احتفلت الكاتبة منى عبد الكريم بصدور مجموعتها القصصية الأولى "حكاية الحكاية" الصادرة عن دار "النسيم" للنشر والتوزيع بالقاهرة. يضم الكتاب ثلاثين قصة قصيرة تدور جميعها عن عالم الحكايات الذى تتخذ منه الكاتبة مسرحا أساسيا ينطلق منه جميع أبطالها. تقول الكاتبة فى المفتتح الذى عنونته ب "قبل الحكاية": "بدأت أشك أن الحكاية تهدينا القصص بطريقة إما الآن أو لا للأبد، وأعتقد أن كل القصص الهاربة تم إهداؤها لمبدعين آخرين منهم من تركها تفر مثلي ومنهم من اقتنصها، وكم من مرة قرأت قصصا زارتني من قبل وهي تحمل أسماء مبدعين آخرين، وكم من مرة قرأت قصتي الشخصية في روايات عدة. إنها الحكاية تداعبنا جميعا، إنها شهرزاد الحقيقية والأنثى الخالدة، وما شهرزاد إلا اسم من بنات أفكار "الحكاية الأم" لتبث إلى العالم ألف ليلة وليلة، ولتقهر غرور شهريار.. الرجل بكل جبروته وساديته المتمثلة في مسرور الدموي.. فسقط شهريار صريعا في هوى الحكاية التي جسدتها شهرزاد". وتقدم المؤلفة الحكاية في شكل جديد، باعتبارها المنبع لكل القصص والروايات، وتجسد الرواية في شكل الأنثى الخالدة التي تشبه الأم في العطاء فتفيض على المبدعين من نورها أينما شاءت وكيفما شاءت، وهنا تصبح شهرزاد ذاتها انعكاسا للحكاية الأم، وعبر عدد من النصوص تستعرض المؤلفة المصادر المختلفة التي تعلن فيها الحكاية عن ذاتها ومن بينها "البخت"، "الكوابيس تكره النور"، "سارقو الأحلام"، "الراوي" تنتقل الكاتبة بعد ذلك للحديث بمزيد من العمق عن تفاصيلها الإنسانية التي تعكس كثيرا من مفرداتها الأنثوية في مجتمع شرقي يتهم المرأة في كثير من الأحيان بتهمة التفكير والاستقلال بل ويعاقبها أحيانا على ذلك، وعن الأحاسيس الإنسانية التي تنتابها سلبا وإيجابا. تقول في قصة "رسائل غير معلنة": "كلهم يريدونني جزءا من الموسيقى الخلفية لأشعارهم، يريدونني لونا يكمل اللوحة الباهتة في أيامهم، أقرأ اسمي في أحلامهم غير المعلنة وفي أيام لم تفتح أمامنا طريقا آخر سوى الأحلام. يجدون في امرأتي غير المختارة كل النساء، كل النغمات غير المعزوفة في آلة الرتابة. وأظل أنا العرافة التي تفتح أمامهم طريق الأمل الهارب سلفا والمغزول شالا ذهبيا بمغزلي وأناملي الدامية لونا اشتاقوا إليه كثيرا.. لون الحياة". كما تشير الكاتبة لكثير من الروافد التي ساعدت في تشكيل ذاقتها الأدبية والفنية، وهو ما يتضح من خلال عدة قصص من بينها "اعترافات عيد الميلاد" ، "مفتاح جديد لعالم الحواديت"، و"صباح بلون النعناع". ومن الحديث الذي يشبه في كثير من الأحيان المونولوج أو الفضفضة، تنتقل الكاتبة إلى علاقتها بالآخر الذي يظهر أحيانا في شكل حبيب أو صديق أو حتى عابر سبيل، في كثير من القصص التي استقتها من أشخاص مروا بحياتها مازجة بين الواقع والخيال. وتختتم المجموعة بالحكاية التي تشغل تفكيرها وتسيطر على تفكيرها مرة آخرى فتقول: "الحكاية أنا وأنا الحكاية، كلنا الحكاية ولا أحد منا يعرفها فعلا حق المعرفة، تقطننا، تعبث بنا وتهدننا، تمنحنا كل الخيوط وتفر من بين أصابعنا، نبكي ونضحك حين تنتهي الحكاية، ولكنها أبدا لا تنتهي، إنها تمنحنا بعض الأقاصيص التي ما إن تنتهي حتى تبدأ من جديد. الحكاية تتنفس وتنبض وتعيش في تفاصيلنا، توهمنا أننا نتحكم بها وأننا أبطالها، ولكنها هي البطل والراوي والبداية والنهاية، تحاورنا حين ترغب، وتتركنا نلهث وراءها، وتجيد لعبة الاختباء جيدا، الحكاية متفائلة ويائسة، مكتئبة ومبهجة، إنها أصل الأشياء، كل الكتب بدأت بحكاية، وكل القصص أبناء الحكي والحكاية". يذكر أن دار "النسيم" للنشر يديرها الشاعر أشرف عويس، والإشراف الفنى والغلاف للفنانة التشكيلية هند سمير.