عضو مجلس النقابة: لست قادرة على الإستمرار في مهزلة ترفع شعار حماية الصحفيين.. والعمل النقابي ليس مجرد تسديد خانات أو إبراء ذمة أعلنت عبير سعدي، عضو مجلس نقابة الصحفيين، مقاطعة أعمال مجلس النقابة إلى أن يعترف بتقصيره ويقدر مسؤوليته بتغيير المنهج الشكلي في التعامل مع أوضاع المهنة والتحديات المفروضة عليها. وقالت عبير سعدي في بيان وجهته لأعضاء الجمعية العمومية، صباح اليوم، الأحد: «أشهدكم أنني فاض بي الكيل و تحملت ما لا يمكن تحمله لإبقاء ذلك الخلاف داخل جدران المجلس، وأؤكد لكم أنه لا توجد ثمة خلافات شخصية تشوب علاقتي بالنقيب أو أعضاء المجلس التى يسودها الود و الإحترام، لكن ضميري غير مستريح ولا أرغب في أن أخدع أحدا ممن منحونى ثقتهم أو لم يمنحوها، فالخلل قائم وحقيقى والسكوت عليه جريمة بالمشاركة أو التواطؤ». وتابعت في بيانها: «تابعت ومعي قطاعات واسعة من أبناء المهنة الإنتهاكات المتصاعدة لحرية الصحافة وحقوق الصحفيين خلال الفترة الأخيرة، والتي انعكست آثارها السلبية علي أجواء العمل الصحفي فى مختلف المواقع، وشكلت نوعا من الترويع والترهيب للجماعة الصحفية، وعصفا بالضمانات الدستورية والقانونية المقررة لمهنتنا النبيلة، ويكفى أن نتذكر فى هذا المقام أننا فقدنا أرواح ثمانية من زملائنا في أقل من خمسة أشهر، وأن مرتكبى هذا المسلسل الدموى البغيض لا يزالون مطلقى السراح، وأن جهات التحقيق لا تزال تتوانى عن ملاحقتهم وتقديمهم الى العدالة، يكفى أن نحصى الإصابات التى لحقت بعشرات آخرين لا ذنب لهم سوى القيام بواجبهم المهنى، وأن نسترجع وقائع الإعتقال والإحتجاز غير القانوني وتلفيق التهم والتعدي بالضرب والإهانة و تحطيم المعدات و الكاميرات بهدف التعتيم على الأحداث وحرمان الرأي العام من حقه الثابت فى المعلومات والمعرفة». وأضافت عبير سعدت: «توجت هذه الإنتهاكات بتوجيه اتهامات قضائية وإصدار قرارات إحالة إلي محاكم الجنايات لكبار الصحفيين المشهود لهم بالنزاهة والمهنية، والمثال الأبرز علي ذلك إحالة الكاتبة الصحفية تهاني إبراهيم مع الزميلين مجدي سرحان رئيس تحرير الوفد ووجدي نور الدين مدير التحرير، الى المحكمة بتهمتي السب والقذف وإهانة القضاء بعد مقال حثت فيه وزير العدل، الذي خلع وشاح القضاء بالفعل بتوليه منصبا تنفيذيا، على الرد علي ما ذكره رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات بشأن تلقى الوزير مكافآت مبالغ فيها اعترف بتلقيها فيما بعد». وأوضحت عضو مجلس نقابة الصحفيين، أن هذه الإنتهاكات والممارسات تشكل ظاهرة صادمة وغير مسبوقة فى سجل العمل الصحفى، إلا أنها مع ذلك لم تكن كافية لإشعار المؤسسة النقابية بالخطر، ولم تدفعها للتحرك الجماعى من أجل تطويقها ومحاسبة المسئولين عن قتل الصحفيين وتهديد حياتهم وسلامتهم، موضحة أن ذلك كان بمثابة صدمة أخرى لها وللعديد من أبناء المهنة. وتساءلت: «كيف يتسنى للنقابة العريقة والحصن الأول للحريات التى تصدت لكل طغيان فى مختلف العهود أن تؤول الى هذا الموات النقابي غير المبرر؟، وكيف تقنع بدور رجل إسعاف قليل الحيلة وأن لا تجد ما تتباهى به سوى أنها تقوم بتشييع جثامين الزملاء الى مثواهم الأخير، أو أنها تجرى الإتصالات لإطلاق سراح المحتجزين منهم وتقدم الإعتذارات اللازمة لذوى الشأن من المسؤولين». وأضاف البيان: «في ظل هذه الأجواء والتحولات التى تنذر بعواقب وخيمة، آليت على نفسى إلا أن أدق ناقوس الخطر لتنبيه الغافلين سواء كانوا فى قمة الهرم النقابى أو فى قاعدته، ومن هذا المنطلق شاركت في الإجتماع الأخير لمجلس النقابة، حيث أثرت فيه كل شجون وهموم الجماعة الصحفية إزاء تلك الإنتهاكات والممارسات المسكوت عنها، وأكدت للنقيب وزملائى أن التاريخ لن يرحمنا إذا ما استمر الصمت على مايجرى، وإذا ما استمر انتهاك كرامة المهنة وفرض الترويع علي أبنائها على مرأى ومشهد من الجميع حتي أصبحنا المكان الأخطر للصحفيين وفق التصنيفات العالمية». وأوضحت «سعدي» أنه من المؤسف أن يتواجد من يدافع عن الأداء الباهت و الصوري لمجلس النقابة إزاء هذه الانتهاكات، وأن يعتمد فى ذلك على تفريغ النقاش من مضمونه أو شخصنته واتهامها بالمزايدة، رغم أنها حاولت علي مدي الشهور الماضية إصلاح الأمر من داخل المجلس دون جدوى، وأصرت علي أن يتحمل المجلس مسئوليته التى اختارها لنفسه ونال على أساسها ثقة الجمعية العمومية –بحسب تعبيرها-. وأضافت: «قلت مرارا أن الأفضل لمن يعجز أو يقصّر فى أداء هذه المسئولية هو أن يخلى مكانه للقادرين على تحملها، فالعمل النقابى ليس مجرد تسديد خانات أو إبراء زمة أو تعاطف فردى مع محنة زميل أو زميلة ، فكل ذلك على المستوى الفردى يمكن قبوله أو تفهمه ، لكنه فى كل الأحوال لا يعبر عن الوزن المهنى والأدبي والتاريخى لنقابة بحجم نقابة الصحفيين». واستكمل البيان: «الزملاء والزميلات.. لست قادرة على الإستمرار في مهزلة ترفع شعار حماية الصحفيين، في الوقت الذي لا نستطيع فيه تأمين الحد الأدنى اللائق بكرامة الصحفيين وسمو مهنتهم، كما أننى لا أقبل الدفاع عن أداء باهت فى غياب تحرك نقابي منظم وقوي يتناسب مع الخطر المحدق بالمهنة و ممارسيها». واختتمت قائلة: «إن قرارى بمقاطعة أعمال مجلس النقابة لا يشكل بحال انسحابا من ساحة العمل النقابى التى تحفل بمئات الشرفاء والغيورين على المهنة، ولن أتخلى ما حييت عن جهد المُقل الذى أقوم به في نجدة زملائي و زميلاتي، على الرغم من الفارق النوعى بين هذا الجهد وبين الدور المؤسسي الذي ينبغي أن يقوم به المجلس في ظل ما نمر به من ظروف، كما أننى اعتبر قراري بمثابة دعوة للجمعية العمومية لليقظة والإنتباه إلي النتائج الكارثية التي يمكن أن تترتب علي السكوت فى مواجهة الهجمة على أمن و سلامة و كرامة الصحفيين وضمانات ممارستهم لعملهم، ومن جانبي أتعهد بالإلتحاق بأي تحرك نقابي مسؤول أو أي مبادرة من شأنها الدفاع عن حقوق الصحفيين ومواجهة التحديات الجسام التى تقف فى طريق المهنة و ممارسيها».