى الآن    ناجي الشهابي: الحكومة نفذت رؤية الرئيس وكانت خير معين لتنفيذ التوجيهات    مركز اللغات والترجمة بجامعة القاهرة يطلق برنامج Summer camp لأطفال    أحمد السبكى يكشف محافظات المرحلة الثانية للتأمين الصحى الشامل بتكلفة 86 مليار    وزير العمل يشارك في الملتقى الدولي للتضامن مع عمال فلسطين والأراضى العربية المحتلة    أحمد فهمي يروج لفيلم عصابة الماكس: السكة لسه طويلة    رسائل تهنئة بمناسبة عيد الأضحى 2024    عيد الأضحى 2024: هل يجوز الانتفاع بلبن وصوف الأضحية حتى نحرها؟ «الإفتاء» توضح    بالفيديو.. خالد الجندي: هذا ما يجب فعله مع التراث    السعودية وإثيوبيا تعلنان إنشاء مجلس أعمال مشترك    الحكومة الألمانية تعتزم تخفيف الأعباء الضريبية بمقدار 23 مليار يورو خلال السنوات المقبلة    خبير اقتصادى: الحكومة المستقيلة حققت تنمية غير مسبوقة فى الصعيد وسيناء    السعودية ومصر تعلنان موعد غرة ذي الحجة وعيد الأضحى 2024 غدًا    منى زكى تقبل اعتذار "اليوتيوبر" المتهم بالإساءة إليها وتتنازل عن الدعاوى    «درَّة التاج»| العاصمة الإدارية.. أيقونة الجمهورية الجديدة    أستاذ قانون دولي: أمريكا تعاقب 124 دولة أعضاء في المحكمة الجنائية الدولية    وزراء مالية منطقة اليورو يؤيدون موقف مجموعة السبع بشأن الأصول الروسية    رئيس جامعة المنوفية يستعرض الخطة الاستثمارية وتعظيم الاستفادة من الموارد الذاتية    رئيس «أسيوط» يشهد احتفال «الدول العربية» بتوزيع جائزة محمد بن فهد    أمين الفتوى بدار الإفتاء: الدعاء مستجاب في روضة رسول الله    رؤية مصر 2023.. "الأزهر" يدشن وحدة للاستدامة البيئية - تفاصيل    نور تحكي تجربتها في «السفيرة عزيزة» الملهمة من مريضة إلى رائدة لدعم المصابين بالسرطان    رئيس الجمعية الوطنية بكوت ديفوار يستقبل وفد برلماني مصري برئاسة شريف الجبلي    إنقاذ حياة كهربائي ابتلع مسمار واستقر بالقصبة الهوائية ببنها الجامعي    أمين الفتوى يوضح طريقة صلاة التسابيح.. مٌكفرة للذنوب ومفرجة للكروب    بعد صدور قرار النيابة بشأن التحاليل.. أول تعليق للفنانة هلا السعيد على واقعة التحرش بها من سائق «أوبر»    فوز الدكتورة هبة علي بجائزة الدولة التشجيعية 2024 عن بحث حول علوم الإدارة    السبت أم الأحد؟.. موعد الوقفة وأول أيام عيد الأضحى المبارك 2024    «الأطباء» تعلن موعد القرعة العلنية ل«قرض الطبيب» (الشروط والتفاصيل)    بفرمان كولر.. الأهلي يستقر على ضم 3 لاعبين في الصيف الجاري    تعليق مثير من مدرب إشبيلية بشأن ضم أنسو فاتي    رحلة البحث عن الوقت المناسب: استعدادات وتوقعات لموعد عيد الأضحى 2024 في العراق    الامارات تلاقي نيبال في تصفيات آسيا المشتركة    الجريدة الرسمية تنشر قرار محافظ الجيزة باعتماد المخطط التفصيلى لقرية القصر    "معلومات الوزراء": التقارير المزيفة تنتشر بسرعة 10 مرات عن الحقيقية بمواقع التواصل الاجتماعي    وزير الري يبحث مشروعات التعاون مع جنوب السودان    وزير التنمية المحلية: مركز سقارة ينتهي من تدريب 167 عاملاً    محافظ القليوبية: تطوير ورفع كفاءة 15 مجزرًا ونقطة ذبيح    مندوب فلسطين الدائم ب«الأمم المتحدة» ل«اليوم السابع»: أخشى نكبة ثانية.. ومصر معنا وموقفها قوى وشجاع.. رياض منصور: اقتربنا من العضوية الكاملة بمجلس الأمن وواشنطن ستنصاع لنا.. وعزلة إسرائيل تزداد شيئا فشيئا    حزمة أرقام قياسية تنتظر رونالدو في اليورو    تكريم الطلاب الفائزين فى مسابقتى"التصوير والتصميم الفنى والأشغال الفنية"    النشرة المرورية.. خريطة الكثافات والطرق البديلة في القاهرة والجيزة    محافظ كفر الشيخ يتفقد موقع إنشاء مستشفى مطوبس المركزي    بتقرير الصحة العالمية.. 5 عناصر أنجحت تجربة مصر للقضاء على فيروس سي    رئيس إنبي: اتحاد الكرة حول كرة القدم إلى أزمة نزاعات    صحة الوادى الجديد: تنفيذ قافلة طبية مجانية بقرى الفرافرة ضمن مبادرة حياة كريمة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اعترافات أم عاقة
نشر في الوفد يوم 21 - 12 - 2010

يخرج بعض الناس من الدنيا وقد حملوا على ظهورهم مصيبة العقوق، قد عقّوا أباً أو أماً أو الأثنين معاً.
أما أن تكون محصلة البعض عقوقا لثلاثة، فالأمر قد يبدو غريباً ويحتاج إلى المزيد من التوضيح.
قالوا عنى مجنونة، وأنه كان علىّ أن أتوقف وأكتفي بإبن واحد أبثه أحزان عقوقى، لكننى كنت أقول أننى ضممت ابنتين أخرتين بالفعل إلى القائمة، ولم يكن قصدى أبداً تكثير" القتلى فى المشرحة"، إنما كنت أكافح لأجل البقاء، بقاء البناء، والأسرة، آملة أن أحول عقوقى إلى بر.
لم أختر مبكراً وسريعاً الهرب ب" الطلاق" وهو الأسهل، ولكن هيهات، فما رأيته الأسهل وهربت منه، رأى الآخر سهولته فاختاره، ليضع خاتمة لتلك الحياة، التى أخرجتنى بالفعل من جحيمها، ولكنها توجت عقوقى لأبنائي أيضاً.
مسلسل لا ينتهي
فقصة عقوق الواحدة منّا لأبنائها لا تبدأ وتنتهى عندما تسئ اختيارها لأبيهم فحسب، وإنما قد تستمر القصة لما بعد عندما يطلب منها سلب حقوقهم المادية فى مقابل وجودهم معها، فترضي، وعندما يفقدون معنى ومبنى الأسرة، وعندما يتسلل إليهم الشعور بعدم الأمان وهم أعواد طرية قابلة للإنكسار فى زمان صعب، وعندما تصبح لديهم صورة المبادئ مشوهة، غير ناصعة، ولا يستطيعون التمييز بين الكراهية والحب ودواعيهما، وعندما تضيع من بين أيديهم معانى الحياة الجميلة، فيبغضون الذكريات وكأنها خناجر تنكأ جراحهم، فيكبرون بلا ذكريات تستحق الفرح بتذكرها، ويتصالحون مع الحزن رغم غضاضة أعمارهم، فيكبرون قبل الأوان، ويثقل على كاهلهم حملاً أثقل من أوزانهم وأطول من أطوالهم، وأقسي من خبراتهم، وأقدم من أعمارهم.
يستمر العقوق عندما يساورهم الشك فى أنهم أبناء مماليك، بلا جذور ولا أصل، لا يجدون لدى آبائهم ما يفتخرون به، بل لا يجدون آباءهم أنفسهم، وعندما يدركون مبكراً وخطأً أن عليهم أن يدوروا مع "المصلحة"، وأن يتعاملوا مع كل شئ على أنه " شئ " كما فقدوا كل شئ، وكما تحولوا هم أنفسهم إلى مجرد " أشياء " يلقى بها من شبابيك الأسرة، وتلفظ من الأحضان، فلا تعرف معنى الدفء ولا ملمسه.
ويستمر العقوق ولا ينتهي عندما يشعرون بالقهر، وقلة الحيلة، وضياع الأمل فى أن يعيشوا حياة عادية طبيعية كأصدقائهم، وأقاربهم، وجيرانهم، ممن هم فى مثل أعمارهم بين أبيهم وأمهم، من غير أن يتوارى الواحد منهم خجلاً عندما يسأله صديقه عن أبيه، ومن غير أن تختبئ الواحدة منهن وراء دموعها عندما ترى صديقتها ابنة الجيران تركب سيارة أسرتها مع أبيها وأمها للنزهة أو المصيف..إلخ.
ومسلسل العقوق هكذا يدور دورته فيحجبهم عن دخول مدرسة الحب الأولى بين من أنجبوهم، بل يفرض عليهم أن يروا ذلك بين أمهم ورجل آخر هو زوجها وليس أبيهم، ويرون أبيهم مع امرأة أخرى هى زوجته وليست أمهم، يشاهدون ما يمكن تسميته ب" الحب" بين هؤلاء، تماما كما يشاهدون الأفلام والمسلسلات، مجرد غرباء على شاشة، غرباء مع أجزاء منهم مبعثرة على شاشة مؤذية لبصرهم وبصيرتهم، فيتعلمون باختصار فرضية التواصل مع القهر، والرضي بالفقد، أو يتعلمون الغضب، والتمرد، وفى كل الأحوال تتزلزل الأرض من تحت أقدامهم، وقد تزلزلت من قبل مرات ومرات.
العقوق يستمر أيضاً حينما يتحولون إلى فئة من الأطفال تسمي " شياكةً " أطفال الرعاية المشتركة، بينما يجدون أنفسهم أطفال " البهدلة " المشتركة، وأن اسمهم الحقيقي قد أصبح أبناء الطلاق .
ويستمر.. ويستمر.. العقوق عندما يتعلم الأبناء أنه باستطاعتهم عندما يكبرون، وبسهولة، إراقة دماء المواثيق الغليظة، وتضييع الأنفس اللصيقة، يتعلمون أنه لا بأس من ممارسة أكبر الآثام، لا بأس من ال " التضييع " الذى اكتووا بناره، وعانوا حرّه، وتربوا عليه.
ضريبة العقوق
سألنى ابنى ذات يوم، أين غرفتي، وأين أصحابي، وأين بيتي والعنوان؟
ألم يكن هذا المسكن هو الحلم الذى كنتم تجمعون لأجله من غربتكم الأموال، ما معنى أن أصبح أنا وإخوتى من بعد بلا عنوان؟
لم يمل علىّ العقوق إجابة سوي: ستصبحون بخير.. سيصير كل شئ على مايرام، ولن تمكث إن شاء الله طويلاً بلا عنوان، فعاجلنى بسؤال ثان: ماما فى الصين ينجبون طفلاً واحداً يرعاه على الأقل سبعة أفراد، وأنا وإخوتى ثلاثة، فكيف لا يرعانا سواك؟!
أجبته بطمئنة أن الله كبير، يرعانا جميعاً، وهذا ما لا يستطيع فعله السبعة أفراد، ولا أى عدد من الناس، وأخفيت بينى وبين نفسي إجابة أعرفها ولا أستطيع البوح له بها وهى أن هذه يا ولدى ضريبة العقوق!
نعم أعترف أنني عققت أبنائي منذ 15 عاماً، في الأسبوع الثاني من شهر مارس، وهكذا يحتفل الناس كل عام بيوم زواجهم، واحتفل أنا بيوم عقوقي!
ولهذا قالوا عنى مجنونة، وأنه كان علىّ أن أتوقف وأكتفي بإبن واحد أبثه أحزان عقوقى، لكننى كنت أقول أنني ضممت ابنتين أخرتين بالفعل إلى القائمة ولم يكن قصدى أبداً تكثير" القتلى فى المشرحة"، وإنما قصدتهم " ثلاثة " كمتتالية القاعدة الموسيقية المعروفة( 2- 5 -1 ) التي تقول أنه عند عزف النغمة الثانية ثم الخامسة ثم الأولى من أى سلم موسيقى فإن اللحن يأتى جميلاً، متناغماً، أما إذا عزفت النغمتين الثانية والخامسة فقط، فإن اللحن يأتى ناقصاُ، نشازاً، مبتوراً !
وهكذا قصدتهم " ثلاثة " كى أصنع من نغمهم الجميل معاً، لحناً فرحاً يعلو على كل ألحان النشاز المذكورة أعلاه.. لحناً يمحو عقوقى .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.