تابعت أمس أغلب الصحف الرئيسية في بعض البلدان العربية، واكتشفت أن خبر سحب سفراء السعودية والإمارات والبحرين من قطر قد احتل العناوين الرئيسية فى الصفحات الأولى، إن لم يكن قد احتل المانشيت الرئيسي للصحيفة، وقد تمت صياغة أغلب التقارير عن الواقعة بشكل فيه سعادة ولا يخلو من شماتة، خاصة فى البلدان التى تتضرر مما سمى بتدخلات قطر، مثل القاهرة ولبنان وسورية وبعض البلدان الخليجية، بعد أن تنتهي من قراءة التقارير والمقالات أو التحليلات المقدمة في هذه الصحف، بالتأكيد ستقف أمام عدة أسئلة، منها: هل حكام قطر(تميم ومن قبله حمد) هم الذين يديرون السياسة الخارجية الخاصة بالبلدان العربية أم أنهم مجرد نافذة وأداة للإدارة الأمريكية؟، وهل الأموال الطائلة من عائدات النفط والغاز هي التي شجعت حكام قطر على البحث عن دور بين البلدان العربية الكبرى؟، هل حكام قطر يمارسون الديمقراطية والحرية في مدن جيرانهم؟. الإجابة في معظم هذه الصحف على اختلاف جنسيتها ب: نعم، قطر مجرد أداة لتنفيذ أجندة أمريكية في المنطقة، وأن الإدارة الأمريكية تفكك في أنظمة الحكم وتقسم البلدان بأموال وإعلام ووزراء وأمراء قطر، وقد بدأت الإدارة الأمريكية تنفيذ مخططها منذ سنوات مع إنشاء قناة قطر، حيث لعبت هذه القناة دورا خطيرا في خلخلة الأنظمة العربية، كما أنها ساهمت بشكل كبير في ثورات البلدان العربية. الانطباع الحقيقي الذي تخرج به من هذه التقارير، التي تعبر في مجملها عن السياسات الرسمية للحكام، أقرب لإحساسك بالهزيمة، صحيح الصياغات لا تخلو من شماتة ومن تحريض ضد حكام قطر، لكنه في نهاية تحريض المهزوم أو قليل الحيلة، حيث تكتشف أن قناة فضائية زرعت الرعب فى قلوب بعض الحكام، لهذا كان المطلب الرئيسي فى هذه التقارير هو إغلاق قناة الجزيرة أو عدم تدخلها فى الشأن الداخلي للبلدان العربية، وهذا المطلب في حد ذاته يعد اعترافا بالهزيمة، ويؤكد أن هذه الأنظمة لا تفكر في إتاحة مساحة من الحرية لشعوبها، وأنها لا تنوى توفير مناخ ديمقراطي يسمح بالتعددية لا لشعوبها ولا لوسائل إعلامها. العلاقات المصرية القطرية على سبيل المثال خلال حكم الرئيس مبارك شابها الكثير من التوتر والخلاف الذي وصل إلى حد القطيعة في بعض الفترات بسبب قناة الجزيرة، وقد تدخلت المملكة العربية السعودية أكثر من مرة للمصالحة بين البلدين، حيث كانت هناك ومازالت في مصر اتهامات لقطر من خلال الجزيرة بالتدخل فى الشأن المصري وإثارة القلاقل ضد النظام الحاكم. السؤال الذي يجب أن نصل إليه: هل من حق الإعلام نقل الصور والروايات غير الرسمية للبلدان الأخرى أم أن هذا يعد تدخلا في شأن هذه البلدان؟، هل من حق القنوات الفضائية أن تتبنى رؤية سياسية مخالفة أو مضادة لبعض الأنظمة أم أن هذا يعد تحريضا ضدها؟.