لماذا يمنح القانون نسبة 50% من رسوم التقاضي لصالح القضاة؟، لماذا خص القانون القضاة دون غيرهم بنصف الرسوم التي تسدد للمحاكم من المتقاضين؟، لماذا لا يخص القانون سائر المهن بنسبة مماثلة؟، لماذا لا يتم تحصيل نسبة من مصروفات المدارس للمدرسين، والمستشفيات للأطباء، وترخيص البناء والهدد للمهندسين والمقاولين، وفاتورة الكهرباء للعاملين بهيئات الكهرباء، ونسبة من الضرائب للعاملين في مصلحة الضرائب، ونسبة من الطباعة والإعلان والنشر للصحفيين، ونسبة من تذاكر السينما والمسرح للفنانين والمخرجين؟. قبل شهور تلقيت رسالة من أحد القراء طالب فيها الحكومة بإعادة النظر في رسوم التقاضي، مؤكدا زيادتها عن قدرات أغلب المواطنين، وفى نفس الرسالة طالب القارئ الكريم بإلغاء النسبة الخاصة بصندوق القضاة التي يتم تحصيلها مع رسوم التقاضي، حيث تصل قيمتها 50% من قيمة الرسوم التي يسددها المتقاضى. ومنذ أيام وقع بين يدى نص حكم للمحكمة الدستورية العليا رقم 62 لسنة 22 قضائية الصادر فى مارس 2002، الخاص بعدم دستورية المادة الأولى مكررا من القانون رقم 36 لسنة 1975 المعدل بالقانون رقم 7 لسنة 1985 بفرض رسم خاص تؤول حصيلته إلى صندوق الخدمات الصحية والاجتماعية لأعضاء الهيئات القضائية. ووقع بين يدي أيضا مذكرة كان قد رفعها المحامى أيمن إمام عبد الحكيم مهدي، إلى مجلس الشورى يطالب فيها بتعديل القانون 36 لسنة 1975، والقانون 7 لسنة 1985، بحيث يتقاسم المحامون مع القضاة نسبة الرسم المفروضة على المتقاضين. ولأهمية المذكرة وحكم المحكمة الدستورية العليا، عدت إلى القانون رقم 36 لسنة 1975، وتعديله بالقانون رقم 7 لسنة 1985، ولا نعرف هل تم تعديله أم لا؟، واتضح أنه ينص على تخصيص نسبة 50% لصالح صندوق الخدمات الصحية والاجتماعية لأعضاء الهيئات القضائية وأسرهم، وقد نص على التالي: «باسم الشعب.. رئيس الجمهورية.. قرر مجلس الشعب القانون الآتي نصه، وقد أصدرناه: مادة 1- ينشأ بوزارة العدل صندوق، وتكون له الشخصية الاعتبارية تخصص له الدولة الموارد اللازمة. لتمويل وكفالة الخدمات الصحية والاجتماعية للأعضاء الحاليين والسابقين للهيئات القضائية الآتية: (1) القضاء والنيابة العامة. (2) مجلس الدولة. (3) هيئة قضايا الدولة. (4) النيابة الإدارية. وتشمل الخدمات الصحية والاجتماعية أسر أعضاء هذه الهيئات. ويخصص لكل هيئة من هذه الهيئات قسم في موازنة الصندوق. ويصدر بتنظيم الصندوق وقواعد الإنفاق منه قرار من وزير العدل بعد موافقة المجلس الأعلى للهيئات القضائية. مادة 1 مكررا(مضافة بالقانون رقم 7 لسنة 1985) يفرض رسم خاص أمام المحاكم ومجلس الدولة يعادل نصف الرسوم القضائية الأصلية المقررة في جميع الأحوال، ويكون له حكمها وتؤول حصيلته إلى صندوق الخدمات الصحية والاجتماعية لأعضاء الهيئات القضائية. ويعفي نشاط الصندوق وكافة الخدمات التي يقدمها من جميع الضرائب والرسوم. مادة 2- ينشر هذا القانون في الجريدة الرسمية ويعمل به من تاريخ نشره. يبصم هذا القانون بخاتم الدولة وينفذ كقانون من قوانينها». المحكمة الدستورية العليا فى حيثيات رفضها طلب إلغاء الرسم الخاص بصندوق القضاة، أكدت أن المشرع رأى بإنشاء صندوق الخدمات الصحية والاجتماعية لأعضاء الهيئات القضائية مصلحة عامة تتمثل في كفالة استقلال القضاء وحصانة رجاله باعتبارهما ضمانتين أساسيتين لحماية الحقوق والحريات، وذلك بتوفير الراحة النفسية والطمأنينة لحماة العدالة، وكفالة رعايتهم صحيا واجتماعيا هم وأسرهم حتى ينصرفوا لأداء رسالتهم في تحقيق العدل على أكمل وجه» السؤال هذه الحريات والاستقلالية لا تتوفران بإنشاء مشروع علاج خاص برسم اشتراك يخصم من راتب أعضاء الهيئة القضائية؟، ما الذي ينقص من حرية عضو الهيئة القضائية أو يمس استقلاليته عندما يعالج في مشروع خاص بناديه أو بمحكمته أو حتى على نفقة التأمين الصحي؟، لماذا يسدد المواطن البسيط من راتبه ضرائب لمرتب أعضاء الهيئة القضائية ورسوم لعلاجهم هم وأسرهم؟، ولماذا لا يعمم مشروع الرسوم هذا على جميع المهن؟.