خلال الأشهر القليلة الماضية وحتى الآن، يتعرض العاملون بالحقل الصحفى سواء صحفيين أو مصورين لانتهاكات أثناء تغطيتهم الفعاليات الاحتجاجية وأعمال العنف التى تقع فى أنحاء البلاد. صحيح أن الجماعة الصحفية تتعرض للاعتقال والاصابة بل والقتل منذ اندلاع ثورة الخامس والعشرين من يناير، إلا أن معدلات انتهاك حقوق وحياة الصحفيين زادت فى الأونة الأخيرة بشكل يفوق أى فترات مضت. وتفيد تقارير لمنظمات محلية ودولية بتدهور الأوضاع الخاصة بعمل الصحفيين، ومنها تقرير لجنة حماية الصحفيين الأمريكية، الذى وصف ما يتعرض له العاملون فى الحقل الصحفى بالاضطهاد، فيما رصد مركز دعم لتقنية المعلومات 63 انتهاكاً في حق صحفيين منها 6حالات قتل و34 إصابة و23حالة اختفاء واعتقال فى الفترة من 14 أغسطس حتى 7سبتمبر الماضى أى خلال 23 يوماً فقط.. كما أصدرت الشبكة العربية لحقوق الإنسان تقريرًا رصدت خلاله 112حالة انتهاك في حق صحفيين في الفترة من 26 يوليو حتى 26 أغسطس 2013، وفى نشرة لها أكدت منظمة «مراسلون بلا حدود» أن حصيلة قتلى ومصابى الصحافة فى فترة اعتصام رابعة وفضه تعد الأثقل في تاريخ مصر المعاصر، لتزيد فى وصف يوم الفض ب«يوم مشؤوم بالنسبة للصحفيين». وفى هذا الصدد يبرز التقرير السنوى لحملة «الشارة» الدولية لحماية الصحفيين، والذى أكد أن مصر تحتل المرتبة السابعة في قائمة الدول الأكثر خطورة للعمل الصحفي، والرابعة عربيا بعد سوريا والعراق والصومال خلال العام 2013. ومقابل كل الانتهاكات التى يتعرض لها الصحفيون، تتجه الأنظار إلى نقابة الصحفيين ودورها فى حماية أعضائها وكذلك غير المنتسبين لها من المخاطر المحدقة بهم. وكان الحديث عن دور النقابة خلال الفترة الأخيرة يحمل شداً وجذباً، فالبعض يراها صامتة أمام الانتهاكات التى يتعرض لها أبناؤها، فيما يقر آخرون بانها تؤدى ما عليهاعلى أكمل وجه فى هذا الشأن، وهناك من يعتبرها ضمن باقى المؤسسات التى تراجعت عن أداء واجبها منشغلة بمتابعة ما تصفه الدولة بالحرب ضد الإرهاب. وأمام ذلك كله أعلنت عبير السعدى عضو مجلس نقابة الصحفيين تجميد عضويتها بمجلس النقابة، عبر صفحتها على موقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك»، مؤكدة تعرض أبناء المهنة لانتهاكات متصاعدة خلال الفترة الأخيرة، والتي انعكست آثارها السلبية علي أجواء العمل الصحفي فى مختلف المواقع، وشكلت نوعا من الترويع والترهيب للجماعة الصحفية، وأشارت إلى العصف بالضمانات الدستورية والقانونية المقررة دون عقاب مرتكبى هذا المسلسل الدموى البغيض بحسب وصفها. وقالت «السعدى» إن كل الانتهاكات التى تقع لم تدفع النقابة للتحرك الجماعى من أجل تطويقها ومحاسبة المسئولين عن قتل الصحفيين وتهديد حياتهم وسلامتهم، معتبرة ذلك صدمة ألمت بجموع العاملين بالمهنة، وتساءلت: «كيف يتسنى للنقابة العريقة والحصن الأول للحريات التى تصدت لكل طغيان فى مختلف العهود أن تؤول إلى هذا الموات النقابي غير المبرر، وكيف تقنع بدور رجل إسعاف قليل الحيلة وأن لا تجد ما تتباهى به سوى أنها تقوم بتشييع جثامين الزملاء الى مثواهم الأخير، أو أنها تجرى الاتصالات لاطلاق سراح المحتجزين منهم وتقدم الاعتذارات اللازمة لذوى الشأن من المسؤولين؟». وقررت مقاطعة أعمال مجلس النقابة، داعية الجمعية العمومية للصحفيين إلى اليقظة للنتائج الكارثية المترتبة على الصمت إزاء الانتهاكات التى يتعرض لها أبناء المهنة.. فيما التزم أعضاء مجلس نقابة الصحفيين الصمت، ولم يخرج أحدهم للتعليق سوى نقيب الصحفيين الدكتور ضياء رشوان الذى أكد، فى أحد البرامج التليفزيونية، أن مجلس النقابة لن يقبل استقالة أحد من أعضائه دون التقدم بها رسمياً لمجلس النقابة «وفي هذه الحالة سيتم النظر إليها من قبل اللجنة والحكم فيها بالقبول أو الرفض» بحسب قوله. من جانبه قال الدكتور صفوت العالم الاستاذ بكلية الإعلام جامعة القاهرة، إن الفترة الأخيرة شهدت غياب نقابة الصحفيين عن اتخاذ مواقف حاسمة تجاه الانتهاكات التى يتعرض لها أعضاؤها على اختلاف انتماءاتهم السياسية. وأضاف «العالم» فى تصريح ل«الوفد»: «لقد اعتدنا من النقابة خلال الفترات السابقة الدفاع عن الصحفيين والقيام بدور فاعل لنيل حقوقهم وحمايتهم وهو ما يجب العودة إليه مرة أخرى. وحول ما يتوجب على النقابة اتخاذه أكد استاذ الإعلام أن أعضاءها يعرفون حقوقهم على نقابتهم وما يجب عليها فعله بالنظر إلى تاريخها الطويل فى الدفاع عن الحريات. ورفض الكاتب الصحفى صلاح عيسى رئيس تحرير جريدة القاهرة، التعليق على تجميد عضوية «السعدى» ودور النقابة فى حماية الصحفيين، مشيراً إلى عدم القدرة على إبداء رأى فى ظل غياب وجهة نظر مجلس نقابة الصحفيين.