الذكريات هى العطر المتبقى من الإنسان. فبين عشية وضحاها قد يرحل الإنسان ويختفى ويترك خلفه مئات الذكريات التى تملأ عقلك وقلبك، يختفى فجأة دون سابق إنذار، وهذا دأب الموت دائماً يأتى على حين غفلة دون أن يفرق بين كبير أو صغير، أما الفنان فيظل باقياً فى أعماق كل واحد فينا متذكراً عملاً جميلاً له، وهذا هو جمال إسماعيل فأعماله التى أمتعتنا بها العديد من الحكايات مع المبدعين، دعونا معهم نتعطر بعبق الذكريات. مجدى أبوعميرة: مثال للالتزام والصدق والإخلاص المخرج مجدى أبوعميرة، واحد ممن تربطهم علاقة صداقة قوية بالفنان بعيداً عن علاقة العمل، وقدما معاً أكثر من 10 أعمال من أبرز الأدوار التى شارك فيها إسماعيل، عن ذكرياتهما قال: جمال إسماعيل هو ذكرى زمن الفن الجميل، فهو مثال للالتزام والصدق والإخلاص، هو درس حقيقى فى العمل الفنى، فهو الأبرز فى الوسط الفنى فى الالتزام بالمواعيد قدمت معه مجموعة من الأعمال كان أبرزها «المال والبنون» و«السيرة الهلالية» و«حارة المحروسة» و«الضوء الشارد» وفى أجمل أدواره فى «عم غزال» و«قلب ميت» الذى حصل عنه على جائزة أفضل ممثل، والقاصرات الذى جسد فيه دور شديد الطيبة، فجمال شخصية محبوبة جداً من قلب الوسط الفنى يحفظ دوره وكأنها شخصيته الحقيقية، يقف أمام الكاميرا وكأنه يقف فى منزله أمام أبنائه تلتمس منه الطيبة وتشعر بأنه واحد من أسرتك، للأسف فقدنا قيمة كبيرة، فى كل عمل كان يشاركنى إياه كنت أشعر بأن دوره يناديه ففى مسلسل «الضوء الشارد» العمل جمع عدداً كبيراً من الفنانين كبار السن ولكن دور عم غزال الميكانيكى فرض نفسه على الورق قبل تعاقده عليه، فهو مختلف عن غيره فى الملامح الشخصية يبدو عليه الطيبة وليست الرفاهية حتى فى لونه يبدو كشخص جالس دائماً فى الشمس، أما فى المواصفات الإنسانية فدوره لرجل يتعرض لأزمة عندما يتوفى زوج ابنته ويواجه الصعيد ومطبات كثيرة وكأن الشخصية كانت مكتوبة له، وفى شخصية الجناينى فى مسلسل «القاصرات» وهو آخر أعماله كان يجسد دور كاتم أسرار صلاح السعدنى وفى الوقت نفسه جسد الشخصية ببراعة يجمع بين الطيبة والحنان فهو يسقى الزرع ويشتغل وفى الوقت نفسه يرفض ما يحكى له، رحمه الله فهو ممثل قدير والدليل أنه كان منتشراً، رغم وجود ندرة فى أدوار هذا الجيل لكنه كان من أبرز الفنانين الذين يأتون فى مخيلتك وقت قراءة السيناريو ولا يمكن أن تتصور أحداً بدلاً منه. محسنة توفيق: ذكريات جميلة بحزن شديد سردت الفنانة الكبيرة محسنة توفيق ذكرياتها مع الراحل، وقالت: يساورنى الحزن أن المرض منعنى من حضور عزائه وتقبل العزاء فيه، فربطتنا علاقات إنسانية جميلة، فهو زميل عمرى وعلى مدى حياتى الفنية زاملته فى أكثر من عمل سينمائى، وذكرياتى معه بدأت فى المسرح فى الإسكندرية وقدمنا معاً مسرحيات كثيرة كانت تربطنا العشرة الطيبة وكنا نجتمع معاً فى أكثر من عمل، أما فى مسلسل «ليالى الحلمية»، فكانت أبرز أعمالنا حيث جسد دور والدى لمدة خمس سنوات فى خمسة أجزاء جسدنا الدور بحميمية وعشنا معاً أجمل أيامنا، فكل من شارك فى الحلمية كان يعرف قيمة هذه المشاركة ذلك أن مسلسل ليالى الحلمية كل من عمل به دخل التاريخ فكنا جزءاً من حكاية مصر فى هذه المرحلة لأنها تحكى عن مرحلة عاشها شعب مصر وأهميتها، عاشرنا بعضاً ساعات طويلة وهو أكثر من جلست معه فى الكواليس. هالة فاخر: كان نموذجاً للأب الحنون الفنانة هالة فاخر جمعتها أيضاً ذكريات مع الراحل، حيث جسد دور والدها فى العديد من الأعمال، وقالت: عم جمال إسماعيل كان البهجة الحقيقية فى كل مواقع التصوير الذى يعمل فيها ويحتضن الجميع، وأتذكر تقديمنا عملاً فى مسرحية «تتجوزينى يا عسل» وقتها أصبت بدور برد كان يمنعنى من الكلام أتذكر أنه ظل بجوارى وأعطانى الشاى بالليمون حتى استجمعت قواى، فكان نموذجاً للخلق الطيب، ورغم أنه كان يجسد دور الأب فى المسرحية إلا أنه كان أباً فى الحقيقة، فله بصمة ملحوظة فى الفن، حتى الدور الذى قدمه فى أفلامه مثل فيلم «تيتو» مع أحمد السقا كان أباً وله بصماته، ومميزاً فى كل دور يقدمه، ومن الصعب أن يتكرر مرة أخرى. سميرة عبدالعزيز: به صفات تجبرك على احترامه الفنانة سميرة عبدالعزيز رافقته فى مشوار عمره بدور الزوجة فى معظم الأعمال، قالت: خلال تعاملى معه كان رجلاً خلوقاً، ومحباً للفن ومتفانياً فيه ورجلاً من زمن الفن الجميل لن يتكرر، اجتمعنا فى أعمال كثيرة وكنا نجتمع معاً فى قراءة الدور الجيد قبل تشغيل الكاميرا فهو رجل لن يتكرر، قدمنا معاً آخر أعماله «القاصرات» و«قلب ميت» وكان زوجى الفنى أيضاً، كان رائعاً والعمل معه مريح وهناك تفاهم بينى وبينه وتألمت جداً بخبر رحيله فتذكرت مشوارنا الفنى الطويل ، كان رائعاً فى كل أدواره، وحصل على جوائز عنها لأنه فنان متميز منذ بدايته ف فى مسرحية «سيدتى الجميلة»، كان رائعاً وقدم عملاً كوميدياً بمنتهى البراعة، وكل صورة قدمها فى التليفزيون كان شيئاً محترماً، وهو من الفنانين المحترمين الذين يقدسون العمل، فلم أشعر فى مرة بالزهق من العمل معه ودائماً أسعد عندما أجد أنه يشاركنى أى عمل إنسان محترم ويحترم العمل ولا يأخذ الفن مهنة يكسب منها، لكن فيه كل الصفات التى تجبرك على الوقوف أمام فنان يحترم فنه مثلما يحترم نفسه. مجدى صابر: مهدور حقه فى النجومية علاقة صداقة قوية كانت تربط الكاتب مجدى صابر بالراحل جمال إسماعيل، وقال: قدم معى أكثر من عمل، وكانت تربطنى به علاقة إنسانية جميلة كنت أعتبره من الفنانين الكبار الذين أهدرت حقوقهم، قدمت معه أول أعماله «حارة المحروسة» فكان نموذجاً للأب الطيب والخلوق ومن مهنته البسيطة تخرج على يده دكتور وممثل، وللأسف هو من ينطبق عليه أن الفيديو ظلمه، وقدمت معه 5 أعمال ومات قبل استكماله مسلسل «الدم». وأضاف «صابر» أثناء كتابتى للسيناريو لا أرى ممثلاً أفصل له عملاً ولكن فى كل مرة بعد نهاية معه لا أرى أحداً غيره فى الدور، فهو نموذج الأب المصرى المكافح، وكنت أرى فيه أصالة الزمان، وللأسف المخرجون لم يفكروا فى تقديمه فى شخصية شريرة على عكس طبيعته الهادئة.