لم يكف مشايخ الطرق الصوفية طوال الأسابيع الماضية عن انتقاد لجنة الخمسين المكلفة بتعديل الدستور المعطل. ولم يشمل انتقاد الصوفية ل «الخمسين» أعمالها بل تلخص في تجاهل تمثيل اتباع التصوف بتشكيل اللجنة ما يعني بطلانها بحسب وصفهم، ومن ثم برزت الكثير من دعوات الدراويش لرفض مريديهم مسودة الدستور حال طرحها الاستفتاء. ولكن مع انتهاء اللجنة من أعمالها وتسليم المسودة النهائية إلي رئيس الجمهورية المؤقت عدلي منصور، للتصديق عليها، تبدل الموقف الصوفي ليبدأ كثير من المشايخ في إعلان تأييدهم الكامل لها وبدء حملات دعائية صوفية للتصويت ب «نعم» خلال الاستفتاء. مشايخ التصوف أرجعوا موقفهم المتغير إلي الرغبة في تحقيق الاستقرار للمجتمع الذي يعاني علي مدار ثلاث سنوات من الفوضي، مؤكدين أن لجنة الخمسين رغم خلوها من تمثيل لهم لكنها أفرزت مسودة جديرة بالتأييد. ولم يكتف المشايخ بإعلان التأييد فقط، بل أكدوا في تصريحاتهم ل«الوفد» بدء تدشين حملات صوفية تعريف المريدين بمواد الدستور النهائية، تتضمن عقد ندوات ومؤتمرات بخلاف التوعية داخل الموالد المقامة في الوقت الحالي علي مستوي جميع المحافظات. وقال الشيخ علاء أبوالعزائم شيخ الطريقة العزمية ورئيس منظمة التصوف العالمي، إن المتصوفة يسعون إلي إقرار الاستقرار داخل المجتمع ما دعاهم إلي تأييد مسودة الدستور رغم استنكارهم لتجاهل تمثيلهم بلجنة الخمسين. واعتبر «أبوالعزائم» التصويت بنعم لمسودة الدستور المعدل بمثابة تحقيق لجزء من أهداف الثورة، التي راح ضحيتها المئات من شباب مصر. وأضاف: «يجب أن يري العالم أن المصريين يكللون مجهودهم الثوري طوال الثلاث سنوات الماضية غير عبر تأييد الوثيقة الدسترية التي تحدد معالم الفترة المقبلة». وقال مصطفي زايد، منسق الائتلاف العام للطرق الصوفية: إن الطرق الصوفية اعترضت في وقت سابق علي تشكيل «الخمسين» وأعلنت رفضها التهميش، وأردف: «ولكن عندما قرأنا المسودة النهائية للجنة اقتنعنا بأنه يحمي حقوق الصوفيين وكل الأقليات في مصر ما دفعنا لتعديل موقفنا». ولم يتوقف الأمر عند حد إعلان التأييد بالنسبة ل«زايد» فأكد انه بصدد تدشين حملة دعائية لحث المواطنين علي التصويت ب«نعم» لمسودة الدستور، بمشاركة قيادات وفية، خاصة في الموالد التي تقام حاليا في محافظات عدة. وأردف: «بمقارنة دستور 2013 بدستور 2012 نجد أن الأول يعبر عن كل المصريين بخلاف الثاني الذي كان معبراً عن أفكار جماعة الإخوان المسلمين فقط». وقال الشيخ عبدالخالق الشبراوي شيخ الطريقة الشبراوية وعضو جبهة الإصلاح الصوفي، إن هناك شبه إجماع داخل البيت الصوفي لقبول المسودة حال طرحه الاستفتاء. وأضاف «الشبراوي» أن مشايخ التصوف بصدد عقد مؤتمرات وندوات لتعريف مريديهم بالدستور واقناعهم بقبوله، بغية إعادة الاستقرار لشارع المصري بدلا من حالة الفوضي التي تعم البلاد. وأوضح الدكتور عبدالهادي القصبي، شيخ مشايخ الطرق الصوفية المعزول بموجب حكم قضائي، أن دستور 2013 يعبر عن الحراك الثوري بغض النظر عن تمثيل الصوفية داخله من عدمه. وعدد «القصبي» الإيجابيات التي تشملها مسودة الدستور ومنها التأكيد علي الوحدة الوطنية وعدم التمييز بين المواطنين ما يضمن حقوق الأقليات، لافتاً إلي مساواتها بين الرجل والمرأة وحفاظها علي حقوق العمال فضلاً عن إقرار مبدأ الشعب مصدر السلطات. وشدد شيخ المشايخ المعزول، في بيان أصدره لتنفذ أسباب تأييد المسودة النهائية، أن الدستور المعدل يحافظ علي مبادئ الشريعة الإسلامية بخلاف ما يشاع عنه. وبدورها أعلنت حركة «الصحوة الأزرية الصوفية» أنها تتحفظ علي بعض مواد مسودة الدستور، لكنها في الوقت نفسه أكدت عبر بيان نشرته علي حسابها بموقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك»، تصويت أعضائها ب«نعم» عليها، مرجعة ذلك للرغبة في انهاء الفترة الانتقالية والبدء في مرحلة المؤسسات المنتخبة سواء البرلمان أو الرئاسة. وعلي نفس خطي ائتلاف الطرق الصوفية أكدت الحركة بدء حشدها المواطنين في كل المحافظات للتصويت ب«نعم».